النقاط الرئيسية
- فيديو أيتام درارية أثار موجة تعاطف وغضب في الجزائر.
- القانون يمنع الإقامة بعد 18 عامًا دون بدائل واضحة.
- خبراء يدعون إلى برنامج “رعاية ما بعد 18” لضمان الاندماج.
مأساة خرجت من الفيديو إلى ضمير المجتمع
لم يكن الفيديو الذي نشره مجموعة من الشبان في الجزائر مجرد تسجيل عابر، بل تحوّل إلى قضية رأي عام أعادت فتح ملف طال نسيانه: ماذا بعد سن الثامنة عشرة لأبناء دور الأيتام؟
فقد كشف هؤلاء الشباب، المقيمون سابقًا في دار الأيتام بدرارية جنوب العاصمة الجزائرية، عن طردهم بعد بلوغهم سنّ الرشد، تطبيقًا للقانون الذي يمنع استمرار الإقامة بعد عمر 18 عامًا. لكن خلف هذا الإجراء البارد قانونياً، تقف مأساة إنسانية كاملة يعيشها جيل لم يختر ظروفه، ولا يمتلك مأوى أو مورد رزق.
@mohamedbemmessaoud♬ original sound – Mohamed | محمد
فراغ قانوني يتركهم في العراء
القانون الجزائري رقم 15-12 المتعلق بحماية الطفل يضمن الرعاية حتى سن 18 فقط. وبعدها، ينتهي الدعم فجأة.
يقول المحامي فريد صابري إن هذا الإطار القانوني “يترك الشباب في مواجهة الشارع بلا بدائل، ولا يقدّم مسارًا انتقالياً واضحاً نحو الاستقلال”.
وهذا ما جعل الفراغ القانوني يتحول إلى مأساة واقعية؛ إذ يجد الأيتام أنفسهم بلا مأوى ولا عمل ولا سند عائلي.
صرخة الانتماء: “ألسنا أبناء الوطن؟”
في الفيديو الذي أثار الجدل، قال أحد الشبان مخاطبًا الرئيس عبد المجيد تبون:
“ألسنا أبناء الوطن مثلما يقال لنا؟ الخطأ الذي ارتكبه أولياؤنا قد يتكرر بفعل هذه الظروف”.
هذه الجملة وحدها كافية لتلخّص عمق الجرح.
فما يطالب به هؤلاء الشباب ليس فقط السكن، بل الكرامة والاعتراف بانتمائهم للوطن الذي يُفترض أن يكون الأب البديل لهم.
الهلال الأحمر: بين الالتزام القانوني والمسؤولية الأخلاقية
ردّ الهلال الأحمر الجزائري، المشرف على دار الأيتام بدرارية، جاء قانونيًا بحتًا، مؤكدًا أن الإيواء يقتصر على القُصّر فقط.
لكنه أشار أيضًا إلى أن الإدارة “قدّمت المساعدة والتوظيف والإيجار المؤقت لمن غادروا الدار”.
ورغم وجاهة هذا الموقف من الناحية القانونية، إلا أن الشارع رأى فيه برودًا أمام معاناة إنسانية واضحة، معتبرًا أن التعامل مع الأيتام يجب أن يتجاوز النصوص إلى روح القانون.
أخصائيون: التهميش يولد الإقصاء
يرى الأخصائي الاجتماعي عمار بلحسن أن ما يعيشه أبناء دور الأيتام يتطلب تدخلاً عاجلاً، موضحاً أن “حرمانهم من السكن والتعليم بعد سن الرشد يخلق شعوراً بالنبذ، ويهدد اندماجهم في المجتمع”.
ويضيف أن الحل يكمن في تمديد الإقامة المؤقتة داخل الدور أو تخصيص برامج دعم تشمل التدريب المهني، والسكن، والأولوية في فرص العمل.
مشكلة عربية مشتركة
القضية الجزائرية ليست استثناءً؛ فهي مرآة لوضع عربي عام يعاني من ضعف منظومة الرعاية اللاحقة للأيتام. فالكثير من الدول العربية تركز على الطفولة، لكنها تنسى أن هؤلاء الأطفال سيكبرون، وأن الرعاية لا تنتهي عند الثامنة عشرة بل تبدأ من هناك.
نحو إصلاح تشريعي إنساني
تعتزم وزارة التضامن الوطني عقد جلسات لمراجعة القوانين الخاصة بالأيتام بعد سن الرشد، وهي خطوة يُنتظر أن تفتح نقاشًا أوسع حول إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية.
الحل ليس فقط في تمديد الإقامة داخل الدور، بل في إنشاء برنامج “رعاية ما بعد 18”، يربط بين وزارات التضامن والعمل والسكن، ويضمن انتقالًا آمنًا من الرعاية إلى الحياة المستقلة.



