آبل في الصين: قصة نجاح وسط التحديات
تُعتبر الصين واحدة من أكبر الأسواق الاستهلاكية عالميًا بفضل تعداد سكانها الضخم الذي يتجاوز 1.4 مليار نسمة وقوتها الشرائية العالية. لكن في الوقت نفسه، تعد بيئة الأعمال فيها معقدة، خاصةً أمام الشركات الغربية التي تواجه قيودًا صارمة وسياسات رقابية مشددة.
ورغم أن العديد من الشركات الأميركية لم تتمكن من تحقيق النجاح في هذا السوق المحاط بالقيود، فإن آبل استطاعت اختراق هذا الحاجز، بل وتصدرت مبيعات الهواتف الذكية في الصين في فترات عديدة. فكيف تمكنت من ذلك؟
مبيعات آبل في الصين: الصعود والتراجع
أنهت آبل عام 2023 في صدارة مبيعات الهواتف الذكية بالصين بحصة 17.3%، متفوقة على منافسيها المحليين مثل هونور (17.1%) وشاومي (13.2%) وفق تقرير مركز IDC.
لكن بحلول نهاية 2024، تراجعت آبل إلى المرتبة الثالثة بحصة 15% بعد كلٍّ من فيفو (17%) وهواوي (16%)، وفق تقرير “رويترز”.
أسباب تراجع مبيعات آبل
- انتشار الهواتف القابلة للطي: الشركات الصينية مثل هواوي وفيفو تقدّم تقنيات متطورة تتماشى مع تطلعات السوق المحلية.
- تأخر آبل في تقنيات الذكاء الاصطناعي: غياب تقنيات الذكاء الاصطناعي عن أجهزتها في الصين أثّر على جاذبيتها للمستهلكين.
- قرارات حكومية غير مباشرة: في أواخر 2023، منعت بعض الهيئات الحكومية والشركات المدعومة من الحكومة موظفيها من استخدام أجهزة آبل، مما أثر على مبيعات الشركة رغم عدم وجود قرار رسمي شامل بهذا الشأن.
القيود الصينية على الخدمات الرقمية
تمتلك الصين واحدة من أكثر قوانين حماية البيانات صرامةً في العالم، حيث تمنع الشركات الأجنبية من تخزين بيانات المستخدمين خارج البلاد أو مشاركتها مع جهات خارجية.
كما تُلزم الشركات التي تعمل في الصين بإتاحة بياناتها للحكومة عند الطلب، وهو ما دفع العديد من الشركات التقنية الغربية إلى تجنب السوق الصينية، مما خلق فرصة كبيرة لنمو الخدمات المحلية مثل WeChat الذي تفوّق على واتساب في الصين.
بالنسبة لآبل، كانت هذه القيود تمثل تحديًا كبيرًا، حيث تعتمد الشركة على خدماتها السحابية مثل iCloud بشكل أساسي في تشغيل أجهزتها. فكيف تعاملت مع هذا التحدي؟
شراكات استراتيجية: مفتاح النجاح في الصين
لم يكن أمام آبل خيار سوى التعاون مع شركات صينية لضمان استمرار خدماتها داخل البلاد. في يوليو 2018، أعلنت الشركة عن شراكة مع China Telecom وشركة Guizhou-Cloud Big Data Industry Development لاستضافة بيانات مستخدمي iCloud داخل الصين.
هل أثر هذا التعاون على سياسة آبل في حماية الخصوصية؟
لطالما تفاخرت آبل بسياسات الخصوصية الصارمة، لكن امتثالها للقوانين الصينية أثار قلق خبراء الأمن السيبراني، إذ تخضع الشركات الصينية لشروط الحكومة في مشاركة البيانات.
وبعد أكثر من 7 سنوات من نجاح هذه الشراكة، عادت آبل للاعتماد على نفس الاستراتيجية مع خدمات الذكاء الاصطناعي. هذه المرة، لجأت إلى مجموعة علي بابا بدلًا من “ChatGPT” لتوفير خدمات الذكاء الاصطناعي لمستخدميها في الصين، حيث أنشأت نموذجًا محليًا للذكاء الاصطناعي يلائم السياسات الرقابية الصينية.
علاقة آبل والحكومة الصينية: هل تستمر؟
كانت علاقة آبل بالصين قوية لسنوات طويلة، حيث تعتمد على المصانع الصينية في إنتاج معظم أجهزتها، لكن التوترات السياسية والاقتصادية جعلت هذه العلاقة غير مستقرة.
في ظل الضغوط الأميركية للحد من الاعتماد على الصين، بدأت آبل تبحث عن بدائل لمصانعها في مقاطعة تشنغتشو، بينما تسعى الحكومة الصينية إلى تعزيز الاعتماد على المنتجات المحلية، مما يهدد مستقبل آبل في هذا السوق العملاق.
السؤال الآن: هل ستتمكن آبل من إيجاد حلول مبتكرة للحفاظ على مكانتها في الصين، أم أن السوق الصينية ستصبح مغلقة أمامها بشكل تدريجي؟
ختامًا
نجاح آبل في السوق الصينية لم يكن مجرد صدفة، بل نتيجة استراتيجيات مدروسة وشراكات تكتيكية مكنتها من تجاوز العقبات. ومع ذلك، فإن التحديات لا تزال قائمة، خاصةً مع تصاعد المنافسة المحلية والقيود السياسية المفروضة على الشركات الأميركية.
هل ستنجح آبل في الحفاظ على مكانتها، أم أنها ستواجه مزيدًا من التحديات التي قد تعيق نموها في الصين؟ الأيام القادمة ستكشف عن المزيد.
[…] وفقًا للمحلل جيف بو، ستعتمد آبل على تحسينات برمجية وتقنيات الذكاء الاصطناعي لتعويض غياب العدسة الثانية. 📸 الكاميرا الأمامية […]