رغم أن الولايات المتحدة تُعرف بأنها أكبر اقتصاد في العالم، يكشف تقرير حديث لمكتب الإحصاء الأمريكي عن واقع صادم: 37.6 مليون أمريكي يعيشون تحت خط الفقر. هذه الأرقام تعكس مفارقة لافتة بين حجم الثروة الضخم الذي تتمتع به البلاد، وبين عمق الأزمة الاجتماعية التي ما زالت تؤثر على عشرات الملايين من مواطنيها.
حجم الفقر وتوزيعه في الولايات
التقرير أظهر أن ولايات كبرى مثل كاليفورنيا وتكساس وفلوريدا ونيويورك تضم أكثر من ثلث الفقراء في البلاد، أي ما يقارب 13.5 مليون شخص.
- في كاليفورنيا وحدها يعيش نحو 4.5 ملايين شخص تحت خط الفقر، رغم أن معدل الفقر فيها 12% فقط، لكن كثافة السكان تجعل الرقم المطلق كبيرًا للغاية.
- في المقابل، ولايات مثل ميسيسيبي ولويزيانا تعاني من نسب مرتفعة للفقر (17% و18.9% على التوالي)، وإن كان عدد الفقراء فيها أقل من الولايات الكبرى.
ويُحسب خط الفقر في الولايات المتحدة على أساس دخل الأسرة قبل الضرائب، حيث تعتبر الأسرة المكونة من أربعة أشخاص فقيرة إذا كان دخلها أقل من 31,200 دولار سنويًا، أي حوالي 2,600 دولار شهريًا فقط، وهو مبلغ بالكاد يغطي السكن والغذاء والرعاية الصحية في معظم المدن الكبرى.
مقارنة مع الدول المتقدمة
ما يثير الانتباه هو أن الولايات المتحدة، رغم قوتها الاقتصادية، تُسجل معدلات فقر أعلى من دول متقدمة أخرى:
- في ألمانيا يبلغ معدل الفقر حوالي 10%.
- في فرنسا يقارب 9%.
- في اليابان يصل إلى نحو 15% لكنه أقل من الوضع الأميركي من حيث عدد المتأثرين.
- بينما في الدول الإسكندنافية مثل النرويج والسويد، تتراجع النسب إلى ما دون 8% بفضل أنظمة الرعاية الاجتماعية القوية.
هذا يضع الولايات المتحدة في موقع متناقض: فهي الأولى عالميًا في الناتج المحلي الإجمالي، لكنها بين الأسوأ بين الدول الغنية في مؤشرات المساواة والعدالة الاجتماعية.
لماذا يستمر الفقر في أمريكا؟
هناك عدة أسباب هيكلية تفسر استمرار الفقر:
- ارتفاع تكاليف المعيشة: السكن، التعليم، والرعاية الصحية تستهلك معظم دخل الأسر.
- ضعف شبكات الأمان الاجتماعي: مقارنة بأوروبا، البرامج الاجتماعية في أمريكا محدودة ولا توفر حماية كافية للفئات الأكثر هشاشة.
- فجوة الأجور: الحد الأدنى للأجور الفيدرالي (7.25 دولار للساعة) لم يُرفع منذ عام 2009، ما يجعل ملايين العمال تحت ضغط مالي دائم.
- عدم المساواة: نسبة صغيرة من السكان تملك الجزء الأكبر من الثروة، بينما الطبقة الوسطى والفقيرة تعاني من الركود.
- ديون الأسر: القروض الطلابية والطبية تسحب شريحة واسعة من الدخل وتدفع الملايين نحو الفقر.
الحلول والسياسات المقترحة
لمعالجة هذه الأزمة، يقترح الخبراء والاقتصاديون مجموعة من السياسات، أبرزها:
- رفع الحد الأدنى للأجور ليتماشى مع تكاليف المعيشة الفعلية.
- دعم الأسر ذات الدخل المنخفض من خلال إعفاءات ضريبية ومساعدات مباشرة.
- إصلاح نظام الرعاية الصحية لتقليل التكاليف الباهظة التي تثقل كاهل ملايين الأمريكيين.
- زيادة الاستثمار في التعليم لتأهيل الأجيال الجديدة لوظائف ذات دخل أعلى.
- برامج إسكان ميسور التكلفة للحد من أزمة الإيجارات المتصاعدة.
الفقر في الولايات المتحدة ليس مجرد رقم إحصائي، بل قضية تمس حياة ملايين الناس يوميًا، وتؤثر على الاستقرار الاجتماعي والسياسي. وبينما تواجه واشنطن تحديات اقتصادية كبرى، يبقى السؤال: هل تستطيع أكبر قوة اقتصادية في العالم أن تحقق أيضًا العدالة الاجتماعية لمواطنيها؟
قسم الأسئلة الشائعة
ما هو خط الفقر لأسرة من 4 أشخاص في أمريكا؟
أقل من 31,200 دولار سنويًا قبل الضرائب.
لماذا تتصدر كاليفورنيا وتكساس أعداد الفقراء؟
بسبب عدد سكانها الكبير رغم أن النسبة أقل من ولايات أصغر.
ما الفرق بين الفقر المطلق والنسبي؟
المطلق يعني عدم تلبية الأساسيات، والنسبي مقارنةً بمستوى معيشة المجتمع.
لماذا يستمر الفقر في أمريكا رغم قوتها الاقتصادية؟
بسبب تكاليف المعيشة المرتفعة وضعف الأمان الاجتماعي وفجوة الأجور.
كيف تقارن أمريكا مع دول متقدمة أخرى؟
نسب الفقر أقل في أوروبا والإسكندنافية بفضل أنظمة الرعاية الأقوى.
ما أبرز الحلول المقترحة؟
رفع الأجور، دعم الأسر، إصلاح الرعاية الصحية والإسكان.
من أين جاءت هذه الأرقام؟
من مكتب الإحصاء الأمريكي وتقارير تحليلية حديثة.
