إعلان

في عالمنا الحديث، أصبح السكر ضيفاً دائماً على موائدنا، مختبئاً في معظم الأطعمة والمشروبات المصنعة. ومع ذلك، خلف حلاوته الظاهرية يكمن تهديد خطير. ففي الواقع، يتفق كبار الخبراء حول العالم على أن خطر السكر على الصحة ليس مجرد مسألة سعرات حرارية زائدة، بل هو أعمق وأخطر من ذلك بكثير. دعنا نتعمق في الأسباب التي تجعل من هذا المكون الشائع “سماً أبيض” يهدد حياتنا.

“السكر سم قاتل”: وجهة نظر الدكتور أوميت أكتاش

يُعد الدكتور أوميت أكتاش صوتاً قوياً في التحذير من أضرار السكر المكرر. فهو لا يتردد في وصفه بـ “السم القاتل”، خاصةً السكريات المصنعة والمستخلصة من النشا (NBŞ)، والتي يعتبرها “أكثر أشكال السكر ضرراً”. والسبب في ذلك بسيط ومرعب في آن واحد؛ فهذه السكريات ترفع نسبة السكر في الدم بشكل صاروخي.

ونتيجة لذلك، يضطر الجسم إلى إفراز كميات هائلة من هرمون الإنسولين للتعامل مع هذا الحمل المفاجئ. مع مرور الوقت، يؤدي هذا الإفراط إلى حالة خطيرة تُعرف بـ مقاومة الإنسولين، والتي تُعتبر بوابة رئيسية لأمراض العصر، مثل:

  • السكري من النوع الثاني: حيث تفقد خلايا الجسم حساسيتها للإنسولين.
  • السرطان: فالخلايا السرطانية تتغذى بشكل أساسي على السكر.
  • أمراض الدماغ: إذ يشير د. أكتاش إلى أن خطر السكر على الصحة يمتد ليشمل الدماغ، مما قد يساهم في أمراض مثل الزهايمر.

من وجهة نظري، المشكلة الحقيقية ليست في السكر بحد ذاته، بل في تطبيع استهلاكه بكميات صناعية لم يُخلق جسمنا للتعامل معها. لقد تحولنا من تناول السكر في الفاكهة الكاملة الغنية بالألياف إلى استهلاكه كمادة مكررة ونقية، وهذا هو جوهر الكارثة. إنها ليست مجرد مسألة صحية، بل هي انفصال عن طبيعتنا البيولوجية. وبالتالي، فإن العودة إلى الأكل الطبيعي ليست خياراً، بل ضرورة حتمية لاستعادة التوازن المفقود.

إعلان

إجماع عالمي: السكر في قفص الاتهام

لم يكن د. أكتاش وحده في هذا التحذير. بل إن هناك جيشاً من العلماء والأطباء المرموقين حول العالم الذين يشاركونه الرأي ذاته، ولكل منهم إسهاماته التي دعمت هذه الحقيقة.

  • الدكتور روبرت لاستيج في الولايات المتحدة، والذي اشتهر بمحاضرته “السكر: الحقيقة المرة”، يذهب إلى حد وصف الفركتوز بأنه “سام مثل الكحول” بسبب تأثيره المدمر على الكبد.
  • البروفيسور جون يودكين، في كتابه الثوري “نقي، أبيض، وقاتل”، كان من أوائل من ربطوا بين السكر وأمراض القلب، وهي فكرة كانت صادمة في السبعينيات وأثبتتها الدراسات الحديثة.
  • الدكتور مارك هايمان يؤكد أن السكر ليس فقط مسبباً للأمراض، بل هو مادة تسبب الإدمان وتحفز الالتهابات في الجسم، وهي أصل معظم الأمراض المزمنة.

علاوة على ذلك، يوضح طبيب الأعصاب الدكتور ديفيد بيرلماتر في كتابه “دماغ الحبوب” كيف أن السكر والكربوهيدرات المكررة (مثل الخبز الأبيض والمعكرونة) تؤذي الدماغ بشكل مباشر وتزيد من خطر الإصابة بالخرف والزهايمر. وبالمثل، أدت أبحاث الدكتور فرانك هو في جامعة هارفارد إلى توصية منظمة الصحة العالمية (WHO) الصارمة بأن لا يتجاوز استهلاك السكر 5% فقط من إجمالي السعرات الحرارية اليومية.

