إعلان

المقدمة: القوة الشرائية في عالم التواصل الاجتماعي

القوة الشرائية هي المحرّك الرئيس الذي يدفع عجلة التجارة الإلكترونية إلى الأمام، لا سيما في عصر وسائل التواصل الاجتماعي. في السنوات الأخيرة، باتت المنصات الاجتماعية ليست مجرد أماكن للتواصل والترفيه، بل تحولت إلى فضاءات نشطة للتسوق وعقد الصفقات التجارية. فبضغطة زر واحدة، يمكن للمستهلك اليوم استعراض منتجات متنوعة، والتعرف على تجارب الآخرين الشرائية، واتخاذ قرار الشراء في ثوانٍ معدودة.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: من يتصدّر المشهد في مجال التجارة الاجتماعية (Social Commerce)؟ ولماذا تجد بعض المنصات زخمًا هائلًا من حيث حجم المعاملات المالية وإقبال المستهلكين على الشراء المباشر من خلالها؟ في هذه المقالة سنتناول بيانات حول إقبال المستهلكين على الشراء عبر المنصات الاجتماعية. وحجم المعاملات المالية المرتبطة بالتسوق الإلكتروني، مع توضيح أي المنصات تتفوق في مجال التجارة الاجتماعية. وكيف ينعكس ذلك على استراتيجيات التسويق للشركات.


القوة الشرائية: مفهومها وتأثيرها على التسوق الإلكتروني

القوة الشرائية: مفهومها وتأثيرها على التسوق الإلكتروني

مفهوم القوة الشرائية

يشير مفهوم القوة الشرائية إلى قدرة المستهلك على شراء السلع والخدمات استنادًا إلى دخله أو ميزانيته. وتُعد هذه القوة مؤشرًا مهمًا على الحالة الاقتصادية بشكل عام، وعلى مستوى رفاهية الأفراد في مجتمع معيّن. وفي ظل ثورة التكنولوجيا وانتشار الهواتف الذكية، تحوّل مفهوم القوة الشرائية من مجرد قدرة مالية بحتة إلى سلوك رقمي تفاعلي. يتأثر بالعروض الترويجية والتجارب الاجتماعية وتوجّهات السوق.

تأثير القوة الشرائية على التجارة الإلكترونية

  1. زيادة حجم الإنفاق: كلّما ارتفعت القوة الشرائية للمستهلكين، زادت احتمالية إقبالهم على الشراء عبر الإنترنت. لذا تلجأ الشركات إلى تقديم منتجات وخدمات متنوعة تستهدف مستويات مختلفة من الدخل.
  2. تحفيز المنافسة: تفتح القوة الشرائية الواسعة المجال أمام ظهور المزيد من منصات التجارة الإلكترونية الصغيرة والمتوسطة، ساعية للاستحواذ على شريحة من السوق.
  3. توسّع نطاق الإعلانات الرقمية: مع تزايد إقبال المستهلكين على الشراء عبر الإنترنت، يتنامى حجم الإنفاق الإعلاني على منصات التواصل الاجتماعي، خصوصًا تلك التي تحقق معدلات تفاعل مرتفعة بين المستخدمين.

المنصات الرائدة في التجارة الاجتماعية: من يتصدّر المشهد؟

في سوق مزدحم بالمنصات الرقمية، تُعد المنافسة على جَذب المستهلك وتحفيز القوة الشرائية هي الأكثر شراسة. وحتى هذه اللحظة، تبدو بعض المنصات متربعة على عرش التجارة الاجتماعية بسبب المزايا الفريدة التي تقدمها للمستخدمين وللعلامات التجارية على حدٍ سواء.

المنصات الرائدة في التجارة الاجتماعية: من يتصدّر المشهد؟

فيسبوك وإنستغرام: دمج التجارة داخل التجربة الاجتماعية

لا يمكن الحديث عن التجارة الاجتماعية دون ذكر العملاقين فيسبوك وإنستغرام. فقد قامت شركة “ميتا” (فيسبوك سابقًا) بتطوير أدوات تسويقية تفاعلية تسمح للشركات بالترويج المباشر لمنتجاتها وسط بيئة اجتماعية نابضة بالحياة.

إعلان
  • فيسبوك شوبس (Facebook Shops): تتيح هذه الميزة إنشاء متجر إلكتروني متكامل عبر الصفحة الرسمية للشركة. يمكن للمستخدمين استعراض المنتجات، وإتمام عملية الشراء دون مغادرة المنصة، مما يُسهم في تعزيز القوة الشرائية لديهم عبر تجربة سلسلة ومريحة.
  • إنستغرام شوبس (Instagram Shops): يعتمد إنستغرام على المحتوى البصري بشكل أساسي، لذا فإنه يناسب المنتجات ذات الجاذبية البصرية مثل الأزياء، والإكسسوارات، والأدوات المنزلية. هنا يجد المستهلك تجربة تسوق سريعة وممتعة، ما يدفعه لاتخاذ قرارات الشراء الفورية.

