تحطم الطائرة ليس مجرد عنوان مثير؛ إنه سيناريو نادر لكنه يثير أسئلة وجودية. لذلك، ومنذ أول رحلة جوية، عمل الخبراء على دراسة ما يحدث للجسم في أسوأ اللحظات حتى يطوّروا أذكى معايير السلامة. في السطور الآتية سنشرح بلغةٍ بشريةٍ، وبأمثلةٍ واقعية، كيف يتعامل جسدك مع الصدمة، ولماذا تساعد المقاعد الحديثة على خفض الوفيات، وما الذي يمكنك فعله لزيادة فرص النجاة.
تحطم الطائرة ومعضلة «الصدمة العنيفة»
عندما يقع تحطم الطائرة، لا يكون الحريق أو الغرق هو القاتل الأول، بل الان deceleration المفاجئ. فور الارتطام، يندفع الجسم للأمام بقوة قد تتجاوز 45 g، لذا:
نوع الإصابة | النسبة التقريبية | التفسير العملي |
---|---|---|
كسور الصدر والعمود الفقري | 80 % | ضغط الأحزمة والمقعد على الصدر يفتت الأضلاع ويضغط القلب |
تمزق القلب أو الشريان الأورطي | 50 % و 35 % | القلب يُسحق بين القص والعمود الفقري بينما يتمزق الأورطي عند نقطة الثبات في الصدر |
إصابات دماغية | 66 % | اندفاع الرأس نحو المقعد الأمامي أو نحو أمتعة متطايرة |
نزيف الكبد أو الطحال | > 65 % | الأعضاء الرخوة ترتطم بالقفص الصدري مثل البيضة داخل علبة فولاذية |
مثال واقعي: في حادث طائرة تركية عام 2009 بمدرج أمستردام، نجا 126 من أصل 135 راكبًا رغم تفكك جسم الطائرة؛ كان السر هو انخفاض سرعة الارتطام واستخدام الركاب لوضعية الانبطاح الأمامي فور التحذير.
علاوة على ذلك، أثبت كولين أن حزام الخصر قد يمزق الأمعاء الدقيقة إذا التف الجذع حوله. لذلك طُوِّرت أحزمة ذات نقاط تثبيت متعددة في قمرة الطيار لتوزيع القوة.
تحطم الطائرة وموقع المقعد: هل الخلف أكثر أمانًا؟
تشير دراسة «Popular Mechanics» إلى أن الركاب في الصفوف الخلفية يملكون احتمال بقاء أعلى بـ 40 % مقارنة بالمقاعد الأمامية. ومع ذلك، يرى خبراء حديثون أن القرب من أبواب الطوارئ يختصر زمن الإخلاء ويزيد فرص النجاة. لذلك:
- اختر مقعدًا خلف الأجنحة أو بجوار مخرج، لأن مركز الثقل يمنع التفكك الفوري.
- انتبه لإرشادات الطاقم؛ إذ وُثِّق بقاء جميع ركاب رحلة JAL 516 عام 2024 بعد اشتعال جسم الطائرة لأنهم تركوا الأمتعة وخرجوا في 90 ثانية.
- أحزمة الكتف المدمجة في بعض مقاعد الدرجة الأولى الخلفية تقلل إصابة العنق بنسبة 25 % وفق محاكاة «NTSB».
كيف تطوّرت معايير السلامة بعد كل تحطم طائرة؟
على الرغم من زيادة حركة السفر بنسبة 24 % بين 2019-2024، بقي معدل الحوادث القاتلة 0.06 لكل مليون رحلة فقط. ويرجع الفضل إلى:
- خامات مقاعد تمتص الصدمة: مقاعد «16 g» الحديثة تنثني قبل أن تنهار العظام.
- هياكل مركّبة تتفكك تدريجيًا لامتصاص الطاقة بدلاً من تحطيم المقصورة فورًا.
- الصندوق الأسود المُحسَّن الذي يسجل 25 ساعة بيانات بدلاً من ساعتين فقط، ما يسهِّل على المحققين التعرّف على نقاط الضعف.
- مبادرة IOSA التي قلّصت الحوادث لدى شركات الطيران المسجلة فيها إلى 0.84 حادث لكل مليون رحلة، أي أقل بثلاث مرات من الشركات غير المسجلة.
خاتمة
ختامًا، يظل تحطم الطائرة حدثًا استثنائيًا، لكن فهم آلية الإصابات وطبيعة الصدمة العنيفة يمنحنا – ركابًا ومهندسين – خارطة طريق لتحسين النجاة. وبينما تتقدم التقنيات ويزداد وعي المسافرين، يصبح الطيران أكثر أمانًا عامًا بعد عام؛ ومع ذلك، يبقى التزامك بإرشادات الطاقم واختيار مقعد مدروس خط دفاع أول لا يُستهان به.
المصدر: تقرير المحقق البريطاني توني كولين (2004) + بيانات IATA 2024
أسئلة شائعة حول تحطم الطائرة
س: هل وضعية «الانبطاح الأمامي» حقًّا تقلل الإصابات؟
ج: نعم. هذه الوضعية تبعثر القوة على كامل الظهر والفخذين بدل تركيزها على الصدر والرقبة.
س: ما سرعة الارتطام التي يمكن للإنسان تحمّلها؟
ج: بقاء البشر مُمكن حتى 20 g لبضع أجزاء من الثانية؛ ما يتجاوز ذلك يسبب تمزق الأعضاء وفقدان الوعي اللحظي.
س: هل يمكن أن تشتعل الطائرة دائمًا بعد التحطم؟
ج: ليس بالضرورة. بيانات IATA 2024 أظهرت أن 19 % فقط من الحوادث القاتلة تضمنت حريقًا بعد الارتطام.
س: لماذا لا تعتمد كل شركات الطيران على مقاعد معكوسة للركاب؟
ج: الوزن الإضافي وتكاليف التعديل تمنع ذلك، رغم أن المقعد المعكوس يقلل إصابة الرأس بنحو 30 %.