النموذج الغذائي المضاد للسكري: 5 خطوات عملية لحياة صحية

لحسن الحظ، الحل موجود وبسيط. يؤكد د. أكتاش أن التغذية الصحيحة قادرة ليس فقط على الوقاية من مرض السكري، بل على علاجه بشكل جذري. ويقترح نموذجاً غذائياً يعتمد على العودة إلى الطبيعة، وهذه أمثلة عملية لتطبيقه:

  1. ابتعد عن كل ما هو مُصنّع: بدلاً من تناول رقائق الإفطار صباحاً، اختر بيضتين مسلوقتين مع بعض الأفوكادو. هذا التغيير البسيط يزيل السكر المضاف ويمنحك بروتيناً ودهوناً صحية.
  2. اجعل البروتين الحيواني أساس وجبتك: عند تحضير الغداء، استبدل شطيرة الخبز الأبيض بسلطة كبيرة تحتوي على صدر دجاج مشوي أو سمك السلمون.
  3. عليك بالدهون الصحية: استخدم زيت الزيتون البكر في تتبيلة السلطة بدلاً من الصلصات الجاهزة المليئة بالسكريات والزيوت المهدرجة. كما يمكنك إضافة قطعة من الزبدة الطبيعية إلى خضرواتك.
  4. أضف الأطعمة المخمرة (البروبيوتيك): ابدأ يومك بكوب من الكفير (الفطر الهندي) أو أضف المخللات المنزلية إلى وجباتك. هذه الأطعمة تدعم صحة أمعائك التي تلعب دوراً محورياً في المناعة والصحة العامة.
  5. تناول الفاكهة بذكاء واعتدال: إذا شعرت بالرغبة في شيء حلو، اختر تفاحة خضراء أو حفنة من التوت بدلاً من المانجو أو العنب، فمحتواها من السكر أقل. وبالمثل، في المناسبات والأعياد، استبدل طبق الحلويات بطبق من المكسرات النيئة والفواكه المجففة باعتدال.

خلاصة القول هي أن خطر السكر على الصحة حقيقي وموثق. لذلك، فإن قرار تقليله أو حذفه من نظامك الغذائي هو أفضل استثمار يمكنك القيام به من أجل صحتك على المدى الطويل. إنها ليست مجرد حمية، بل هي رحلة لاستعادة عافيتك والعيش حياة خالية من الأمراض.


أسئلة شائعة حول خطر السكر على الصحة:

1. ما هو أخطر أنواع السكر حسب الخبراء؟

يعتبر الخبراء أن السكريات المصنعة، وخاصة شراب الذرة عالي الفركتوز (المستخلص من النشا)، هي الأكثر ضرراً لأنها ترفع سكر الدم بسرعة هائلة وتنهك الكبد.

2. هل يمكن علاج مرض السكري من النوع الثاني بالتغذية فقط؟

نعم، يؤكد العديد من الخبراء مثل د. أوميت أكتاش أن تغيير نمط الحياة واتباع نظام غذائي صارم خالٍ من السكر والكربوهيدرات المكررة يمكن أن يساهم في عكس مسار مرض السكري من النوع الثاني بشكل كامل.

3. لماذا يعتبر السكر ضاراً بالدماغ؟

لأن الاستهلاك المفرط للسكر يسبب التهابات مزمنة ومقاومة للإنسولين في الدماغ، وهي عوامل مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بأمراض عصبية مثل الخرف ومرض الزهايمر.

4. ما هي أفضل بدائل صحية للحلويات في المناسبات؟

أفضل البدائل هي الأطعمة الطبيعية ذات الحلاوة المعتدلة، مثل طبق من المكسرات النيئة، والفواكه المجففة (باعتدال)، والفواكه الطازجة منخفضة السكر كالتوت والتفاح الأخضر.

5. كم هي كمية السكر المسموح بها يومياً؟

توصي منظمة الصحة العالمية (WHO) بألا يزيد استهلاك السكر المضاف عن 5-10% من إجمالي السعرات الحرارية اليومية، والأفضل صحياً هو أن يكون أقل من 5% (حوالي 25 جراماً أو 6 ملاعق صغيرة).


المصدر:

آراء وتصريحات د. أوميت أكتاش، وأبحاث خبراء عالميين مثل د. روبرت لاستيج، البروفيسور جون يودكين، د. مارك هايمان، د. ديفيد بيرلماتر، ود. فرانك هو.

شاركها.

أحب الكتابة عن كل ما يلامس حياتنا اليومية. أدوّن في مواضيع الجمال والصحة بأسلوب مبسّط وعملي، وأشارك من حين لآخر تجاربي في السفر لأماكن أحببتها، علّ كلماتي تكون دليلك إلى العافية أو وجهتك القادمة.

إعلان
Subscribe
Notify of
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
تعليقات داخلية
عرض كل التعليقات
إعلان
wpDiscuz
0
0
حابين نسمع رأيك، اترك تعليقك.x
()
x
Exit mobile version