تيك توك: اللعب على وتر الفيديوهات القصيرة

منصّة تيك توك اكتسبت شعبية هائلة بين فئة الشباب والمراهقين، وهي فئة تتمتع بقدرة شرائية متنامية بفضل تغير أنماط الاستهلاك. تعتمد تيك توك على الفيديوهات القصيرة ذات الإيقاع السريع، مما يجعل الجمهور يتعرض لكمية كبيرة من المحتوى الإبداعي في وقت وجيز.
تستطيع العلامات التجارية تقديم حملات دعائية مبتكرة تواكب ذوق الجمهور الشبابي، عبر تحدّيات أو “هاشتاغات” جذابة تشجّع المستخدمين على المشاركة ومشاركة آرائهم. هذا النهج يخلق تجربة تسويقية تشاركية، ترفع من معدلات التفاعل وتدفع بالقوة الشرائية إلى الأمام.

يوتيوب: المحتوى المرئي القابل للشراء

رغم أن يوتيوب قد لا يصنَّف تقليديًا ضمن منصات التجارة الاجتماعية. إلا أن تطوره على مدى السنوات الأخيرة جعله ينافس بقوة في مجال التسويق المباشر. فالمؤثّرون قادرون على توجيه الجمهور إلى روابط شراء مضمّنة في وصف الفيديو أو في التعليقات المثبّتة.
كما أنّ ميزة “YouTube Shopping” أصبحت خيارًا قويًا للمعلنين، حيث يمكن لصانعي المحتوى ربط منتجاتهم ضمن مقاطع الفيديو. ويمكن للمستهلك التعرّف على المنتج والاستفسار عنه في التعليقات، ثم الانتقال إلى موقع البائع أو إتمام الشراء مباشرة.


بيانات حول حجم المعاملات المالية في التجارة الاجتماعية

بحسب تقارير دولية (مثل تقرير eMarketer وStatista لعام 2023)، تشهد التجارة الاجتماعية نموًا سنويًا بمعدلات تفوق 30% في بعض الأسواق الناشئة، خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا. وفي الولايات المتحدة وأوروبا، ارتفعت نسبة الاعتماد على التسوق عبر المنصات الاجتماعية إلى ما يزيد عن 25% من إجمالي المشتريات الإلكترونية.
البيانات والأرقام التقريبية:

  • تشير الإحصاءات إلى أنّ أكثر من 70% من المتسوقين عبر الإنترنت يمرون بتجربة استخدام منصات التواصل الاجتماعي قبل اتخاذ قرار الشراء.
  • حجم المعاملات المالية عبر التجارة الاجتماعية عالميًا قد تجاوز 1 تريليون دولار أمريكي في عام 2022، ومن المتوقع أن يستمر في الارتفاع ليتخطى 2 تريليون دولار بحلول عام 2025.
  • تساهم منصات فيسبوك وإنستغرام وحدهما في أكثر من 40% من حجم المعاملات في التجارة الاجتماعية. تليهما تيك توك ويوتيوب بزيادة ملحوظة مع مرور الوقت.
بيانات حول حجم المعاملات المالية في التجارة الاجتماعية

أثر تصدّر المنصات على استراتيجيات التسويق للشركات

اعتماد نهج المحتوى التفاعلي

بما أن القوة الشرائية للمستهلكين تتعزز من خلال المحتوى الذي يشاهدونه ويتفاعلون معه، أدركت الشركات أهمية الاستثمار في صناعة المحتوى التفاعلي. فالمستهلك اليوم يبحث عن تجربة شاملة، لا تقتصر على صورة المنتج أو وصفه، بل تمتد لتشمل مقاطع فيديو، وبث مباشر، وتجارب افتراضية.

  1. بث مباشر (Live Streaming): كثير من الشركات تلجأ لبث عروض مباشرة على فيسبوك أو إنستغرام أو تيك توك لإطلاق منتجات جديدة، مع السماح للمشاهدين بطرح الأسئلة والإجابة عليها في الوقت الفعلي. هذه التجربة تعزز ثقة المستهلك بالعلامة التجارية وتدفعه لاتخاذ قرار الشراء بسرعة.
  2. المؤثرون (Influencers): حيث تتعاون الشركات مع المؤثرين لجذب جمهور أوسع وزيادة نسب التفاعل. وتُظهر الدراسات أنّ آراء المؤثرين تؤثر بشكل كبير في القوة الشرائية لدى المتابعين. إذ ينظرون إلى المؤثر كمصدر موثوق للمعلومات.

إعادة تصميم رحلات العميل (Customer Journey)

عندما تتصدّر منصّة معيّنة مشهد التجارة الاجتماعية، فإنّ العلامات التجارية تسعى لإعادة تصميم رحلة العميل لتتوافق مع مزايا هذه المنصّة. على سبيل المثال، إذا كانت معظم المبيعات تأتي عبر إنستغرام، يتم التركيز بشكل أكبر على المحتوى البصري الجذاب، مع تسهيل الوصول إلى روابط الشراء.

