إعلان

بوابة إلى الماضي: باب بحر

في قلب العاصمة التونسية، حيث تلتقي الأزقة المتعرجة بالمآذن الشامخة، تنبض المدينة العتيقة بتونس بروحها الخاصة خلال شهر رمضان، وتفتح أبوابها للعالم عبر “باب بحر”، الذي يشكل نقطة العبور بين الماضي العريق والحاضر النابض بالحياة.

بمجرد دخولك إلى المدينة العتيقة، تجد نفسك محاطًا بأزقة ضيقة مرصوفة بالحجارة، تصطف على جانبيها الحوانيت التقليدية التي تعرض سلعًا تراثية تعكس هوية المكان. كما تبرز العمارة الحفصية بملامحها الأصيلة من خلال الممرات الضيقة والمنازل ذات الأفنية الداخلية، والتي تحكي قصة تاريخ يمتد لقرون.

أسواق رمضان: ألوان وروائح وزحام

تمتلئ الأسواق التقليدية بالحياة خلال شهر رمضان، حيث تكتسي الدكاكين بأقمشة زاهية، وتتلألأ القطع الفضية والنحاسية تحت أضواء المساء، بينما تفوح رائحة العطور والتوابل لتضفي أجواءً لا تُنسى.

لا يقتصر زوار المدينة العتيقة على السكان المحليين فحسب، بل يتوافد السائحون من مختلف أنحاء العالم للاستمتاع بسحر الأسواق الرمضانية، والتقاط صور تخلد تفاصيل المكان، بدءًا من الزخارف المعمارية وانتهاءً بالمشغولات اليدوية الفريدة.

تضج أسواق المدينة العتيقة بحركة الزائرين القادمين من كل الأرجاء لشراء مستلزماتهم الرمضانية

جامع الزيتونة: قلب المدينة العتيقة

وسط الأسواق، يتربع جامع الزيتونة كمعلم بارز، حيث يعد ثاني أقدم مسجد في تونس بعد جامع عقبة بن نافع بالقيروان. تأسس خلال حكم الحفصيين في القرن الثالث عشر، ويحيط به مجموعة من الأسواق الشهيرة مثل سوق العطارين، سوق النحاس، وسوق الشواشين، التي حافظت على مكانتها عبر العصور.

إعلان

حرفيون يحافظون على روح المدينة

رغم التحديات الاقتصادية، لا يزال العديد من الحرفيين يكافحون للحفاظ على الحرف التقليدية التي تعد جزءًا أصيلًا من هوية المدينة العتيقة.

يجلس محمد مرابط، أحد أقدم الحرفيين، أمام محله المختص في النقش على النحاس، حيث يمارس عمله بإتقان، محولًا ألواح النحاس إلى تحف فنية تحمل أسماء وزخارف عربية أصيلة. يقول محمد:
“رغم التغيرات، يظل النحاس جزءًا من تقاليدنا، وفي رمضان تزداد حركة السوق بفضل الزبائن الباحثين عن أوانٍ نحاسية وديكورات تراثية.

جانب من ثنايا المدينة العتيقة في قلب العاصمة تونس

إبداع يتجدد مع الفخار

من جانب آخر، يهتم كريم الرابحي، تاجر الفخار، بعرض منتجاته بطريقة تجسد أصالة صناعة الفخار التونسية. ويؤكد أن الإقبال على الفخار يزداد خلال رمضان، حيث يسعى الزوار لاقتناء تذكارات تمثل جزءًا من التراث التونسي العريق.

كريم الرابحي يتاجر في الصناعات التقليدية ويعرض قطعه بعناية

ليالي رمضان في المدينة العتيقة

لا تقتصر أجواء المدينة العتيقة بتونس على الأسواق والمهن التقليدية فقط، بل تتحول في رمضان إلى مسرح مفتوح للأنشطة الثقافية والفنية، حيث تنظم العروض الموسيقية والمسرحية ضمن مهرجان المدينة، الذي يضفي بعدًا ثقافيًا على المكان.

وتُكمل المقاهي الشعبية المشهد الرمضاني، حيث يتجمع الزوار لتذوق القهوة العربية والاستمتاع بالحلويات التقليدية، مثل البمبالوني والمقروض، التي تمنح ليالي رمضان طابعًا خاصًا مليئًا بالدفء والأصالة.

تراث عالمي يستحق الاكتشاف

المدينة العتيقة بتونس ليست مجرد موقع تاريخي، بل هي أول مدينة عربية إسلامية في المغرب العربي، يعود تأسيسها إلى ما يقارب 13 قرنًا. وبفضل قيمتها التراثية، تم إدراجها ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي منذ عام 1979، لتظل شاهدة على تاريخ غني يتجدد كل عام، خاصة في أجواء رمضان التي تعيد إليها نبضها الفريد.

المصدر: www.aljazeera.net

شاركها.

منصة شاملة تقدم محتوى متنوعًا يجمع بين الأخبار الحديثة والمدونات التحليلية، بالإضافة إلى إحصائيات دقيقة، واختبارات تفاعلية، ومقاطع فيديو مبتكرة.

إعلان
Subscribe
Notify of
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
تعليقات داخلية
عرض كل التعليقات
إعلان
wpDiscuz
0
0
حابين نسمع رأيك، اترك تعليقك.x
()
x
Exit mobile version