الأربعاء, أكتوبر 8, 2025
إعلان

في أكتوبر 2025، أثار نجم يوتيوب الشهير مستر بيست (Jimmy Donaldson) ضجة كبيرة عندما نشر تحذيرًا علنيًا على وسائل التواصل الاجتماعي تصف فيه المرحلة الراهنة بأنها “أوقات مخيفة” لصنّاع المحتوى بسبب التطور السريع في أدوات الذكاء الاصطناعي التي تولّد مقاطع فيديو مشابهة للفيديوهات التي ينتجها البشر.

وهذا التحذير لم يأتِ من فراغ؛ فالتكنولوجيا التي كانت في السابق مجالًا للتجارب المستقبلية باتت تُنفّذ اليوم على نطاق واسع، مع تداعيات ملموسة على مئات ملايين من المبدعين الرقميين حول العالم.

في هذا المقال، نسلط الضوء على:

  1. الخلفية التقنية التي تدعم هذا التحذير
  2. الإحصائيات والتوجهات العملية التي تُظهر مدى انتشار الذكاء الاصطناعي بين المبدعين
  3. التحديات الحقيقية التي يواجهها صانعو المحتوى
  4. الفرص التي قد تنشأ رغم المخاطر
  5. وجهة نظر: بناء على المعطيات
  6. خاتمة تتضمّن نظرة مستقبلية لصناعة المحتوى

التحديات والفرص في عصر المحتوى المُولَّد آليًا

1. لماذا يخشى مستر بيست؟

مستر بيست يُعدّ واحدًا من أنجح صُنّاع المحتوى في العالم، وقد حقق أرباحًا هائلة وجماهيرية ضخمة. لكن رغم ذلك، فإنه ينبه إلى أن هذا النجاح لا يجعله بمنأى عن تأثير التكنولوجيا الجديدة. تساءل: ماذا سيحصل لصنّاع المحتوى عندما تصبح الفيديوهات المولَّدة آليًا بنفس جودة الفيديوهات البشرية؟

وفي سياق ذي صلة، سبق أن أغلق مستر بيست أداة لإنشاء صور مصغّرة (thumbnails) باستخدام الذكاء الاصطناعي بعد موجة من الانتقادات، وبدلها برابط لفنانين فعليين، معترِفًا بأنه “أخطأ في التقدير.”

إعلان

إن تصريحاته تعبّر عن خوف يُشاركه عدد كبير من المبدعين: كيف يمكن التفوّق بالإبداع الحقيقي في ظل منافسة من آلات تنتج بسرعة وبتكلفة منخفضة؟

2. انتشار الذكاء الاصطناعي بين المبدعين: أرقام وتحولات

  • وفقًا لمسح من Wondercraft، حوالي 83٪ من صُنّاع المحتوى يستخدمون الذكاء الاصطناعي في جزء أو كل سير عملهم، بين كتابة النصوص أو تعديل الصوت أو الفيديو.
  • تقرير GrandView Research يُشير إلى أن حجم سوق الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى بلغ نحو 14.84 مليار دولار في 2024، ومن المتوقع أن ينمو بمعدّل سنوي مركّب يصل إلى 32.5٪ حتى عام 2030.
  • أما في قطاع توليد الفيديو بالذكاء الاصطناعي، فيتوقع أن ينمو السوق من حدود 554.9 مليون دولار في 2023 إلى ما يقارب 1.96 مليار دولار في 2030، بمعدل نمو سنوي حوالي 19.9٪.
  • استثمارات ضخمة تُضخّ في الشركات الناشئة في مجال الفيديو الذكي، مثل رفع Runway وSynthesia لتسهيل إنتاج الفيديوات عبر الذكاء الاصطناعي بسرعة وكفاءة.
  • بعض الخبراء يتوقعون أن ما يصل إلى 90٪ من المحتوى الرقمي على الإنترنت بحلول 2026 سيكون مولَّدًا صناعيًا بأي شكل من الأشكال.

هذه الأرقام تعكس أن التحوّل ليس نظريًا أو مستقبليًا فقط، بل هو واقع يشهد تسارعًا في هذه اللحظة.

3. أبرز التحديات أمام صُنّاع المحتوى

أ. المنافسة بالسرعة والتكلفة

آلات الذكاء الاصطناعي قادرة على إنتاج فيديو، نص أو صورة في دقائق، بينما العمل البشري قد يتطلب أيامًا أو أسابيع. هذا يضع المبدعين تحت ضغط تنافسي هائل، حيث قد يختار البعض المحتوى الأرخص والأسرع حتى ولو كان أقل جودة.

ب. فقدان الثقة والمصداقية

استخدام الذكاء الاصطناعي دون الإفصاح عنه قد يضرّ بعلاقة المتابع مع المبدع. الجمهور قد يشعر بأن المحتوى “مزوَّر” أو بلا روح، مما يُضعف المصداقية على المدى الطويل.

ج. حقوق الملكية والإبداع الأصلي

يُثار جدل كبير حول ما إذا كان الذكاء الاصطناعي يقتبس أو يعيد استخدام أعمال فنية محفوظة الحقوق دون إذن. هذا يضع المبدعين في صراع قانوني وأخلاقي حول من يمتلك الفكرة أو التنفيذ النهائي.

د. التشبّع وفقدان التميّز

إذا أصبح من السهل إنتاج أي محتوى بأي موضوع بضغطة زر، فكيف تبرز بين مئات الآلاف من الفيديوهات المولَّدة؟ الإبداع الأصيل قد يكون هو العنصر القليل المتبقي الذي لا يمكن للآلة تقليده بالكامل.

