عصر الهواتف الذكية رافقنا لأكثر من 17 سنة، وأصبح امتدادًا لأيدينا وحافظًا لذاكرتنا الرقمية. ولكن، مع صعود الأجهزة القابلة للارتداء – خصوصًا نظارات الواقع المعزز (AR) – يتساءل كثيرون: هل سينتهي عصر الهواتف الذكية؟ سؤالٌ يتكرّر في المؤتمرات التقنية ومع طوابير المستخدمين أمام متاجر آبل وميتا. في هذا المقال سنبحث أحدث الأرقام، آراء الخبراء، والتجارب العملية لنقدّم صورة متوازنة حول ما ينتظرنا.
عصر الهواتف الذكية في منعطف جديد
رغم الحديث المستمر عن التشبع، سجّلت شحنات الهواتف الذكية نموًا بلغ 6.4% عام 2024 وفق أحدث تقارير IDC. هذا الرقم يؤكد أن عصر الهواتف الذكية لم يتوقف بعد، لكنه يلمّح إلى سوقٍ ناضج يصعب فيه تحقيق قفزات ثورية مثل تلك التي شهدناها بين 2007 و2015. علاوة على ذلك، أصبحت الابتكارات تدريجية: تحسين كاميرات، أسرع معالجات، بطاريات أطول. لذلك يبحث المصنعون عن منفذٍ جديد للنمو، وهنا تدخل نظارات الواقع المعزز.
الأجهزة القابلة للارتداء: هل هي الوريث الشرعي؟
على الطرف الآخر، تتوقع دراسة Globe Newswire أن تصل مبيعات النظارات الذكية إلى 90 مليون وحدة بحلول 2030، بينما ترجّح Counterpoint Research نموًا سنويًا بمعدل 60% حتى 2029 بفضل نجاح نظارات Ray-Ban Meta الذكية. هذه الأرقام تشير إلى زخمٍ كبير، لكن الأرقام وحدها لا تكفي لتتويج الوريث.
أمثلة حية على تبني الواقع المعزز
- آبل Vision Pro: رغم الضجة الإعلامية، بلغت مبيعاتها نحو 370 ألف وحدة في أول ثلاثة أرباع 2024، ما دفع البعض لاعتبارها جهازًا “فاخرًا” أكثر من كونه بديلًا للهاتف.
- نظارات Ray-Ban Meta: بتصميمها الخفيف وعدساتها الشفافة، مكّنت المستخدمين من تصوير فيديوهات قصيرة وبث مباشر دون رفع الهاتف كل مرة. نتيجة لذلك، تصدّرت سوق النظارات الذكية عام 2024.
- تطبيقات المؤسسات: في قطاع اللوجستيات تستخدم DHL نظارات AR لإرشاد العاملين في المخازن، ما خفّض الأخطاء اللوجستية بنحو 40%.
اقرأ أيضاً: مقارنة بين نظارات ميتا، غوغل وآبل
لماذا قد ينتهي عصر الهواتف الذكية؟
- تحرير اليدين والرأس مرفوع: على سبيل المثال، تلغي نظارات AR الحاجة للنظر المتكرر للأسفل، ما يقلل “إدمان التمرير”.
- تكامل الذكاء الاصطناعي الصوتي: بفضل المساعدات الصوتية القائمة على نماذج GPT، يستطيع المستخدم تنفيذ المهام عبر الأوامر الشفهية؛ وبالتالي يقل اعتماد الشاشة.
- شاشات افتراضية بلا نهايات: تعرض النظارات شاشات بحجم سينمائي أمام عينيك، في الواقع، وهذا يزيل قيد الحجم الفيزيائي للهاتف.
عقبات تُبقي الهواتف معنا قليلًا
مع ذلك، يواجه هذا التحول تحديات:
- السعر والبطارية: حتى الآن، يزيد ثمن معظم النظارات المتقدمة عن 1000 دولار، بينما تدوم البطارية بضع ساعات فقط.
- الخصوصية والأمان: بالرغم من ذلك، تثير الكاميرات المدمجة مخاوف المتاجر والمدارس.
- التشريعات والانسجام الاجتماعي: من جهة أخرى، ما تزال بعض الدول تمنع استخدام عدسات تصوير في الأماكن العامة.
سيناريوهات المستقبل: تكامل أم إحلال؟
في مقابلة مع Forbes، يرى مارك زوكربيرغ أن النظارات الذكية ستستبدل الهاتف في نهاية المطاف، بينما ستبقى خوذات الواقع المختلط مثل Vision Pro على المكتب لتحل مكان الحاسوب. غير أن السيناريو الأقرب هو التكامل المرحلي:
- السنوات 3-5 المقبلة: استعمال مزدوج؛ النظارة لالتقاط الصور السريعة والتنبيهات، والهاتف للمهام الثقيلة.
- السنوات 5-10: تطور البطاريات يجعل النظارة جهازك الرئيسي، بينما يتحول الهاتف إلى “وحدة معالجة” تُحمل في الجيب أو تُدمج في ساعة معصم.
- بعد 2035: قد يبدأ مصطلح “الهاتف” بالتلاشي مع اندماج الاتصالات والواقع المعزز في عدسات لاصقة ذكية.
هل يقترب الوداع حقًا؟
أخيرًا، عصر الهواتف الذكية لا ينتهي بضغطة زر، لكنه يدخل مرحلة دمج مع عالمٍ ترتديه لا تحمله. بالرغم من التحديات، تدفعنا الابتكارات والتجارب المؤسسية—من المخازن إلى غرف المعيشة—إلى واقعٍ تذوب فيه الحدود بين العالم الرقمي والمادي. وبالتالي، من الحكمة للمستخدمين والمطورين وصناع المحتوى الاستعداد لتجارب لا تُقاس بحجم الشاشة، بل باتساع الرؤية.
أسئلة وأجوبة متداولة:
متى سينتهي عصر الهواتف الذكية؟
من المبكر تحديد تاريخٍ قاطع، لكن التقارير تتوقع نقطة تحول في النصف الثاني من ثلاثينيات هذا القرن عندما تتفوق مبيعات الأجهزة القابلة للارتداء على الهواتف.
هل تحل نظارات الواقع المعزز محل الهاتف بالكامل؟
ربما، ولكن على مراحل. في الواقع، تتوقع Counterpoint Research تبنيًا تدريجيًا مع تكامل الذكاء الاصطناعي والاتصال السحابي.
كم سيبلغ عدد النظارات الذكية المباعة في 2030؟
تشير توقعات Globe Newswire إلى 90 مليون زوج عالميًا.