  • تخصيص الإعلانات: تعتمد منصات التواصل على تقنيات الذكاء الاصطناعي في استهداف الجمهور المناسب بالإعلانات الملائمة، ما يرفع معدلات التحويل (Conversion Rate) ويعزز القيمة الشرائية للمستهلكين.
  • تبسيط خطوات الشراء: يتم تحسين واجهات المتاجر الإلكترونية المرتبطة بتلك المنصات، بحيث يتمكن العميل من إنهاء طلبه خلال خطوات معدودة فقط.

تكامل المنصات الرقمية

لم تعد الشركات تكتفي بالاعتماد على منصة واحدة فقط، بل بات التكامل بين مختلف المنصات الرقمية أمرًا حاسمًا. قد يبدأ العميل رحلته على فيسبوك، ثم يشاهد قصة (Story) على إنستغرام، ويجد عرضًا ترويجيًا على تيك توك، وينتهي به المطاف بشراء المنتج من الموقع الرسمي للشركة.
هذا التكامل يخلق تجربة سلسة للمستخدم، ترفع من احتمالات الشراء المتكرر وتزيد من القوة الشرائية الإجمالية. إذ يشعر المستهلك أنّ العلامة التجارية متواجدة في كل مكان، وجاهزة لتلبية احتياجاته بأيسر الطرق.


مستقبل القوة الشرائية على وسائل التواصل

مع استمرار التطوّر التكنولوجي وظهور وظائف وتطبيقات جديدة على وسائل التواصل الاجتماعي، يبدو أن منحنى القوة الشرائية سيواصل الصعود. فالتجارة الاجتماعية باتت تتجه نحو تخصيص أكبر للتجارب الشرائية، عبر تقنيات الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR)، حيث يستطيع المستهلك “تجربة” المنتجات عن بُعد قبل اتخاذ قرار الشراء.

كما يُتوقّع أن تتوسع منصات التواصل الاجتماعي في تقديم خدمات مالية متقدمة، مثل محافظ رقمية (Digital Wallets) وأنظمة دفع إلكترونية داخل التطبيق، لتسهيل عمليات البيع والشراء دون الحاجة للانتقال إلى مواقع أخرى. ومع هذا التطور، سوف تضطر العلامات التجارية إلى إعادة النظر في استراتيجياتها التسويقية بصورة مستمرة. والتكيّف مع متطلبات المستهلك الحديثة التي قد تتغير من عام إلى آخر.

في ضوء هذا، ستكون القوة الشرائية على وسائل التواصل الاجتماعي مرآة تعكس تحولات المجتمع ومؤشرات السوق. وكلما ازداد وعي المستهلك واتسعت خياراته، كلما ارتفع سقف توقعاته. ما يدفع المنصات والشركات إلى تبنّي حلول أكثر ابتكارًا لجذب الجمهور وإقناعه بأن المنتج يستحق الاستثمار.

مستقبل القوة الشرائية على وسائل التواصل


الخاتمة

لا شك أن القوة الشرائية على وسائل التواصل الاجتماعي تشهد تطورًا هائلًا. وتعتبر المحرك الأساس لنهضة التجارة الاجتماعية حول العالم. لقد رأينا كيف تتصدّر منصات مثل فيسبوك وإنستغرام وتيك توك ويوتيوب المشهد. كلٌ منها يستغل نقاط قوته لاستقطاب جمهور محدد وتعزيز تجربة التسوق. كما أن البيانات تشير إلى ارتفاع مستمر في حجم المعاملات المالية المرتبطة بالتسوق الإلكتروني. مما يجعل التنافس على استقطاب القوة الشرائية أكثر شراسة.

على المستوى الاستراتيجي، بات على الشركات صياغة خطط تسويق رقمي ترتكز على المحتوى التفاعلي والبث المباشر والمؤثرين. إلى جانب تبني نماذج تقنية تسمح بإعادة تصميم رحلة العميل. ولأن المستقبل يشير إلى المزيد من الابتكار في مجالات الواقع الافتراضي والأنظمة المالية المدمجة. ستجد العلامات التجارية نفسها أمام تحديات جديدة وفرص واعدة في آنٍ واحد.

في المحصلة، من يتصدّر المشهد هو من ينجح في فهم احتياجات المستهلك وتقديم حلول متكاملة ومبسّطة لتلبية هذه الاحتياجات، سواء عبر منصة واحدة أو عبر مزيج متكامل من المنصات. وكلما زادت ثقة المستهلكين. تعززت القوة الشرائية، وارتفعت القيمة السوقية للتجارة الاجتماعية ككل.

شاركها.

منصة شاملة تقدم محتوى متنوعًا يجمع بين الأخبار الحديثة والمدونات التحليلية، بالإضافة إلى إحصائيات دقيقة، واختبارات تفاعلية، ومقاطع فيديو مبتكرة.

إعلان
Subscribe
Notify of
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
تعليقات داخلية
عرض كل التعليقات
إعلان
wpDiscuz
0
0
حابين نسمع رأيك، اترك تعليقك.x
()
x
Exit mobile version