السعادة قد تبدأ بيدك
كثيراً منا من يبحث عن وصفات للسعادة، سواء في النجاح المهني أو الإنجاز الشخصي، يلفت آرثر بروكس، أستاذ السياسات العامة في جامعة هارفارد، الأنظار إلى جانب مختلف تمامًا: العطاء. في طرحه العلمي، يؤكد أن التبرع ومساعدة الآخرين ليس فقط فعلًا أخلاقيًا، بل مفتاح حقيقي للشعور بالرضا وتحقيق الذات. فما الذي يجعل العطاء بهذا القدر من القوة؟ وهل يمكن أن يؤثر على دخلنا أيضًا؟
العطاء والسعادة: ماذا يقول العلم؟
تشير الدراسات النفسية الحديثة إلى وجود رابط مباشر بين الكرم الشخصي وزيادة مستويات السعادة. ويذهب بروكس إلى أبعد من ذلك، حين يوضح أن المتبرعين بأموالهم يشعرون بدرجة أعلى من الرضا والكفاءة الذاتية.
أمثلة من الواقع والحياة اليومية
- في تجربة أجريت في جامعة كولومبيا البريطانية، وُزعت مبالغ مالية على مجموعة من الأشخاص، وطلب من نصفهم إنفاقها على أنفسهم، والنصف الآخر على الآخرين. النتيجة؟ الذين أنفقوا المال على الآخرين أبلغوا عن شعور أكبر بالسعادة.
- شخص يعمل في وظيفة عادية ويخصص 5% من دخله شهريًا لدعم تعليم طفل فقير، غالبًا ما يشعر أن لحياته قيمة ومعنى يتجاوز الأمور المادية.
لماذا قد يزيد التبرع من دخلك؟ رؤية اقتصادية
قد تبدو الفكرة غير بديهية، لكن آرثر بروكس يقدم لها تفسيرًا اقتصاديًا لافتًا: الأشخاص الكرماء يكوّنون شبكات علاقات أوسع، ويكسبون ثقة من حولهم، مما يفتح أمامهم فرصًا مهنية واقتصادية.
كيف يحدث ذلك؟
- التبرع يعزز صورة الإنسان الإيجابية في المجتمع.
- الكرم يعكس الثقة في النفس والوفرة، لا النقص.
- الأشخاص الكرماء أكثر عرضة للحصول على فرص شراكات أو ترقية وظيفية.
تأثير العطاء على الصحة النفسية
لا يقتصر الأمر على المال فقط. فحتى العطاء المعنوي – كالاستماع للآخرين أو التطوع – ينعكس بشكل كبير على الحالة النفسية. يُفرز الدماغ مواد مثل الأوكسيتوسين والدوبامين عند مساعدة الآخرين، وهي نفس المواد المرتبطة بالشعور بالحب والسعادة.
كيف تبدأ؟ خطوات بسيطة لتجربة أثر العطاء
أفكار عملية
- ابدأ بتبرع شهري بسيط حتى لو كان قليلًا.
- خصص وقتًا أسبوعيًا للتطوع في مبادرة محلية.
- ادعم صديقًا يمر بفترة صعبة بكلمة طيبة أو مساعدة عملية.
السعادة ليست دائمًا في الأخذ
في ضوء ما طرحه آرثر بروكس، يتضح أن السعادة ليست حكرًا على من يمتلك الكثير، بل على من يعطي ولو القليل. فالعطاء هو علاقة متبادلة مع الحياة: حين تعطي، تعود إليك الراحة النفسية والنجاح بأشكال غير متوقعة. فإذا كنت تبحث عن طريق جديد للسعادة، فربما تبدأه من قلبك ويدك المفتوحة للخير.
ما علاقة العطاء بالسعادة؟
تشير الأبحاث إلى أن العطاء يحفز مراكز السعادة في الدماغ، ويزيد من إفراز هرمونات مثل الدوبامين.
هل يجب أن يكون التبرع كبيرًا ليُشعرني بالرضا؟
لا، حتى التبرعات الصغيرة أو أعمال الخير البسيطة كافية لتعزيز الشعور بالرضا والكفاءة الذاتية.
هل التبرع يؤثر على وضعي المالي؟
بحسب آرثر بروكس، يمكن أن يسهم التبرع في تحسين الدخل على المدى الطويل من خلال تعزيز العلاقات الاجتماعية والفرص المهنية.
هل العطاء يجب أن يكون ماديًا؟
ليس بالضرورة؛ العطاء يمكن أن يكون وقتًا، جهدًا، دعمًا نفسيًا، أو حتى كلمة طيبة.



