إعلان

الأذان الجماعي في الجامع الأموي: طقس رمضاني عريق

يعد الأذان الجماعي في الجامع الأموي واحدًا من أبرز التقاليد الروحانية في دمشق القديمة، حيث يرتبط ارتباطًا وثيقًا بأجواء شهر رمضان. لا يقتصر الأمر على كونه مجرد طريقة للإعلان عن دخول وقت الصلاة، بل هو جزء من الهوية الثقافية والدينية للمدينة.

في هذا الطقس الفريد، يجتمع ستة مؤذنين داخل غرفة صغيرة في الجامع الأموي الكبير، وبمجرد حلول موعد الصلاة، يصدح صوتهم الجماعي بالأذان، فيردد الجميع العبارات بصوت موحد شجي، مما يضفي على الأجواء طابعًا روحانيًا لا مثيل له. أحيانًا قد يتجاوز عدد المؤذنين الستة، حيث يتناوب 25 مؤذنًا ضمن مجموعات منظمة على أداء الأذان، ما يجعل الجامع الأموي متفردًا بين مساجد العالم الإسلامي.


أصول الأذان الجماعي في دمشق

يرجع العديد من المؤرخين والمؤلفين نشأة الأذان الجماعي في الجامع الأموي إلى الشيخ عبد الغني النابلسي، الذي عاش في القرن الثامن عشر الميلادي، إلا أن بعض الدراسات تؤكد أن هذه العادة سبقت عصره، وتعود إما إلى الحقبة الأموية أو بداية العهد العثماني.

وقد كان الشيخ النابلسي مسؤولًا عن تنظيم هذا الطقس وإضفاء طابع موسيقي منظم عليه، حيث ألزم المؤذنين باستخدام مقام موسيقي مختلف لكل يوم من أيام الأسبوع، مستوحى من نظام الأذان العثماني الذي كان يعتمد على تخصيص مقام معين لكل وقت من أوقات الصلاة، بهدف مساعدة المكفوفين على معرفة مواعيد الصلاة. لا يزال هذا التقليد متبعًا في تركيا، إلا أن الجامع الأموي حافظ على خصوصيته بجعل كل يوم من الأسبوع يتميز بمقام موسيقي مختلف، ما يمنح الأذان روحًا فريدة ومميزة.


الفرق بين الأذان الجماعي وأذان الجوق

كثير من الباحثين والإعلاميين يخلطون بين مصطلحي “الأذان الجماعي” و “أذان الجوق”، رغم الاختلاف الكبير بينهما من الناحية التاريخية والشرعية.

إعلان
  • أذان الجوق (الأذان السلطاني):
    نشأ في عهد هشام بن عبد الملك في العصر الأموي، وكان يتكون من عدة مؤذنين يؤدون الأذان بشكل متسلسل، حيث يردد كل مؤذن جزءًا من الأذان، على عكس الأذان التقليدي الذي يؤديه مؤذن واحد. استمر هذا النوع من الأذان في بعض البلدان الإسلامية حتى تم منعه في مصر خلال عهد الملك فاروق الأول بناءً على فتوى من شيخ الأزهر محمد مصطفى المراغي.
  • الأذان الجماعي:
    يختلف تمامًا عن أذان الجوق، حيث يؤدي جميع المؤذنين الأذان كاملًا معًا في تناغم صوتي، مما يخلق تجربة روحانية مميزة، وهو الطقس المتبع في الجامع الأموي بدمشق حتى يومنا هذا.

الخطأ الشائع في الخلط بينهما يؤدي إلى حكم فقهي غير دقيق، حيث أن معظم المذاهب الفقهية تحرّم أذان الجوق، بينما ترى غالبية المدارس الفقهية مشروعية الأذان الجماعي كما يؤدى في دمشق، لأنه لا يعتمد على تقسيم الأذان بين المؤذنين، بل يتم تأديته جماعيًا بالكامل.

الفرق بين الأذان الجماعي وأذان الجوق

الأذان الجماعي في رمضان: صدى يملأ القلوب بالسكينة

يستمر الأذان الجماعي في الجامع الأموي في رسم أجواء روحانية خاصة، خصوصًا في شهر رمضان، حيث يتحول إلى رمز لبدء الإفطار في دمشق، تمامًا كما كان الحال لعقود طويلة.

عند سماع الأذان الجماعي، تتوقف الحياة للحظات، فيتوقف الناس في الشوارع، يهدأ الحديث في المنازل، وتهيئ العائلات موائدها استعدادًا للإفطار. إنه صوت يحمل ذاكرة دمشق ورمضانها المميز، ويبقى شاهدًا على تراث لا يندثر، مهما تغيرت الأيام والظروف.


الخاتمة

يظل الأذان الجماعي في الجامع الأموي جزءًا من التراث الدمشقي العريق، ليس مجرد نداء للصلاة، بل تجربة روحانية متكاملة تتغلغل في وجدان أهل دمشق وزائريها. في رمضان، يتحول إلى إيقاع مقدس يعلن بدء الإفطار، ليظل هذا التقليد شاهدًا على أصالة وعراقة هذا المسجد العريق.

المصدر: www.aljazeera.net

شاركها.

منصة شاملة تقدم محتوى متنوعًا يجمع بين الأخبار الحديثة والمدونات التحليلية، بالإضافة إلى إحصائيات دقيقة، واختبارات تفاعلية، ومقاطع فيديو مبتكرة.

إعلان
Subscribe
Notify of
1 Comment
Oldest
Newest Most Voted
تعليقات داخلية
عرض كل التعليقات
6 months ago

[…] رمضان في ماليزيا تجربة روحانية وثقافية فريدة، حيث تتجلى التقاليد الإسلامية في كل زاوية، من […]

إعلان
wpDiscuz
1
0
حابين نسمع رأيك، اترك تعليقك.x
()
x
Exit mobile version