في عصر تتسارع فيه الكوارث المناخية بشكل غير مسبوق، برزت الحاجة إلى أدوات تنبؤية ذكية تحذر من الأعاصير والعواصف قبل وقوعها. وهنا يتدخل الذكاء الاصطناعي، ليس فقط كأداة تحليل، بل كمُنقذ محتمل. أحدث ما توصلت إليه مايكروسوفت وغوغل في هذا المجال يفتح آفاقًا جديدة للوقاية من الكوارث الطبيعية، بفضل نماذج تعلم عميق قادرة على التنبؤ بالطقس أسرع وأكثر دقة من النماذج التقليدية.
نموذج Aurora من مايكروسوفت: قفزة في التوقعات المناخية
طورت شركة مايكروسوفت نموذجًا ذكائيًا يُعرف باسم Aurora، وتم تدريبه على أكثر من مليون ساعة من البيانات الجيوفيزيائية المتنوعة. هذه البيانات تشمل أنماط الطقس، درجات الحرارة، حركة الرياح، وأمواج المحيط، مما يتيح للنموذج تحليل الظروف الجوية المعقدة بدقة غير مسبوقة.
وبحسب ورقة بحثية نُشرت في مجلة Nature، أظهر Aurora تفوقًا كبيرًا في تنبؤ جودة الهواء، ارتفاع الأمواج، ومسارات الأعاصير المدارية، مقارنةً بأنظمة النمذجة التقليدية التي تتطلب حواسيب فائقة وتكلفة ضخمة.
من خلال تقنيات التحليل الاسترجاعي (reanalysis)، يمكن لـAurora إنتاج توقعات تحذيرية شاملة ليس فقط للطقس العادي، بل للأحداث المناخية القصوى أيضًا.
DeepMind من غوغل: سرعة تنبؤية مذهلة
من جهة أخرى، أطلقت غوغل ديب مايند بالتعاون مع جامعة أوكلاهوما والإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، نموذجًا تنبؤيًا ثوريًا يُعرف باسم WOF-Scast، مبني على تقنية GraphCast المتقدمة.
تم تدريب النموذج على بيانات NOAA المتخصصة في تحذيرات الأعاصير، واستطاع تقديم توقعات دقيقة خلال ثوانٍ بدلاً من دقائق، وهي سرعة فارقة في حالات الطوارئ.
وقد أثبتت الاختبارات أن النموذج يمكنه تنبؤ تطور العواصف لمدة تصل إلى ساعتين بدقة تتراوح بين 70% إلى 80%، وهي نسبة تقترب من أداء الأنظمة التحذيرية الفعلية.
ما الذي يجعل هذه النماذج مختلفة؟
- السرعة الفائقة:
الانتقال من معالجة التوقعات في دقائق إلى ثوانٍ يسمح باتخاذ قرارات أسرع في مواجهة الكوارث. - كفاءة الحوسبة:
تعمل هذه النماذج بكفاءة عالية دون الحاجة إلى خوادم عملاقة، مما يجعلها متاحة لمراكز أرصاد أكثر حول العالم. - تغطية متعددة الظواهر:
من الأعاصير إلى الأمواج القوية وجودة الهواء، تشمل هذه النماذج نطاقًا من الظواهر البيئية التي يمكن التنبؤ بها بدقة. - إمكانية الإنقاذ المبكر:
في عالم تُقاس فيه الثواني بحياة بشر، يمكن لهذه النماذج أن تنقذ آلاف الأرواح من الكوارث المفاجئة.
تطبيقات مستقبلية في التنبؤ المناخي
مع تطور الذكاء الاصطناعي، يمكن أن نشهد قريبًا نماذج محلية تنبئ بأحداث مثل:
- فيضانات مفاجئة في المدن.
- عواصف ترابية في مناطق الخليج.
- تغيّرات مناخية مفاجئة تؤثر على الزراعة.
كما يمكن دمج هذه النماذج في تطبيقات الطقس التي يستخدمها العامة، مما يتيح تحذيرات آنية في هواتفهم.
يشهد العالم اليوم نقلة نوعية في التنبؤات المناخية بفضل الذكاء الاصطناعي. من مايكروسوفت إلى غوغل، تُظهر هذه النماذج أن الذكاء الاصطناعي ليس أداة رفاهية، بل وسيلة حيوية للنجاة في عصر التغير المناخي. ومع استمرار التطوير، قد يصبح من الممكن تجنب كوارث مدمرة وإنقاذ الأرواح والممتلكات قبل فوات الأوان.
المصدر:
Nature, Microsoft Research, NOAA, DeepMind
ما هو نموذج Aurora الذي طورته مايكروسوفت؟
هو نظام ذكاء اصطناعي يستخدم أكثر من مليون ساعة من بيانات الطقس لتقديم تنبؤات دقيقة وسريعة للأعاصير والعواصف.
هل يتفوق الذكاء الاصطناعي فعلاً على النماذج التقليدية في التنبؤات الجوية؟
نعم، تظهر الدراسات أن نماذج مثل Aurora وWOF-Scast تقدم نتائج أسرع وأحيانًا أكثر دقة بكلفة حوسبية أقل.
كيف يساعد الذكاء الاصطناعي في إنقاذ الأرواح أثناء الكوارث؟
من خلال التنبؤ المبكر بالأعاصير والعواصف، يمكن إصدار تحذيرات قبل وقت كافٍ لإجلاء السكان وتفادي الكوارث.
هل يمكن استخدام هذه النماذج في الدول النامية؟
بفضل كفاءتها وقلة اعتمادها على خوادم ضخمة، يمكن للدول النامية اعتماد هذه النماذج في أنظمة الإنذار المبكر لديها.
