رمضان في ماليزيا: نفحات إيمانية وعادات أصيلة
يستقبل المسلمون في ماليزيا شهر رمضان المبارك بحفاوة كبيرة، حيث تمتزج روحانية الشهر الكريم بالعادات المالايوية الأصيلة، في أجواء مليئة بالمحبة والتواصل الاجتماعي. يبدأ الاستعداد لرمضان منذ الليلة الأخيرة من شعبان، حيث تجتمع العائلات لتناول العشاء والدعاء ببلوغ هذا الشهر الفضيل، كما تتزين الشوارع وتُضاء المساجد احتفاءً بحلوله.
المساجد في رمضان: دور مركزي في حياة الماليزيين
تلعب المساجد الماليزية دورًا بارزًا خلال رمضان، حيث تتحول إلى مراكز تجمع للعائلات في المدن والقرى. منذ وقت العصر، تبدأ العائلات في التوافد على المساجد استعدادًا للإفطار الجماعي، حيث يرحّب الجميع بالضيوف وعابري السبيل لمشاركتهم المائدة الرمضانية.
بعد صلاة المغرب، يواصل كثيرون المكوث في المسجد حتى أداء صلاة العشاء والتراويح، ومع دخول العشر الأواخر، يزداد الإقبال على قيام الليل والاعتكاف. وتوفر المساجد تجهيزات خاصة مثل قاعات للأطفال حتى يتمكن الآباء من أداء صلواتهم في أجواء هادئة، إلى جانب تنظيم أنشطة دينية ومسابقات لتحفيظ القرآن للأطفال.

التراويح والاحتفال بليلة نزول القرآن
تولي السلطات الماليزية اهتمامًا كبيرًا بـ صلاة التراويح، حيث تستضيف أئمة من خارج البلاد في المساجد الكبرى لإقامة الصلاة بطرق تجذب المصلين. غالبًا ما يتم أداء 20 ركعة، مع ختم القرآن في أغلب المساجد خلال الشهر، ويتخللها ابتهالات وأذكار ترفع الأجواء الروحانية.
يحتفل الماليزيون بـ ليلة 17 رمضان بذكرى نزول القرآن الكريم، وهو يوم عطلة رسمية في بعض الولايات، حيث تُقام احتفالات رسمية بمشاركة شخصيات بارزة مثل الملك ورئيس الوزراء.
البازارات الرمضانية: تجربة ثقافية وسياحية فريدة
تعد بازارات رمضان من أبرز مظاهر الشهر الفضيل في ماليزيا، حيث تُقام في مختلف المناطق وتستقطب السكان والسياح على حد سواء. تُطلق وزارة السياحة الماليزية حفل افتتاح سنوي لهذه الأسواق، التي تستمر حتى وقت السحور، وتشمل عروضًا متنوعة من المأكولات والحرف اليدوية والملابس التقليدية.
تسهم هذه البازارات في الاقتصاد المحلي، حيث توفر فرصًا للتجار الصغار لبيع منتجاتهم، كما يذهب جزء من الأرباح إلى مشاريع إفطار الصائم والأعمال الخيرية، مما يجعلها مزيجًا من التجارة والعبادة والإحسان.
المأكولات الرمضانية في ماليزيا: نكهات تقليدية مميزة
كما هو الحال في العديد من الدول الإسلامية، يمتلك الماليزيون أكلات رمضانية خاصة تميز موائدهم، من بينها:
- حساء البوبر لامبوك: حساء كثيف من الأرز وحليب جوز الهند واللحم والروبيان المجفف والبهارات، يتم تحضيره في المنازل والمساجد لتوزيعه على الصائمين.
- طبق الليمانغ: أرز مطهو بحليب جوز الهند والبهارات داخل أنابيب الخيزران على الحطب، وهو طبق تقليدي شهير.
- حلوى بوتو بيرنغ: مكونة من جوز الهند والسكر والدقيق، تُطهى بالبخار على قوالب مخروطية الشكل، وتُعتبر من أشهر الحلويات الماليزية في رمضان.
- عصير جوز الهند وقصب السكر: مشروبات منعشة تحظى بشعبية كبيرة بين الصائمين بسبب قدرتها على إطفاء العطش بعد يوم طويل من الصيام.

تجربة إفطار مفتوح في الأسواق والمجمعات التجارية
تنتشر في المدن الماليزية بسطات الطعام التي تقدم وجبات الإفطار بأسعار مناسبة، وغالبًا ما تُحضر الوجبات في البيوت ثم تُباع على هذه البسطات المنتشرة في محطات القطار والأسواق والمناطق السكنية. يتم تقديم الطعام على شكل بوفيه مفتوح، مما يمنح المستهلكين حرية الاختيار بين الأطباق المتنوعة، بما في ذلك المشاوي، الشوربات، الحلويات، والعصائر.
استعدادات العيد في ماليزيا: مهرجانات تسوق ضخمة
مع اقتراب عيد الفطر، تشهد ماليزيا مهرجانات تسوق ضخمة استعدادًا لاستقبال العيد، حيث تُعرض الملابس التقليدية، والهدايا، والمأكولات المخصصة لهذه المناسبة. ترتبط هذه الأسواق بشبكة حديثة من المواصلات، مما يجعل الوصول إليها سهلًا ومناسبًا للجميع.
خاتمة
يعتبر رمضان في ماليزيا تجربة روحانية وثقافية فريدة، حيث تتجلى التقاليد الإسلامية في كل زاوية، من التجمعات العائلية في المساجد إلى البازارات الرمضانية التي تعكس التنوع الماليزي الغني. ومع اقتراب العيد، يتحول الشهر الكريم إلى مناسبة متكاملة تجمع بين العبادة، التواصل الاجتماعي، والاحتفاء بالثقافة الإسلامية في أبهى صورها.
المصدر: www.aljazeera.net
[…] لبنان خلال رمضان العديد من الفعاليات الثقافية والروحية، منها أمسيات قرآنية ومسابقات لحفظ القرآن […]
[…] الأذان الجماعي في الجامع الأموي في رسم أجواء روحانية خاصة، خصوصًا في شهر رمضان، حيث يتحول إلى رمز لبدء […]