إعلان

في بلد يُعرف بأنه “أرض الشمس المشرقة” وأيضًا أرض الهزات المستمرة، حيث يسجل ما يقارب 1500 زلزال سنويًا، لم يعد بناء منازل مقاومة للزلازل مجرد خيار، بل ضرورة حتمية للبقاء. لكن ماذا لو كانت الطريقة المثلى لمقاومة اهتزاز الأرض هي ببساطة الانفصال عنها تمامًا؟ هذا هو المفهوم الجريء الذي حولته شركة “إير دانشين سيستمز” (Air Danshin Systems Inc) اليابانية من خيال علمي إلى حقيقة ملموسة.

كيف تجعل منزلك يطفو فوق كارثة؟

الفكرة تبدو بسيطة بشكل مدهش ولكنها عبقرية في تنفيذها. بدلاً من تقوية الجدران والأساسات لامتصاص الصدمات، تعمل هذه التقنية اليابانية لمواجهة الزلازل على مبدأ العزل الكامل. يتم بناء المنزل فوق هيكل خاص يحتوي على وسادة هوائية عملاقة.

عندما تبدأ الأرض بالاهتزاز، تقوم أجهزة استشعار حساسة برصد الموجات الزلزالية الأولى، وخلال أقل من ثانية واحدة، تبدأ آلية العمل:

  1. الرصد الفوري: تلتقط المستشعرات بداية الهزة.
  2. التنشيط السريع: يقوم ضاغط هواء قوي (يعمل حتى عند انقطاع الكهرباء بفضل نظام طاقة احتياطي) بملء الوسادة الهوائية تحت المنزل.
  3. الطفو الآمن: يرتفع المنزل بالكامل عن أساساته مسافة 3 سنتيمترات. قد تبدو هذه المسافة ضئيلة، لكنها كافية تمامًا لعزل المبنى عن حركة الأرض العنيفة.
  4. الهبوط السلس: بمجرد انتهاء الزلزال، يتم تفريغ الهواء من الوسادة ببطء، ليعود المنزل ويستقر بهدوء على أساساته.

والنتيجة؟ بينما تهتز الأرض بالأسفل، يظل المنزل “طافيًا” في مكانه، مما يحمي هيكله وسكانه ومحتوياته من الدمار. وقد أثبت عرض حي كفاءة النظام، حيث ظل الأثاث وأكواب الماء ثابتة داخل منزل اختباري يتعرض لهزة اصطناعية قوية.


نظرة تحليلية: بين الإعجاز الهندسي والواقعية

إن هذه التقنية تمثل قفزة نوعية في التفكير الهندسي. لسنوات، ركزت الحلول التقليدية، مثل ممتصات الصدمات والعوازل المطاطية في الأساسات، على “مقاومة” طاقة الزلزال أو “تبديدها”. أما نظام الطفو الهوائي، فهو يعمل على “تجنب” الطاقة بالكامل عبر فك الارتباط مع مصدرها، وهي الأرض.

إعلان

الميزة الاقتصادية هي العامل الأبرز الذي قد يدفع بانتشار هذه التقنية. فتكلفتها لا تتجاوز ثلث تكلفة أنظمة العزل الزلزالي التقليدية، مما يضعها في متناول أصحاب المنازل والشركات الصغيرة، وليس فقط المشاريع الضخمة. وهذا ما يفسر تطبيقها بالفعل في أكثر من 90 مبنى ومنزلًا في جميع أنحاء اليابان.

ومع ذلك، لا يخلو هذا الابتكار من تساؤلات منطقية أثارها خبراء مثل ديكي سميث من مجلس سلامة الزلازل في المباني بالولايات المتحدة. ففعالية النظام ضد الهزات العمودية القوية أو الهزات متعددة الاتجاهات لا تزال قيد الاختبار. علاوة على ذلك، ماذا لو كانت الضربة الأولى للزلزال شديدة لدرجة إحداث ضرر هيكلي قبل أن تتاح للنظام فرصة الرفع خلال تلك الثانية الحاسمة؟

هذه التحديات لا تقلل من قيمة الابتكار، بل تضعه في منظوره الصحيح: هو حل عبقري قد يكون مثالياً للغالبية العظمى من الهزات (الصغيرة والمتوسطة والجانبية)، ولكنه لا يزال بحاجة إلى مزيد من التطوير لمواجهة السيناريوهات الأسوأ. ويعمل المبتكر شويتشي ساكاموتو وفريقه بالفعل على تعزيز النظام لمواجهة هذه المخاوف.

في نهاية المطاف، إن منازل مقاومة للزلازل لم تعد مجرد هياكل خرسانية صلبة، بل أصبحت أنظمة ذكية تتفاعل مع الخطر. وتقنية الطفو الهوائي هي خير مثال على أن الحل الأمثل لمشكلة ما قد لا يكون في المواجهة، بل في المناورة الذكية.

المصدر:

موقع “باراميتك آركيتشتر” (parametric-architecture)


الأسئلة الشائعة:

1. كيف تعمل تقنية المنازل الطافية؟

عند حدوث زلزال، تكتشف المستشعرات الهزة وتنفخ وسادة هوائية تحت المنزل في أقل من ثانية، مما يجعله يرتفع 3 سم عن الأرض ويعزله عن الاهتزازات.

2. هل هذه التقنية باهظة الثمن؟

لا، تمتاز بأنها اقتصادية نسبيًا، حيث تبلغ تكلفتها حوالي ثلث تكلفة أنظمة عزل الزلازل التقليدية، مما يجعلها خيارًا متاحًا للكثيرين.

3. ما مدى أمان النظام عند انقطاع الكهرباء؟

النظام مزود بمصدر طاقة احتياطي لضمان عمله بكفاءة تامة حتى لو انقطعت شبكة الكهرباء الرئيسية أثناء الزلزال.

4. هل تم تطبيق هذه التقنية على أرض الواقع؟

نعم، تم تركيب هذا النظام المبتكر بالفعل في أكثر من 90 منزلاً ومبنى في مختلف أنحاء اليابان وأثبت كفاءته.

5. ما هي التحديات التي تواجه هذه التقنية؟

يشكك بعض الخبراء في مدى فعاليتها ضد الهزات العمودية الشديدة أو الأضرار التي قد تحدث في اللحظة الأولى قبل أن يرتفع المنزل بشكل كامل.

شاركها.

أكتب بشغف عن التكنولوجيا والعلوم وكل ما هو جديد ومثير في عالم الابتكار. أشارك مقالات تهدف إلى تبسيط المفاهيم الحديثة وجعل المعرفة في متناول الجميع.

إعلان
Subscribe
Notify of
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
تعليقات داخلية
عرض كل التعليقات
إعلان
wpDiscuz
0
0
حابين نسمع رأيك، اترك تعليقك.x
()
x
Exit mobile version