في عالم مهووس بالملكية والثروة المادية، ماذا لو قيل لك إن أغلى الأصول الرقمية في العالم كان ملكك لدقيقة واحدة؟ هذا ليس سيناريو من فيلم خيال علمي، بل هي القصة الحقيقية التي عاشها سانماي فيد، الموظف السابق في جوجل، في ليلة غيرت مفهوم الكثيرين للثروة والنجاح.
ليلة لم تكن كغيرها: صدفة تكشف المستحيل
في إحدى ليالي سبتمبر عام 2015، كان سانماي فيد، الذي كان يتابع دراسته للحصول على ماجستير إدارة الأعمال آنذاك، يتصفح خدمة “Google Domains” بدافع الفضول المحض. وخلال تجوله الرقمي، قرر أن يكتب اسم النطاق الأبعد عن كل التوقعات: “Google.com”. كانت النتيجة مفاجأة صاعقة؛ إذ أظهر النظام أن النطاق متاح للشراء!
في البداية، ظن فيد أن الأمر مجرد خطأ تقني أو مزحة من النظام. ولكن، مدفوعًا بفضوله كباحث أمني، قرر المضي قدمًا. أضاف النطاق إلى عربة التسوق، وأدخل بيانات الدفع الخاصة به، وضغط على زر الشراء وهو لا يتوقع شيئًا. ولكن، تمت المعاملة بنجاح. مقابل 12 دولارًا فقط، أصبح سانماي فيد المالك الشرعي لـ “Google.com”.
وفجأة، تحولت لوحة التحكم الخاصة به إلى مركز قيادة لأهم بوابة في عالم الإنترنت. بدأت رسائل البريد الإلكتروني تتدفق على حسابه، مؤكدة عملية الشراء ومانحة إياه صلاحيات المالك. لدقيقة واحدة، كان العالم الرقمي بين يديه.
دقيقة من الملكية وضجة عالمية
لم تدم لحظة الانتصار طويلاً. فبعد حوالي ستين ثانية، أدركت أنظمة جوجل الآلية الخطأ الكارثي، وقامت بإلغاء عملية الشراء على الفور، مع إعادة مبلغ 12 دولارًا إلى حساب فيد. لكن القصة كانت قد بدأت للتو.
بمجرد أن شارك سانماي فيد تجربته على شبكة “لينكد إن”، انفجر الخبر كالنار في الهشيم. تناقلت وسائل الإعلام التقنية العالمية، من “TechCrunch” إلى “Business Insider”، القصة المذهلة تحت عناوين براقة. أصبح “الرجل الذي اشترى جوجل” حديث الساعة على منصات التواصل الاجتماعي. لقد لامست القصة وترًا حساسًا لدى الجمهور؛ فهي تمثل حلم “دافيد وجالوت” في العصر الرقمي، حيث تمكن فرد واحد، عن طريق الصدفة، من امتلاك حصن أكبر شركة تكنولوجية في العالم. تفاعل الناس بشكل هائل، معبرين عن دهشتهم وإعجابهم بصدق فيد في كشف الثغرة بدلاً من محاولة استغلالها.
من مكافأة إلى درس في العطاء
أدركت جوجل بسرعة حجم الثغرة الأمنية التي كشفها فيد عن غير قصد. لذلك، تواصلت معه لتقديم مكافأة مالية تقديرًا لروح المسؤولية التي تحلى بها. في البداية، عرضت الشركة على فيد مكافأة قدرها 6,006.13 دولارًا، وهو رقم يحمل لمسة طريفة، حيث يمكن قراءته ككلمة “Google” بالأرقام. وهنا، وصلت القصة إلى ذروتها الأخلاقية.
بدلاً من قبول المبلغ لنفسه، طلب سانماي فيد توجيه المكافأة بالكامل إلى مؤسسة “فن الحياة” (Art of Living India)، وهي منظمة غير ربحية توفر التعليم للمناطق الفقيرة في الهند. كان هذا القرار هو ما حوّل القصة من حادثة تقنية طريفة إلى درس إنساني عميق. وعندما علمت جوجل بنيته النبيلة، لم تكتفِ بتلبية طلبه، بل قامت بمضاعفة مبلغ المكافأة ليصل إلى أكثر من 12,000 دولار، مؤكدةً أن العطاء هو القيمة الأسمى.
الثروة الحقيقية: ليست بما تملك، بل بما تقدمه
في نهاية المطاف، لم تكن قصة سانماي فيد تدور حول امتلاك “Google.com“. لقد كانت تدور حول الاختيار. كان بإمكانه أن يحاول ابتزاز الشركة، أو أن يبيع القصة لتحقيق شهرة شخصية. لكنه اختار طريقًا مختلفًا تمامًا.
لقد أثبت بقراره أن القيمة الحقيقية لا تكمن في حيازة الأشياء، حتى لو كانت أغلى نطاق في العالم، بل في التأثير الإيجابي الذي نتركه. علاوة على ذلك، أظهر أن الثروة الحقيقية تُقاس بما نقدمه للآخرين، لا بما نجمعه لأنفسنا. إن دقيقة الملكية تلك كانت ستُنسى مع مرور الوقت، ولكن أثر تبرعه سيستمر في تغيير حياة الكثير من الأطفال من خلال التعليم.
وهكذا، علمنا سانماي فيد درسًا بسيطًا وعميقًا في آن واحد: أحيانًا، تكون أغلى الأشياء في الحياة ليست تلك التي نشتريها بالمال، بل تلك التي نتخلى عنها من أجل قضية أسمى.
أسئلة متداولة حول سانماي فيد:
1. من هو سانماي فيد؟
سانماي فيد هو باحث في مجال الأمن السيبراني وموظف سابق في جوجل، اشتهر بشرائه اسم النطاق “Google.com” عن طريق الخطأ لمدة دقيقة واحدة في عام 2015.
2. كم دفع سانماي فيد لشراء نطاق Google.com؟
دفع مبلغ 12 دولارًا أمريكيًا فقط من خلال خدمة “Google Domains” قبل أن يتم إلغاء العملية.
3. ماذا فعل سانماي فيد بالمكافأة التي قدمتها جوجل؟
طلب توجيه المكافأة بالكامل للتبرع لصالح مؤسسة “فن الحياة” التعليمية في الهند، والتي تركز على توفير التعليم للمناطق المحرومة.
4. لماذا ضاعفت جوجل المكافأة؟
عندما علمت جوجل بنية سانماي فيد التبرع بالمكافأة، قررت مضاعفة المبلغ تقديرًا لروحه الإنسانية ونزاهته، ودعمًا للقضية الخيرية التي اختارها.
