النقاط الرئيسية
- واشنطن تبحث عقد لقاء جديد بين ترامب وكيم جونغ أون خلال جولة آسيوية مرتقبة.
- كوريا الشمالية تفتح الباب للحوار بشروطها دون التخلي عن السلاح النووي.
- التوازن الإقليمي في شرق آسيا يشهد تحولات عميقة بين الصين وكوريا الجنوبية واليابان.
بينما تستعد واشنطن لترتيب جولة آسيوية للرئيس الأميركي دونالد ترامب الشهر المقبل، كشفت شبكة “سي إن إن” أن الإدارة الأميركية تبحث إمكانية عقد لقاء مباشر بين ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، في خطوة قد تعيد إلى الأذهان مشاهد القمم السابقة بين الزعيمين، لكنها هذه المرة تأتي وسط خريطة إقليمية أكثر توترًا وتعقيدًا.
عودة دبلوماسية القمم الشخصية
منذ قمة سنغافورة عام 2018، ظلّ ترامب يرى في الحوار مع بيونغ يانغ وسيلة لإثبات قدرته على تحقيق “صفقات سياسية غير تقليدية”، بينما استخدم كيم اللقاءات السابقة لتثبيت صورته على المسرح الدولي.
اللقاء الجديد، إن حدث، سيكون الرابع بين الرجلين، وقد يُمهّد لتجديد محاولات الحوار حول الملف النووي الكوري — وهو الملف الذي جُمِّد عمليًا منذ فشل قمة هانوي في 2019.
البعد السياسي الأميركي
من الداخل الأميركي، تأتي هذه الخطوة في لحظة حساسة بالنسبة لترامب، الساعي لإظهار نفسه كرئيس قادر على تحقيق اختراقات خارجية، بينما تواجه إدارته انتقادات بشأن ملفات اقتصادية داخلية.
فكرة “لقاء ترامب وكيم 2025” قد تُسوّق انتخابيًا كـ”عودة القوة الأميركية إلى طاولة التفاوض”، خصوصًا أن ترامب ما زال يعتقد أن الدبلوماسية المباشرة هي طريقه المفضل لتقويض النفوذ الصيني في المنطقة.
لغة بيونغ يانغ بين الود والحذر
من جانبها، تبعث كوريا الشمالية إشارات مزدوجة. ففي تصريحات أخيرة، قال كيم جونغ أون إنه “ما زال يحمل ذكريات طيبة عن ترامب”، مضيفًا أن بلاده مستعدة للحوار إذا توقفت واشنطن عن الإصرار على التخلي عن السلاح النووي.
هذا الموقف يعكس تحولًا في استراتيجية كيم، إذ يسعى لاستخدام الحوار لإعادة تعريف موقع بلاده كقوة رادعة في مواجهة الضغوط الدولية، وليس كدولة منبوذة.
التوازن الإقليمي في شرق آسيا
لكن البعد الأهم يتجاوز شخصيّة ترامب وكيم. فالمعادلة الإقليمية في شرق آسيا تغيّرت جذريًا منذ آخر لقاء بين الزعيمين.
- الصين عززت حضورها العسكري في بحر الصين الجنوبي، وأصبحت الراعي الضمني لبيونغ يانغ في مواجهة الضغوط الغربية.
- كوريا الجنوبية تعيش حالة توازن دقيقة بين واشنطن وبكين، وتخشى أن يؤدي أي تقارب أميركي–شمالي إلى تقويض تحالفها الأمني مع الولايات المتحدة.
- أما اليابان، فتنظر بعين القلق لأي اتفاق محتمل قد يمنح كوريا الشمالية اعترافًا ضمنيًا دون ضمانات لنزع سلاحها النووي، خاصة مع تصاعد تهديد الصواريخ الباليستية الكورية في محيطها.
في هذا السياق، قد يمثل اللقاء المرتقب محورًا جديدًا لإعادة رسم النفوذ في شرق آسيا، بين ثلاثة مسارات: التهدئة الأميركية، والمناورة الكورية، والطموح الصيني المتنامي.
نظرة مستقبلية
إذا تحقق اللقاء، فسيكون أكثر من مجرد حدث بروتوكولي؛ إنه اختبار لمدى قدرة ترامب على موازنة علاقاته بين سيول وبكين وبيونغ يانغ في وقت واحد.
لكن في المقابل، إن فشلت التحضيرات أو تراجعت واشنطن تحت ضغط داخلي أو اعتراض الحلفاء، فستستخدم بيونغ يانغ الحدث لتعزيز روايتها بأن “أميركا لا تريد السلام”.
في كل الأحوال، لقاء ترامب وكيم 2025 قد يعيد خلط أوراق المنطقة من جديد — بين شرق يشتعل بالتحالفات، وغرب يسعى لإثبات أنه ما زال ممسكًا بمفاتيح اللعبة.



