في عالم السيارات الكهربائية الذي تهيمن عليه الأسماء الكبيرة مثل تسلا بتصاميمها المستقبلية وBYD بانتشارها العالمي، يبدو أن قواعد اللعبة على وشك أن تتغير. حيث قررت شركة فورد، عملاق صناعة السيارات الأمريكية، العودة إلى جذورها والقيام بما تتقنه تمامًا: صناعة مركبات قوية، عملية، والأهم من ذلك، في متناول الجميع. الأخبار القادمة من ديترويت لا تتحدث عن سيارة خارقة جديدة، بل عن سيارة فورد الكهربائية التي قد تكون الأكثر تأثيرًا منذ عقود.
فريق سري ومهمة ثورية
خلف أبواب مغلقة، يعمل فريق من أفضل مهندسي فورد، يطلق عليه اسم “Skunk Works” وهو مصطلح يُستخدم للفرق التي تعمل على مشاريع سرية ومتقدمة. اللافت في الأمر أن هذا الفريق يضم خبراء انضموا من شركات منافسة، وعلى رأسهم مهندسون سابقون من تسلا، مما يمنح فورد رؤية داخلية لنقاط قوة وضعف المنافسين.
مهمة هذا الفريق ليست سهلة على الإطلاق؛ فهم مكلفون بتطوير منصة كهربائية جديدة بالكامل من الصفر. الهدف؟ بناء قاعدة مرنة ومنخفضة التكلفة يمكن استخدامها لإنتاج مجموعة متنوعة من السيارات الكهربائية الرخيصة. بدءًا من شاحنة بيك أب متوسطة الحجم من المقرر أن ترى النور في عام 2027. هذه الاستراتيجية لا تهدف فقط إلى المنافسة، بل إلى إحداث تغيير جذري في السوق.
شاحنة للشعب: التركيز على مايهم حقًا
بينما ينشغل المنافسون بسباق الميزات التقنية الفاخرة والقيادة الذاتية الكاملة، اختارت فورد مسارًا مختلفًا تمامًا. الشاحنة الجديدة لن تكون مجرد مركبة كهربائية أخرى، بل ستكون أداة عمل يمكن الاعتماد عليها ورفيقًا يوميًا للعائلات.
تستهدف شاحنة فورد الكهربائية القادمة شريحتين أساسيتين:
- المحترفون وأصحاب الأعمال الصغيرة: الذين يحتاجون إلى وسيلة نقل بضائع موثوقة واقتصادية لا تكلفهم ثروة.
- المستهلك العادي: الذي يرغب في التحول إلى سيارة كهربائية لكنه كان مترددًا بسبب الأسعار المرتفعة.
تأتي هذه الخطوة نتيجة لدرس مهم تعلمته فورد من نجاحها الباهر مع شاحناتها الهجينة، مثل فورد مافريك. التي أثبتت أن هناك طلبًا هائلاً على المركبات العملية التي توفر في استهلاك الوقود دون التضحية بالأداء. ففي عام 2024، شكلت الطرازات الهجينة نسبة كبيرة من مبيعات الشركة، مما أعطاها الثقة للمضي قدمًا في هذا الاتجاه مع الكهرباء.
اقرأ أيضاً:
ردود الفعل الأولية: بين الترقب والتشكيك
فور انتشار هذه الأنباء، اشتعلت منتديات السيارات ومواقع التواصل الاجتماعي بالنقاشات. المؤيدون يرون في هذه الخطورة عودة فورد الحقيقية، حيث تستغل خبرتها الطويلة في صناعة الشاحنات لتقديم منتج يفتقر إليه السوق بشدة. يقول أحد المحللين في قطاع السيارات: “فورد لا تحاول أن تكون تسلا أخرى. إنها تحاول أن تكون فورد، وهذا بالضبط ما قد يجعلها تفوز في النهاية”.
في المقابل، يرى المتشككون أن التحدي كبير. فشركة BYD الصينية تسيطر بالفعل على سوق السيارات الكهربائية منخفضة التكلفة. وتحقيق الربحية من سيارة كهربائية بسعر يبدأ من حوالي 25,000 دولار (حسب الشائعات) هو أمر صعب للغاية. علاوة على ذلك، فإن تأجيل مشاريع أخرى مثل الجيل الجديد من F-150 Lightning قد يترك فجوة يستغلها المنافسون.
خطوة ذكية في وقت حاسم
من وجهة نظري، تمثل هذه الاستراتيجية تحولًا ذكيًا وضروريًا من فورد. لقد أدركت الشركة أن محاربة تسلا في ملعبها التكنولوجي الفاخر هو معركة مكلفة ونتائجها غير مضمونة. بدلاً من ذلك، قررت فورد خلق ملعب جديد خاص بها، يجمع بين خبرتها في الشاحنات والطلب المتزايد على السيارات الكهربائية المعقولة.
هذا القرار لم يأتِ من فراغ، بل جاء بعد إعلان الشركة عن خسائر مالية كبيرة في قطاعها الكهربائي، مما أجبرها على إعادة تقييم أولوياتها. وبالتالي، فإن التركيز على منصة منخفضة التكلفة ليس مجرد خطة لمنتج جديد، بل هو استراتيجية بقاء ونمو طويلة الأمد. إنها عودة إلى مبدأ “سيارة لكل الناس” الذي أسس عليه هنري فورد شركته.
إذا نجحت فورد في إطلاق شاحنة كهربائية عملية، بمدى قيادة جيد، وبسعر يغير قواعد السوق، فإنها لن تبيع مجرد سيارات. بل ستقدم حلاً لمشكلة حقيقية تواجه ملايين المستهلكين. نتيجة لذلك، قد لا تكون هذه مجرد سيارة فورد الكهربائية جديدة، بل بداية فصل جديد تمامًا في تاريخ صناعة السيارات.
أسئلة شائعة حول سيارة فورد الكهربائية:
1. ما هو مشروع فورد الكهربائي الجديد؟
تعمل فورد على تطوير منصة كهربائية جديدة منخفضة التكلفة. وسيكون أول إنتاجها شاحنة بيك أب متوسطة الحجم وعملية من المقرر إطلاقها في عام 2027.
2. ما هو السعر المستهدف للشاحنة الكهربائية الجديدة؟
لم يتم الإعلان عن سعر رسمي، ولكن التقارير والشائعات تشير إلى أن فورد تستهدف سعرًا يبدأ من حوالي 25,000 دولار. مما يجعلها واحدة من أرخص السيارات الكهربائية في فئتها.
3. لماذا غيرت فورد استراتيجيتها الكهربائية؟
جاء هذا التغيير بعد مواجهة خسائر مالية في قطاع الكهرباء ولإدراكها بوجود طلب كبير في السوق على سيارات كهربائية عملية وبأسعار معقولة، وهو قطاع لا يزال يعاني من نقص في الخيارات.
4. كيف سيؤثر هذا على المنافسة مع تسلا وBYD؟
تهدف فورد إلى تحدي تسلا وBYD ليس في فئة السيارات الفاخرة، بل في سوق السيارات الكهربائية الشعبية ومنخفضة التكلفة. مستفيدة من سمعتها القوية في صناعة الشاحنات الموثوقة.



