إعلان

الولايات المتحدة ليست أكبر منتج للذهب (158 طن فقط في 2024، خلف الصين وروسيا وأستراليا وحتى كندا)، لكنها أكبر احتياطي ذهبي عالميًا بـ 8,133 طن. هذه المفارقة تفسَّر بعدة عوامل تاريخية واقتصادية وجيوسياسية:

1. إرث تاريخي من “قاعدة الذهب” (Gold Standard)

  • منذ عشرينيات القرن الماضي وحتى سبعينياته، اعتمد العالم على نظام “قاعدة الذهب” حيث كانت كل عملة مرتبطة بالذهب، والدول تخزن الذهب لدعم عملاتها.
  • الولايات المتحدة كانت أكبر اقتصاد صناعي، ومع نهاية الحرب العالمية الثانية امتلكت أكثر من 70% من احتياطي الذهب العالمي، إذ كانت الدول الأوروبية تسدد نفقاتها لأميركا ذهبًا مقابل الأسلحة والغذاء.
  • حتى بعد إلغاء “معيار الذهب” في 1971 على يد نيكسون، احتفظت أميركا بكمية ضخمة من الذهب كجزء من قوتها النقدية.

2. مركزية الدولار الأميركي

  • بعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت العملة العالمية الأساسية هي الدولار، مدعومًا باتفاقية بريتون وودز.
  • احتفاظ أميركا بذهب ضخم (أكبر من أي دولة أخرى) جعل الثقة بالدولار شبه مطلقة.
  • هذا يعني أن الذهب الأميركي هو “ضمانة غير مباشرة” لمكانة الدولار حتى بعد فك ارتباطه بالذهب.

3. سياسة الحفاظ وعدم البيع

  • دول مثل فرنسا أو إيطاليا أو حتى سويسرا قامت ببيع جزء من ذهبها في أوقات الأزمات.
  • الولايات المتحدة، على العكس، نادرًا ما تبيع من ذهبها. فهي تعامل الذهب كـ كنز استراتيجي غير قابل للتفريط، حتى لو كان غير مستخدم مباشرة.

4. مخزون تاريخي يفوق الإنتاج الحديث

  • الإنتاج الأميركي اليوم (158 طن) متواضع مقارنة بالصين (380 طن) أو روسيا (330 طن).
  • لكن الذهب الأميركي المخزن يعود إلى قرن كامل من التراكم، منذ اكتشافات كاليفورنيا (California Gold Rush في القرن 19) وصولًا إلى الحربين العالميتين.
  • هذا يوضح أن “الإنتاج الحالي” ليس العامل الأهم، بل “المخزون التاريخي” وسياسات التخزين.

5. البعد الجيوسياسي والعسكري

  • الذهب في أميركا مخزن أساسًا في Fort Knox بكنتاكي ومستودعات أخرى.
  • بالنسبة للولايات المتحدة، الذهب ليس فقط ثروة اقتصادية بل سلاح جيوسياسي. فهو عنصر ثقة بالدولار في حال انهيار الأسواق العالمية، وأداة ضغط على النظام المالي الدولي.

الخلاصة التحليلية

الولايات المتحدة لا تحتاج لإنتاج المزيد من الذهب كي تحافظ على الصدارة، لأن لديها إرثًا تاريخيًا ضخمًا من تراكم الذهب منذ الحربين العالميتين ونظام “قاعدة الذهب”. الإنتاج الحالي (158 طن) يضيف القليل فقط، لكن سر الصدارة الأميركية بأكبر احتياطي ذهبي عالميًا هو التخزين القديم والسياسات الحذرة التي أبقت الذهب كرصيد استراتيجي.

المفارقة إذن: أميركا لا تنتج الكثير من الذهب اليوم، لكنها تملك أكبر “رصيد ذهبي تاريخي”، وهو ما يجعلها في موقع قوة فريدة، مقابل الصين وروسيا اللتين تراهنان على الإنتاج المستمر لتعزيز مكانتهما.

إعلان
شاركها.

منصة شاملة تقدم محتوى متنوعًا يجمع بين الأخبار الحديثة والمدونات التحليلية، بالإضافة إلى إحصائيات دقيقة، واختبارات تفاعلية، ومقاطع فيديو مبتكرة.

إعلان
Subscribe
Notify of
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
تعليقات داخلية
عرض كل التعليقات
إعلان
wpDiscuz
0
0
حابين نسمع رأيك، اترك تعليقك.x
()
x
Exit mobile version