في صباح الثلاثاء 9 سبتمبر 2025، شهد ميناء لونغ بيتش Long Beach في ولاية كاليفورنيا حادثًا بحريًا غير مألوف أثار ضجة محلية ودولية. إذ سقطت 67 حاوية شحن من على متن سفينة “ميسيسيبي” التي ترفع علم البرتغال، أثناء عمليات التفريغ على رصيف G.
المشهد بدا أشبه بأحجار دومينو عملاقة وهي تتهاوى في المياه، كما أظهرت مقاطع الفيديو التي انتشرت بسرعة على مواقع التواصل الاجتماعي، لتعيد إلى الأذهان حوادث مماثلة هزت صناعة الشحن في السنوات الأخيرة.
Jaw-dropping video of 50 containers falling off a cargo ship at the Port of Long Beach Tuesday. No one injured. @kcalnews pic.twitter.com/yuhInTz4f9
— JASMINE VIEL (@jasmineviel) September 9, 2025
تفاصيل الحادث وأسبابه الأولية
- السفينة ميسيسيبي كانت قد وصلت من ميناء يانتيان بمدينة شنتشن الصينية بعد رحلة استغرقت نحو أسبوعين.
- لم تُسجَّل أي إصابات بشرية، لكن بعض الحاويات ارتطمت ببارجة متخصصة في مكافحة التلوث كانت راسية بجوار السفينة.
- خفر السواحل الأميركي أعلن إنشاء منطقة أمان بطول 500 ياردة حول موقع الحادث، مع نشر زوارق وطائرات لمراقبة الوضع.
- إدارة الميناء علّقت مؤقتًا العمليات في رصيف G إلى حين الانتهاء من التحقيقات وضمان السلامة.
الأثر البيئي: البحر يدفع الثمن
رغم أن محتويات الحاويات شملت ملابس وأحذية وأجهزة إلكترونية وأثاثًا، فإن سقوط هذا العدد الكبير في البحر يثير قلقًا بيئيًا واسعًا.
- تلوث المحيط: بعض البضائع مصنوعة من البلاستيك والمعادن التي قد تتحلل ببطء شديد وتؤثر على الكائنات البحرية.
- تغيير بيئة القاع البحري: الحاويات الضخمة قد تسحق المخلوقات الدقيقة وتغيّر طبيعة قاع البحر.
- صعوبة الاسترداد: بحسب تقارير دولية، يُفقد سنويًا ما بين 1300 و1700 حاوية في البحار، وغالبًا لا يتم استرجاع معظمها، لتتحول إلى نفايات بحرية مجهولة الموقع.
- إجراءات احترازية: فرق الإنقاذ سارعت لوضع عوائق عائمة لمنع انتشار الحاويات على مساحة أوسع، لكن استخراجها من قاع البحر يتطلب معدات ورافعات متخصصة.
أحد عمال الميناء علّق قائلاً: “الأمر لا يتعلق فقط بالخسائر التجارية، بل بما سيتبقى في المحيط لعقود.”
الأثر الاقتصادي: خسائر مباشرة وغير مباشرة
الحادث لا يقتصر على البيئة وحدها، بل يترك بصمات اقتصادية ثقيلة:
- خسائر في البضائع: تشير تقديرات أولية إلى أن قيمة محتويات الحاويات قد تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات.
- تأثير على سلسلة التوريد: البضائع المفقودة، خصوصًا الإلكترونيات والملابس، قد تؤدي إلى تأخير وصول الشحنات إلى المتاجر الكبرى في أميركا.
- تكاليف الاسترداد: حوادث مشابهة أظهرت أرقامًا هائلة، مثل حادثة ONE Apus عام 2020 التي بلغت خسائرها نحو 90 مليون دولار، بينما وصلت مطالبات التأمين إلى أكثر من 200 مليون دولار.
- تعطيل عمليات الميناء: إغلاق رصيف كامل في ميناء يُعد ثاني أكبر ميناء أميركي للشحن يعني تكاليف إضافية وتأخيرات في جدول السفن القادمة.
عمليات الاسترداد والتعويض
تشكّل فريق “قيادة موحدة” من خفر السواحل وسلطات الميناء والشرطة والبيئة لإدارة الأزمة. وتضمنت الإجراءات:
- تأمين المنطقة: عبر الدوريات البحرية والجوية وإنشاء منطقة عازلة.
- العوائق العائمة: لمنع انجراف الحاويات وتلوث المياه المحيطة.
- استخدام رافعات متخصصة وغواصين: لاسترجاع الحاويات من الأعماق، وهي عملية قد تستغرق أيامًا أو حتى أسابيع.
- مسار التعويض: لم يُعلن بعد عن آليات التعويض، لكن التجارب السابقة تشير إلى أن شركات الشحن تواجه دعاوى من أصحاب البضائع وشركات التأمين، إضافة إلى تكاليف محتملة مرتبطة بالبيئة إذا تبيّن أن هناك ضررًا بحريًا.
خبير بحري صرّح لوسائل الإعلام الأميركية: “الحوادث كهذه لم تعد نادرة، لكنها تذكير بضرورة تحديث أنظمة السلامة والتبليغ الإجباري عن فقدان الحاويات.”
نظرة مستقبلية
الحادث يعيد فتح النقاش حول سلامة النقل البحري، خاصة وأن التجارة العالمية تعتمد على أكثر من 90% من السلع التي تنقل عبر البحر. كما أنه يضغط على صناع القرار لتسريع تطبيق التعديلات الدولية الجديدة التي ستلزم السفن اعتبارًا من عام 2026 بالإبلاغ الفوري عن أي حاويات مفقودة.
ورغم أن عمليات الاسترداد جارية، فإن آثار الحادث قد تستمر اقتصاديًا وبيئيًا لسنوات، مما يجعله تذكيرًا حيًّا بأن البحار ليست مجرد طرق تجارية، بل بيئة تحتاج إلى حماية دائمة.