النقاط الرئيسية
- أرقام صادمة: انبعاثات كربون تاريخية وتدهور يفوق إزالة الغابات.
- الأسباب الحقيقية: مزيج الجفاف الشديد مع الأنشطة البشرية المدمرة.
- التكلفة الخفية: التأثير على السكان الأصليين والتنوع البيولوجي.
- الإنذار الأخير: خطر “نقطة التحول” وتداعياتها العالمية.
لم تعد غابات الأمازون مجرد غابة مطيرة نائية، بل هي قلب كوكبنا النابض ومنظم مناخه الرئيسي. لكن اليوم، هذا القلب يرسل إشارة استغاثة واضحة للعالم أجمع. ففي عام 2024، شهدنا موسم حرائق هو الأكثر تدميرًا منذ أكثر من عقدين، لم يحرق الأشجار فحسب، بل أحرق أيضًا جزءًا كبيرًا من أملنا في مستقبل مناخي مستقر. لقد تحولت الحرائق من عارض مقلق إلى تهديد وجودي، يدفع رئة العالم بخطى متسارعة نحو نقطة تحول كارثية قد لا تكون بعدها عودة.
ليس مجرد دخان: انبعاثات كربونية تاريخية وتدهور يفوق إزالة الغابات
لأول مرة في التاريخ المسجل، تجاوز التدهور الناجم عن الحرائق حجم الدمار الناتج عن إزالة الغابات المباشرة ليصبح المحرك الرئيسي لانبعاثات الكربون في الأمازون. الأرقام التي كشفت عنها الدراسات الحديثة صادمة؛ فقد أثرت النيران على 3.3 ملايين هكتار من الغابات، وهي مساحة تفوق مساحة دولة مثل بلجيكا.
والأخطر من ذلك هو حجم الكربون الذي قُذف في الغلاف الجوي. أطلقت حرائق غابات الأمازون ما يقارب 791 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعادل تقريبًا الانبعاثات السنوية لدولة صناعية كبرى مثل ألمانيا. هذه الزيادة، التي تمثل سبعة أضعاف متوسط العامين الماضيين، لا تُظهر مجرد زيادة في عدد الحرائق، بل تحولًا خطيرًا في وظيفة الغابة نفسها؛ فبدلًا من امتصاص الكربون، بدأت أجزاء واسعة منها تتحول إلى مصدر هائل له.
العاصفة المثالية: كيف تضافرت الطبيعة والبشر لإشعال الكارثة؟
ما يحدث اليوم ليس وليد الصدفة، بل هو نتيجة “عاصفة مثالية” تضافرت فيها عوامل طبيعية متطرفة مع أنشطة بشرية مدمرة. من ناحية، أدت ظاهرة “النينو” وتغير المناخ العالمي إلى موجات جفاف وحرارة غير مسبوقة خلال عامي 2023 و2024. ونتيجة لذلك، انخفضت رطوبة التربة ومستويات المياه السطحية، مما حوّل الغابة الرطبة بطبيعتها إلى بيئة قابلة للاشتعال بدرجة مخيفة.
ومن ناحية أخرى، استغل البشر هذه الظروف الهشة. حيث أن الممارسات غير المستدامة، مثل “حرائق الهروب” التي تخرج عن السيطرة، والحرائق المتعمدة لتطهير الأراضي من أجل توسيع مزارع الماشية وفول الصويا، قد صبت الزيت على النار. وهكذا، فإن كل حريق صغير، سواء كان طبيعيًا أو مفتعلًا، أصبح يجد الظروف المثالية للتحول إلى جحيم يلتهم كل شيء في طريقه.
ما بعد الأشجار المحترقة: التكلفة البشرية والتنوع البيولوجي
خلف سحب الدخان والأراضي المتفحمة، تكمن مأساة إنسانية وبيئية عميقة. إذ أن الحرائق لا تدمر الأشجار فقط، بل تهدد وجود 35 تجمعًا للسكان الأصليين في دول مثل البرازيل وبوليفيا، الذين يعتبرون الغابة بيتهم ومصدر رزقهم وهويتهم الثقافية. إنهم يشاهدون أراضيهم ومواردهم تتحول إلى رماد، مما يجبرهم على النزوح ومواجهة مستقبل مجهول.
بالإضافة إلى ذلك، تعد الأمازون موطنًا لواحدة من كل عشرة أنواع معروفة على وجه الأرض. وقد أظهرت الدراسات أن الحرائق الأخيرة أثرت بشكل مباشر على 95% من جميع أنواع الكائنات الحية في الأمازون، ووضعت ما يصل إلى 85% من الأنواع المهددة بالانقراض بالفعل على حافة الهاوية. إنها خسارة لا يمكن تعويضها للتنوع البيولوجي العالمي.
هل اقتربنا من نقطة اللاعودة؟
يحذر العلماء من أن استمرار تدهور رئة العالم بهذا المعدل قد يدفعها قريبًا نحو “نقطة تحول” (Tipping Point). هذه هي العتبة التي تفقد عندها الغابة قدرتها على توليد المطر الكافي للحفاظ على نفسها، فتبدأ بالتحول تدريجيًا وبشكل لا رجعة فيه إلى نظام بيئي جاف شبيه بالـ”سافانا”.
إذا حدث ذلك، فإن التأثيرات ستكون عالمية. لن يؤدي ذلك إلى إطلاق مئات المليارات من أطنان الكربون المخزنة في الغابة فحسب، مما يسرّع من وتيرة الاحتباس الحراري بشكل كارثي، بل سيؤدي أيضًا إلى اضطراب أنماط الطقس وهطول الأمطار في جميع أنحاء الأمريكتين وخارجها. إن مستقبل الأمازون ليس مجرد قضية بيئية إقليمية، بل هو جزء لا يتجزأ من استقرار كوكبنا. الإجراءات الفورية، التي تشمل تعزيز سياسات حماية الغابات، ودعم مجتمعات السكان الأصليين، ومكافحة الأسباب الجذرية لإزالة الغابات، لم تعد خيارًا، بل ضرورة حتمية للبقاء.
قسم الأسئلة الشائعة
ما هو حجم الدمار الذي سببته حرائق الأمازون في 2024؟
أثرت الحرائق على 3.3 ملايين هكتار من الغابات وأطلقت حوالي 791 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعادل انبعاثات ألمانيا السنوية.
ما هو السبب الرئيسي وراء هذه الزيادة الهائلة في الحرائق؟
السبب هو مزيج من الجفاف الشديد الناجم عن تغير المناخ وظاهرة النينو، بالإضافة إلى الأنشطة البشرية مثل الحرائق المتعمدة لتطهير الأراضي للزراعة.
ما هو الخطر الأكبر الذي تواجهه الأمازون الآن؟
الخطر الأكبر هو الوصول إلى “نقطة التحول”، حيث قد تتحول الغابة بشكل دائم إلى نظام بيئي جاف شبيه بالسافانا، مما يطلق كميات هائلة من الكربون ويغير المناخ العالمي.



