قصة 10 أيام لم يُولد فيها أحد.. ولم يمت فيها أحد
هل تخيلت يوماً أن تستيقظ لتجد أن 10 أيام من حياتك قد اختفت ببساطة؟ هذا ما حدث فعلاً لأكثر من 60 مليون إنسان في إيطاليا وفرنسا وإسبانيا والبرتغال في أكتوبر 1582، حين قررت هذه الدول الكاثوليكية اعتماد ما يُعرف اليوم بـ”التقويم الغريغوري” الذي غيّر طريقة حساب الزمن إلى الأبد.
كيف بدأت الحكاية؟ التقويم الذي أتى من مصر القديمة
يرجع أصل المشكلة إلى التقويم اليولياني، الذي أدخله يوليوس قيصر عام 45 قبل الميلاد، مستنداً إلى حسابات فلكية مأخوذة من النموذج المصري القديم. هذا التقويم افترض أن السنة تتكون من 365 يوماً و6 ساعات، لكن الحقيقة الفلكية أن السنة الشمسية أقصر بـ11 دقيقة و15 ثانية تقريباً.
ورغم ضآلة هذا الفرق، إلا أنه تسبب في تراكم خطأ زمني استمر لـ1600 عام، حتى أصبح التقويم متأخراً بـ10 أيام عن التقويم الفلكي الدقيق.
لماذا أصبح الخطأ مشكلة لا يمكن تجاهلها؟
بحلول عام 1582، بدأ الخطأ يؤثر فعلياً على موعد أهم مناسبة دينية في المسيحية: عيد الفصح. ووفق الحسابات الفلكية، كان الفارق الزمني يتسبب في تباين واضح في توقيت هذا العيد، مما دفع البابا غريغوري الثالث عشر إلى التحرك.
الحل الثوري: حذف 10 أيام من الحياة!
قرر البابا غريغوري أن يُصحّح الخطأ بطريقة غير مسبوقة: حذف 10 أيام من التقويم! وهكذا جاء يوم 15 أكتوبر مباشرة بعد يوم 4 أكتوبر، وكأن أحداً مسح ما بينهما من الوجود. لم يولد أحد في تلك الأيام، ولم يمُت أحد، ولم تُسجّل أي أحداث رسمية، لتتحول هذه الفترة إلى “ثغرة زمنية” في تاريخ أربع دول.
بداية التقويم الميلادي.. وانتشار بطيء
رغم أن الدول الكاثوليكية تبنت التقويم الغريغوري فوراً، فإن باقي الدول، خصوصاً البروتستانتية والأرثوذكسية، رفضت في البداية الاعتراف به بسبب الخلافات الدينية. استغرق الأمر قروناً حتى اعتمدته بريطانيا عام 1752، وروسيا بعد الثورة الشيوعية عام 1917، واليونان في عام 1923.
هل نجح التقويم الغريغوري؟
الإجابة: نعم. أصبح “التقويم الغريغوري” هو المرجع الزمني المعتمد في معظم دول العالم، بفضل دقته في ملاحقة حركة الشمس والفصول. وحتى الدول التي لم تتخلَّ عن تقاويمها الدينية، تعتمد عليه لأغراض رسمية وإدارية.
أسئلة قد تدور في ذهنك
ما هو سبب حذف 10 أيام من التقويم؟
لأن التقويم اليولياني كان يحتوي على خطأ فلكي صغير أدى إلى تأخير في تحديد موعد عيد الفصح.
هل حدثت هذه القفزة الزمنية في كل الدول؟
لا، فقط في الدول الكاثوليكية (إيطاليا، فرنسا، إسبانيا، والبرتغال) عام 1582، ثم تبعتها دول أخرى لاحقاً.
من الذي قرر هذا التغيير؟
البابا غريغوري الثالث عشر، الذي أعطى اسمه لاحقاً للتقويم الغريغوري.
هل ما زالت هناك دول لا تستخدم هذا التقويم؟
معظم دول العالم تعتمد عليه رسمياً، لكن بعضها يستخدم تقاويم موازية لأغراض دينية أو ثقافية.