إعلان

مع تشكيل الحكومة السورية الجديدة، تبدو ملامح المرحلة المقبلة أكثر وضوحًا في ما يخص التعامل مع آثار الحرب الممتدة منذ أكثر من عقد. لم يعد الحديث مقتصرًا على وقف إطلاق النار أو إعادة الإعمار، بل تجاوز ذلك إلى المطالبة بتعويضات دولية من القوى التي دعمت النظام السابق. هذه الخطوة تحمل بعدًا سياسيًا وقانونيًا واقتصاديًا، وقد تكون واحدة من أكثر الملفات حساسية في المشهد السوري الراهن.

من يطالب ومن يُطالَب؟

تشير تقارير من وكالات مثل Middle East Monitor وNewsweek إلى أن دمشق تستعد لمطالبة كلٍّ من:

  • إيران: بمبلغ يصل إلى 300 مليار دولار، نتيجة دعمها العسكري والسياسي للنظام السابق وما خلّفه ذلك من دمار واسع.
  • روسيا: وُجّهت لها أيضًا مطالبات بالتعويض، وطرحت هذه القضية في أول مباحثات مع ممثلي موسكو بعد التغيير.
  • أطراف أخرى: رغم أن الحديث الرسمي أقل وضوحًا، إلا أن هناك دعوات شعبية وحقوقية لتحميل قوى إقليمية ودولية أخرى المسؤولية، بما فيها الميليشيات التي قاتلت داخل سوريا.

حجم الخسائر: ما وراء الأرقام

التعويضات المطروحة، رغم ضخامتها، لا تغطي إلا جزءًا من حجم الكارثة. تقارير البنك الدولي والأمم المتحدة قدرت الخسائر الاقتصادية لسوريا بما يتجاوز 500 مليار دولار، بينما تشير تقديرات محلية إلى أن تكلفة إعادة الإعمار قد تقترب من تريليون دولار إذا احتُسبت الأضرار البشرية والاجتماعية.

  • البنية التحتية: أكثر من 50% من المرافق الحيوية دُمرت أو تضررت.
  • القطاع الصحي: نحو 70% من المستشفيات خرجت عن الخدمة في بعض المراحل.
  • النزوح واللاجئون: أكثر من 12 مليون سوري بين نازح ولاجئ، وهو أكبر نزوح منذ الحرب العالمية الثانية.

العدالة الانتقالية في سوريا: من النظرية إلى التنفيذ

في مايو 2025، أعلنت دمشق عن تشكيل اللجنة الوطنية للعدالة الانتقالية ولجنة المفقودين. الهدف الأساسي هو:

إعلان
  1. كشف الحقيقة حول الجرائم والانتهاكات.
  2. محاسبة المسؤولين من مختلف الأطراف.
  3. ضمان التعويضات للضحايا وأسرهم.

هذه الخطوة رحّبت بها المفوضية السامية لحقوق الإنسان، معتبرة أنها جزء لا يتجزأ من بناء مستقبل أفضل للسوريين. لكنها أيضًا أثارت تساؤلات حول مدى قدرة هذه اللجان على العمل باستقلالية، ومدى استعداد المجتمع الدولي لدعمها ماليًا وسياسيًا.

المسار القانوني: هل يمكن فرض التعويضات دوليًا؟

تاريخيًا، هناك سوابق:

  • العراق – الكويت (1990): أُلزم العراق بدفع أكثر من 52 مليار دولار كتعويضات، عبر لجنة أممية خاصة، واستمر السداد حتى عام 2022.
  • ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية: دفعت مليارات الدولارات كتعويضات للحلفاء ولليهود.

لكن في حالة سوريا، الوضع أكثر تعقيدًا:

  • مجلس الأمن منقسم بسبب الفيتو الروسي والصيني.
  • القوى المتورطة (مثل روسيا وإيران) نفسها من الأعضاء المؤثرين دوليًا.
  • قد يبقى المسار الأكثر واقعية هو التسويات السياسية، مثل ربط مشاركة هذه الدول في إعادة الإعمار بتقديم مساهمات تُعتبر شكلًا من أشكال التعويض غير المباشر.

البُعد السياسي: ورقة ضغط أم مطلب حقوقي؟

لا يمكن فصل المطالبات بالتعويضات عن الحسابات السياسية:

  • داخليًا: تمنح الحكومة الجديدة شرعية أكبر أمام الشعب السوري، وتُظهر أنها تدافع عن حقوق الضحايا.
  • خارجيًا: تُستخدم كورقة ضغط على الدول المتورطة، سواء في المفاوضات الثنائية أو في المحافل الدولية.
  • اقتصاديًا: تفتح الباب أمام تمويل إعادة الإعمار بموارد خارجية بدلًا من الاعتماد فقط على المنح الدولية أو الديون.

بداية نقاش طويل

من الواضح أن ملف التعويضات لن يُحسم بين ليلة وضحاها. قد يستغرق الأمر سنوات من المفاوضات، وربما لن تُدفع المبالغ بالأرقام المطروحة. لكن المجرد طرحها رسميًا من قبل الحكومة السورية الجديدة، مدعومًا بتجارب تاريخية مماثلة، يعني أن فكرة العدالة الانتقالية دخلت مرحلة أكثر جدية.

المستقبل سيكشف إن كانت هذه المطالبات ستبقى ورقة سياسية للتفاوض، أم ستتحول إلى مسار قانوني دولي يعيد شيئًا من الحق لأبناء سوريا.


الأسئلة الشائعة حول ملف التعويضات في سوريا

من هي الدول التي قد تُطالَب بتعويضات عن الحرب في سوريا؟

تشير التصريحات الرسمية إلى دول مثل إيران وروسيا، باعتبارهما أبرز الداعمين للنظام السابق. كما يُثار الحديث عن أطراف أخرى شاركت بشكل مباشر أو غير مباشر.

ما قيمة التعويضات التي تُطرح حتى الآن؟

الرقم الأكثر تداولًا هو 300 مليار دولار من إيران، فيما يجري الحديث عن أرقام أخرى مع روسيا ودول مختلفة، لكن لم تُعلن تقديرات نهائية أو رسمية بعد.

كيف يمكن لسوريا أن تحصل على هذه التعويضات؟

الحصول على التعويضات يتطلب إما قرارات أممية، أو محاكم دولية خاصة، أو تسويات سياسية واقتصادية ضمن صفقات إعادة الإعمار.

هل ستُدفع هذه التعويضات فعلًا؟

من الصعب الجزم. التجارب السابقة مثل تعويضات العراق للكويت بعد غزو 1990 أُجبرت عبر قرارات أممية. لكن في حالة سوريا، الأمر مرتبط بتوازن القوى وموقف المجتمع الدولي.

شاركها.

منصة شاملة تقدم محتوى متنوعًا يجمع بين الأخبار الحديثة والمدونات التحليلية، بالإضافة إلى إحصائيات دقيقة، واختبارات تفاعلية، ومقاطع فيديو مبتكرة.

إعلان
Subscribe
Notify of
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
تعليقات داخلية
عرض كل التعليقات
إعلان
wpDiscuz
0
0
حابين نسمع رأيك، اترك تعليقك.x
()
x
Exit mobile version