4. الفرص التي لا يجب تجاهلها

أ. الشراكة بين الإنسان والآلة

بدلًا من أن يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي كمنافس، يمكن استثماره كأداة مساعدة: لتسريع المهام الروتينية، اقتراح أفكار، تحسين الجودة أو حتى تحرير أولي، بينما يبقى العنصر الإبداعي البشري هو المحرك الفعلي.

ب. محتوى متخصص وعميق

الذكاء الاصطناعي يتفوّق في المحتوى العام أو المحتوى السطحي، لكن الأفكار ذات البصمة الشخصية، الرؤى الفريدة، الخبرات الميدانية، والتجارب الحية تبقى المجال الذي يصعب على الآلة اختراقه بالكامل.

ج. الشفافية والتميّز كقيمة مضافة

المبدع الذي يعلن بوضوح أنه يستخدم أدوات AI بطريقة مسؤولة، ويُبرز القيمة المضافة التي يُضفيها هو، قد يكسب ثقة الجمهور ويتميّز.

د. نماذج الربح الجديدة

مع المنتَجات الآلية، قد تنشأ طرق جديدة للربح مثل اشتراكات للوصول إلى محتوى “بشري أصيل”، أدوات حصرية، دورات تعليمية حول الكيفية المتوازنة لاستخدام AI، وغيرها.

تحليل مبني على المعطيات

أرى أن ما يعيشه صُنّاع المحتوى الآن يشبه ولادة حقبة جديدة في الصناعة؛ إنها لحظة تحوّل، لا زوال كامل للمبدعين. نعم، الذكاء الاصطناعي يفرض تغييرًا جذريًا في الأجور والتوقعات والقوى السوقية، لكن الذي سينجو هو من يتعلم كيف يستخدمه لصالحه، وليس ليحل محله.

أعتقد أن المبدعين الذين يطوّرون “علامة شخصية قوية، صوت مميز، تفاعل حقيقي مع الجمهور، ومصداقية” سوف يخرجون من هذا العصر أقوى، بينما من يعتمد فقط على الكمّ بدون القيمة سيتضاءل دوره. علاوة على ذلك، ستكون الشفافية والإفصاح عن استخدام AI مسألة أساسية للحفاظ على الثقة.

في نفس الوقت، أرى أن المنصات نفسها — مثل يوتيوب، تيك توك، وشركات مثل OpenAI — ستلعب دورًا محوريًا من خلال سياساتهم: كيف يدمجون AI داخل أدواتهم، كيف يضمون نظام تعويض لحقوق المبدعين الأصليين، وهل سيوفّرون آليات الكشف أو التصنيف بين المحتوى البشري والمولَّد آليًا، أم لا.

نظرة مستقبلية: ماذا نتوقع؟

  • مع النمو المتوقع للسوق، سيصبح توليد الفيديو بالذكاء الاصطناعي صناعة بمليارات الدولارات.
  • قد تُطبّق منصات مثل OpenAI آليات تحكّم دقيقة لحقوق الملكية، وربما نظام مشاركة إيرادات مع أصحاب الحقوق الذين يسمحون باستخدام أعمالهم في النماذج الآلية. بالفعل أعلم أن OpenAI تعهدت بمنح “تحكّم أدقّ” لصنّاع المحتوى في أداة Sora 2.
  • سيزداد الطلب على المحتوى الفاخر، الشخصي، الذي يجذب جمهورًا “باحثًا عن الإنسان” أكثر من الآلة.
  • قد يرى بعض صُنّاع المحتوى تنقلًا نحو تقديم خدمات استشارية أو تعليمية بدلاً من التركيز فقط على الإنتاج.
  • وأخيرًا، ستظهر أدوات تقييم ومراقبة جودة و”أصالة المحتوى” — حيث تعتمد المنصات خوارزميات لكشف المحتوى المولَّد آليًا أو التمييز بينه وبين المحتوى البشري.

المصادر:

  • Business Insider
  • Reuters
  • Times of India
  • Grand View Research
  • Digiday
  • Forbes
  • The Living Library


قسم الأسئلة الشائعة

هل سيختفي دور صانع المحتوى البشري تمامًا؟
لا، من غير المرجّح أن يختفي بالكامل. لكن دوره سيتحوّل إلى مبدع استراتيجي يوجّه الذكاء الاصطناعي ويضيف اللمسة الشخصية.
هل يُلزَم المبدع بالكشف عن استخدام الذكاء الاصطناعي؟
في رأيي، نعم — الشفافية ستصبح معيارًا مهمًا لكسب المصداقية والحفاظ على ثقة الجمهور.
ما هي المهارات التي يجب أن يطوّرها صانع المحتوى الآن؟
من المهم تعلم مهارات مثل: استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، التفكير الإبداعي الفريد، التحرير النهائي، بناء الشخصية الرقمية، والتفاعل مع الجمهور.
هل يمكن أن تُسدّ فجوة الدخل بسبب المحتوى الآلي؟
نعم — قد تنشأ نماذج دخل جديدة مثل الاشتراكات المميزة، الكورسات، الخدمات الاستشارية، ونُظم مشاركة الإيرادات مع المنصات.
ما الذي تفعله المنصات مثل YouTube وOpenAI لدعم المبدعين؟
منصات مثل OpenAI بدأت بطرح أدوات مثل Sora 2 مع تحكّم أكبر لحقوق المنشئين، وربما تشارك في إيرادات الاستخدام.

شاركها.

أكتب بشغف عن التكنولوجيا والعلوم وكل ما هو جديد ومثير في عالم الابتكار. أشارك مقالات تهدف إلى تبسيط المفاهيم الحديثة وجعل المعرفة في متناول الجميع.

إعلان
Subscribe
Notify of
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
تعليقات داخلية
عرض كل التعليقات
إعلان
wpDiscuz
0
0
حابين نسمع رأيك، اترك تعليقك.x
()
x
Exit mobile version