المذنب 3I/ATLAS: الزائر القادم من نجم بعيد يقترب من مجموعتنا الشمسية

بينما ينشغل البشر بمشاكل الأرض، تواصل السماء مفاجآتها. ففي يوليو 2025، اكتشف العلماء جرمًا غريبًا يتحرك في الفضاء بسرعة هائلة، لا يتبع مدارًا شمسيًا، ولا ينتمي إلى أي كوكب معروف. أُطلق عليه اسم 3I/ATLAS، وهو ثالث جسم بين نجمي (interstellar object) يزور نظامنا الشمسي بعد “أومواموا” و”بوريسوف”.

ومنذ لحظة اكتشافه، أصبح هذا المذنب موضع دراسة ومتابعة من وكالات الفضاء حول العالم، لأنه قد يحمل أسرارًا من نظام نجمي آخر.

ما هو المذنب 3I/ATLAS؟

المذنب 3I/ATLAS (الاسم الرسمي: C/2025 N1 ATLAS) اكتُشف في 1 يوليو 2025 بواسطة منظومة المسح الفلكي ATLAS في تشيلي. يمتاز بمدار فائق القطع (Hyperbolic orbit)، مما يعني أنه جاء من خارج النظام الشمسي، وسيمرّ مرورًا واحدًا فقط قبل أن يغادر إلى الفضاء العميق دون عودة.

ويعتقد العلماء أنه قادم من منطقة نجمية بعيدة للغاية، ربما من سحابة بين نجمية تجوب مجرة درب التبانة منذ ملايين السنين.

مساره واقترابه من الكواكب

وفقًا لبيانات NASA وESA، مرّ المذنب قبل أسابيع على مقربة من مدار المريخ. ورُصد من قبل المراكب المدارية هناك.

من المقرر أن يصل إلى أقرب نقطة له من الشمس — الحضيض الشمسي (Perihelion) — في أواخر أكتوبر 2025، على بُعد 1.36 وحدة فلكية تقريبًا.
ثم سيقترب من الأرض في ديسمبر المقبل، ولكن من مسافة آمنة جدًا — نحو 1.8 وحدة فلكية (حوالي 270 مليون كيلومتر).

رغم ذلك، سيكون مروره حدثًا نادرًا. إذ يمكن للهواة والعلماء على السواء مراقبته بالتلسكوبات المتقدمة خلال الأسابيع المقبلة.

ماذا نعرف عن تركيبه؟

الصور الملتقطة من تلسكوبات أرضية ومدارية أظهرت ذيلًا طويلًا من الغاز والغبار. يتكوّن نتيجة تسخين نواة المذنب أثناء اقترابه من الشمس. كما كشفت القياسات الطيفية أنه يفقد الماء بسرعة كبيرة جدًا — بمعدل يشبه “خرطومًا مائيًا عملاقًا”، وفق وصف علماء في موقع Live Science.

وهذا السلوك يختلف عن المذنبات العادية، ما جعل بعض الباحثين يصفونه بأنه “إعادة كتابة لما نعرفه عن المذنبات القادمة من نجوم أخرى”.

فرضيات غريبة… وسفينة فضائية؟

وكما حدث مع “أومواموا” سابقًا، أثار 3I/ATLAS أيضًا جدلًا حول احتمالية كونه جسمًا اصطناعيًا.

العالم Avi Loeb من جامعة هارفارد طرح فرضية تقول إن غياب التسارع غير الجاذبي (Non-gravitational acceleration) قد يدل على كتلة غير اعتيادية أو تكوين صناعي محتمل.

لكن وكالة ناسا وفرقًا علمية أخرى أكدت أن كل الدلائل تشير إلى أنه مذنب طبيعي يُظهر سلوكًا متوقعًا نسبيًا. وأن شكله البيضاوي وذيله المتكوّن من الغازات لا يحمل أي مؤشرات صناعية حتى الآن.

أهمية اكتشافه

وجود جسم بين نجمي مثل 3I/ATLAS يمنح العلماء فرصة نادرة لدراسة المادة القادمة من أنظمة شمسية أخرى، وربما فهم كيفية تشكُّل المذنبات في بيئات مختلفة. ويقول الباحثون في ناسا إن دراسة المكونات الكيميائية لهذا المذنب قد تكشف عن تشابه أو اختلاف المواد الأساسية في تكوين الكواكب عبر المجرّة.

من المتوقع أن يبلغ المذنب ذروة لمعانه في ديسمبر 2025، حين يصبح قابلاً للرصد من نصف الكرة الجنوبي بالتلسكوبات. وبعد ذلك، سيغادر حدود النظام الشمسي بسرعة تقارب 40 كيلومترًا في الثانية. تاركًا وراءه أسئلة جديدة عن الزائرين القادمين من أعماق المجرة.

كيف يمكن للهواة تتبعه ومشاهدته من الوطن العربي؟

رغم أن المذنب 3I/ATLAS لن يكون مرئيًا بالعين المجردة، إلا أن الهواة في الوطن العربي يمكنهم تتبّعه باستخدام تلسكوبات صغيرة أو متوسطة الحجم. خصوصًا من المناطق ذات السماء الصافية البعيدة عن التلوث الضوئي.

سيكون أفضل وقت للرصد خلال شهر ديسمبر 2025. من نصف الكرة الجنوبي وبعض المناطق الجنوبية من العالم العربي مثل اليمن، عُمان، وجنوب السعودية.

ويمكن لمحبي الفلك الاستعانة بتطبيقات تتبع السماء مثل Sky Guide أو Stellarium لمعرفة موقع المذنب في الوقت الفعلي ومتابعة مساره أثناء عبوره قرب الشمس.

قسم الأسئلة الشائعة