النقاط الرئيسية
- انضمام سوريا إلى منصة “بُنى” التابعة لصندوق النقد العربي.
- الخطوة تمثل تحديثًا جوهريًا لأنظمة الدفع والتحويلات المالية.
- اجتماعات في واشنطن تؤكد التوجه نحو الانفتاح والتعاون الاقتصادي الدولي.
سوريا تدخل مرحلة جديدة في أنظمة الدفع الإلكترونية
في تطور لافت يعكس توجه دمشق نحو الانفتاح المالي والتقني، أعلن محافظ مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية انضمام بلاده رسميًا إلى منصة “بُنى” للمدفوعات عبر الحدود، وهي منظومة إقليمية أنشأها صندوق النقد العربي لتسهيل التحويلات المالية بين الدول العربية وشركائها التجاريين حول العالم.
يأتي هذا القرار بعد اجتماع رسمي جمع الحصرية مع الدكتور فهد التركي رئيس صندوق النقد العربي ووزير المالية السوري محمد يسر برنية، حيث تم بحث سبل التعاون الفني وبناء القدرات، إضافة إلى دعم جهود الإصلاح المالي والنقدي في سوريا.
نظام إقليمي يعيد ربط سوريا بالعالم المالي
تُعد منصة “بُنى” أحد أهم مشاريع البنية التحتية المالية في المنطقة، إذ تتيح للمؤسسات المصرفية تنفيذ عمليات الدفع والتسوية بالعملات العربية والعالمية، بشكل فوري وآمن ومنخفض التكاليف.
ويُتوقع أن ينعكس انضمام سوريا إلى المنصة بشكل إيجابي على حركة الأموال والتحويلات، لا سيما في ظل القيود المفروضة على التحويلات الدولية بسبب العقوبات. فالنظام الجديد سيمكن البنوك السورية من التعامل مع نظرائها في المنطقة بكفاءة وسرعة أعلى، ما يُسهل التجارة البينية ويعزز الاستثمارات.
الحصرية وصف هذه الخطوة بأنها “نقلة نوعية في تحديث أنظمة الدفع والتحويلات المالية في سوريا”، مؤكدًا أنها ستفتح الباب أمام خدمات الدفع الفوري وتوسيع استخدام التقنيات المالية الحديثة.
تعاون متزايد مع القطاع المالي العالمي
في موازاة هذه الخطوة، التقى الحصرية أوليفر جينكن، الرئيس التنفيذي لمجموعة فيزا للأسواق العالمية، لبحث فرص دخول الشركة إلى السوق السورية. وناقش الجانبان تطوير البنية التحتية للمدفوعات الرقمية وتسهيل عمليات الدفع الإلكتروني، وهو ما يُعد مؤشرًا إضافيًا على نية دمشق تحديث نظامها المالي وربطه مجددًا بالشبكات المصرفية الدولية.
كما شارك الوفد السوري، برئاسة وزير المالية ومحافظ المصرف المركزي، في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي في واشنطن، حيث عبّر الجانب السوري عن التزامه بسياسات مالية تدعم الاستقرار والنمو، وبالانفتاح على التعاون الدولي.
تحليل وتوقعات مستقبلية
انضمام سوريا إلى منصة “بُنى” يمكن اعتباره إشارة إلى عودة تدريجية نحو الاندماج المالي العربي بعد سنوات من العزلة الاقتصادية. فهذه المنصة قد تشكل بوابة لتسهيل التجارة الإقليمية وتدفق التحويلات المالية من المغتربين السوريين المنتشرين في دول الخليج ومصر والأردن.
كما أن التعاون المحتمل مع شركات عالمية مثل فيزا يعزز فرص التحول نحو اقتصاد رقمي حقيقي، خصوصًا في ظل التوجه الحكومي لتقليل الاعتماد على النقد الورقي وتوسيع الخدمات المصرفية الإلكترونية.
أما على المدى البعيد، فقد يسهم هذا الانفتاح في استعادة الثقة بالقطاع المصرفي السوري وجذب استثمارات في مجالات التكنولوجيا المالية، وهو ما قد يشكل دعمًا ملموسًا لخطط إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي.
كيف سينعكس انضمام سوريا إلى منصة “بُنى” على حياة السوريين اليومية؟
قد تبدو هذه الخطوة للبعض مجرد اتفاق مصرفي تقني، لكنها في الواقع تحمل تأثيرات ملموسة على حياة المواطن السوري في المستقبل القريب. فحين تتصل البنوك السورية بشبكة دفع إقليمية حديثة، تبدأ الخدمات المالية بالتحول من البيروقراطية الورقية إلى السرعة الرقمية.
أولاً، التحويلات من الخارج ستصبح أسهل وأرخص. ملايين السوريين يعتمدون على الأموال القادمة من أقاربهم في الخليج وأوروبا، وغالبًا ما تُقتطع منها عمولات مرتفعة. انضمام سوريا إلى “بُنى” سيسمح للبنوك باستلام هذه التحويلات مباشرة من دول عربية مشاركة، ما يعني وصول الأموال في دقائق وبكلفة أقل.
ثانيًا، الخدمات الإلكترونية ستتوسع داخل البلاد. سيصبح من الممكن دفع الفواتير والرسوم الحكومية وحتى التسوق عبر الإنترنت دون الحاجة إلى وسيط نقدي، الأمر الذي يوفر الوقت ويحدّ من التعاملات غير الرسمية.
أما بالنسبة للتجار وأصحاب الأعمال، فالنظام الجديد يفتح أمامهم قنوات قانونية وآمنة للتحويلات عبر الدول العربية، مما يسهل عمليات الاستيراد والتصدير ويخفض تكاليف التعامل مع الوسطاء.
كما أن هذه التطورات ستُعيد الثقة تدريجيًا بالنظام المصرفي المحلي، وتشجع المواطنين على استخدام الحسابات المصرفية والمحافظ الإلكترونية بدلاً من الاعتماد على السوق السوداء أو التعامل النقدي المباشر.
وفي المدى الأبعد، يمكن أن تمهّد هذه الخطوة لظهور شركات تكنولوجيا مالية سورية تقدم حلول دفع مبتكرة للشباب ورواد الأعمال، ما يعزز فرص العمل والابتكار في الاقتصاد الرقمي.
المصدر:
مصرف سوريا المركزي + صندوق النقد العربي



