يشهد انهيار الجليد البحري في أنتاركتيكا تسارعاً خطيراً، حتى بات العلماء يصفونه بالحدث الذي “يعيد رسم خريطة كوكبنا”. فخلال شتاء 2023 بلغ الحدّ الأدنى لمساحة الجليد البحري 1.55 مليون كم² تحت المتوسط التاريخي — ما يعادل اختفاء مساحة تساوي 6.5 مرات حجم المملكة المتحدة. الوضع لم يتحسّن في 2024، ويبدو أنّ عام 2025 يسير على خطى كارثية مماثلة.
لماذا يشتعل المحيط بعد ذوبان الجليد؟
يشرح د. إدوارد دودريدج من جامعة تسمانيا أنّ خسارة كل شريط جليدي أبيض يعكس ضوء الشمس تحوّله إلى سطح مائي داكن يمتص الحرارة؛ هذه “الذاكرة الحرارية” تبقى لثلاث سنوات على الأقل فتُذيب المزيد من الجليد في حلقة مفرغة. علاوة على ذلك، لكل 100 ألف كم² يفقدها الجليد، يتكوّن ستة جبال جليدية إضافية تزيد مساحتها عن كيلومتر مربع، ما يضاعف أخطار الملاحة ويرفع احتمالات انهيار الصفائح الجليدية الداخلية.
أمواج بلا درع: صفائح جليدية تتصدّع
من دون الحاجز الجليدي، تصل أمواج المحيط الهائجة مباشرةً إلى حواف القارة فتقوّض الصفائح الجليدية العملاقة، وهو ما أكّدته نماذج حديثة للجامعة الوطنية الأسترالية. ويُذكّر تقرير “البرنامج الأسترالي في أنتاركتيكا” بأنّ الفترة الأقصر للجليد ستقلّص نافذة الإمداد البحري لمحطات البحث وتزيد ضغط السياحة والشحن ما يرفع مخاطر الانسكابات النفطية وغزو الأنواع الدخيلة.
ثمن بيئي فادح: بطاريق الإمبراطور والفقمات في مهبّ الريح
اعتماد بطاريق الإمبراطور وفقمات آكلة السرطان على الجليد للتكاثر يجعلها أوّل الضحايا. في 2023 تسبّب تكسّر الجليد المبكر في فشل جماعي لـ 20 % من مستعمرات البطريق، ورُجّح نفوق عشرات آلاف الفراخ قبل اكتمال ريشها المقاوم للماء. ومع توالي الانهيارات، يتوقّع العلماء اختفاء 99 % من البطاريق بحلول نهاية القرن إذا استمر الاحترار الحالي.
العلم في خطر: بعثات مهدَّدة وبيانات مفقودة
كلما تراجع الجليد البحري، أصبحت طرق الإمداد أكثر خطورة، وهو ما قد يحدّ من القدرة على مراقبة واحدة من آخر البيئات البكر في الأرض في لحظتها الحرجة. غياب هذه البيانات يعني ضبابية أكبر في توقّع مستوى سطح البحر العالمي وتأثيراته الاقتصادية على المرافئ والمدن الساحلية.
إنّ انهيار الجليد البحري في أنتاركتيكا ليس مجرّد خبر بيئي عابر؛ بل ناقوس خطر يستدعي خفض الانبعاثات بسرعة، وتمويل أبحاث القطب الجنوبي، واعتماد سياسات شحن وسياحة أكثر صرامة. المستقبل لا يزال بين أيدينا، غير أنّ نافذة الفرص تضيق يومياً.
المصدر:
تقارير NSIDC، Climate.gov، جامعة تسمانيا، رويترز، البرنامج الأسترالي في أنتاركتيكا.
أسئلة شائعة:
| سؤال | جواب مختصر |
|---|---|
| ما هو انهيار الجليد البحري في أنتاركتيكا؟ | هو الانخفاض المتسارع في مساحة الجليد العائم حول القارة القطبية نتيجة الاحترار العالمي. |
| كيف يرفع انهيار الجليد البحري مستوى سطح البحر؟ | يسهّل تكسّر الصفائح الجليدية على اليابسة، ما يضيف ماءً جديداً للمحيط. |
| ماذا تعني “ذاكرة المحيط” الحرارية؟ | بقاء حرارة إضافية في المياه لسنوات بعد ذوبان الجليد، ما يذيب مزيداً من الجليد لاحقاً. |
| كيف يمكن إبطاء هذا الانهيار؟ | بخفض الانبعاثات، حماية المحيط الجنوبي، وتقييد السياحة والشحن الملوِّث في المنطقة. |
