لحظات قليلة في مسيرة أي فنان يمكن أن تعيد تعريف كل ما سبقتها. بالنسبة لـ دواين جونسون، تلك اللحظة تجسدت في 15 دقيقة من التصفيق الحار والمتواصل في مهرجان فينيسيا السينمائي، حيث انهار الرجل الذي عرفناه كصخرة هوليوود الصلبة (ذا روك) باكياً. لم تكن هذه دموع الفرح فقط، بل كانت دموع تحرر من قفص ذهبي صنعه له شباك التذاكر على مدى سنوات. فيلم “The Smashing Machine” ليس مجرد فيلم جديد في مسيرته، بل هو إعلان عن ميلاد ممثل جديد طال انتظاره.
كيف غامر نجم شباك التذاكر الأول بمسيرته من أجل قصة إدمان وألم، وهل يقوده هذا التحول إلى الأوسكار؟
لأكثر من عقدين، كان اسم دواين جونسون مرادفاً للنجاح التجاري المطلق. أفلام الحركة، الكوميديا، والمغامرات التي تدر مئات الملايين من الدولارات جعلته النجم الأعلى أجراً والأكثر جماهيرية. لكن خلف هذه الصورة اللامعة، كان هناك صوت يهمس في أذنه: “ماذا لو كان هناك المزيد؟”. هذا “المزيد” هو ما وجده في قصة “مارك كير”، بطل الفنون القتالية المختلطة (MMA) الذي صعد إلى قمة المجد في التسعينيات قبل أن تسحقه آلة الإدمان والضغوط النفسية.
تحول يتجاوز الجسد
لم يكن التحضير للدور سهلاً. تخلى جونسون عن كتلته العضلية الضخمة التي كانت جزءاً من هويته، وفقد ما يقرب من 27 كيلوجراماً ليبدو أكثر رشاقة وهشاشة، ليقترب من البنية الجسدية لمارك كير في أوج مسيرته. لكن التحول الأعمق كان نفسياً. فبدلاً من الشخصيات الخارقة التي لا تُقهر، غاص جونسون في أعماق شخصية معقدة، ممزقة بين شراسة الحلبة وضعف الروح.
“شعرت بأنني مُصنّف ومحصور في زاوية،” اعترف جونسون في فينيسيا. “هوليوود تحدد مسارك بناءً على ما يريده الجمهور وما ينجح تجارياً. لقد صنعت تلك الأفلام وأحببتها، لكنني كنت أتوق لتقديم شيء يكشف عن إنسانية أعمق، عن الصراع والألم”.
لماذا الآن؟ رؤية المخرج الجريئة
الفضل في هذا التحول لا يعود لجونسون وحده، بل للمخرج بيني سافدي (المعروف بأفلامه الواقعية والموترة مثل Uncut Gems). راهن سافدي على قدرة جونسون الكامنة على تقديم الدراما، ورأى ما وراء العضلات والابتسامة الساحرة. بالتعاون مع شركة الإنتاج المرموقة A24، المعروفة بدعمها للأفلام الفنية والجريئة، تم توفير البيئة المثالية لجونسون ليخرج من عباءة “ذا روك” ويصبح ممثلاً بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
النتيجة كانت أداءً وصفه النقاد بأنه “الأفضل في مسيرته”، “خام”، و”ضعيف بشكل مؤلم”. المقارنات بدأت تظهر فوراً مع برندان فريزر في فيلم “The Whale”، الذي بدأ رحلته نحو الأوسكار من نفس المهرجان. يبدو أن هوليوود تحب قصص العودة والتحول، وقصة جونسون الآن هي الأكثر جاذبية.
ليس مجرد فيلم، بل استثمار في الإرث
ما فعله دواين جونسون يتجاوز كونه مجرد دور سينمائي؛ إنه استثمار في إرثه الفني. في عمر 53 عامًا، وبعد أن حقق كل ما يمكن تحقيقه تجارياً، يختار الآن الطريق الأصعب والأكثر خطورة. هذا القرار لا يغير فقط نظرة الجمهور والنقاد إليه، بل يفتح الباب أمام جيل جديد من الأدوار التي لم تكن متاحة له من قبل. إنه يثبت أن القوة الحقيقية لا تكمن في حجم العضلات، بل في الشجاعة على كشف نقاط الضعف. لقد خاطر بالكثير، ولكن كما أظهرت دموعه في فينيسيا، فإن المكافأة كانت تستحق كل هذا العناء.
أسئلة متداولة:
1. ما هو فيلم “The Smashing Machine”؟
هو فيلم دراما سيرة ذاتية من إخراج بيني سافدي، يؤدي فيه دواين جونسون دور بطل الفنون القتالية المختلطة مارك كير، ويركز على صراعه مع النجاح، الشهرة، والإدمان.
2. لماذا بكى دواين جونسون في العرض الأول للفيلم؟
تأثر جونسون بشدة من رد فعل الجمهور الذي وقف يصفق لمدة 15 دقيقة بعد عرض الفيلم في مهرجان فينيسيا، وشعر بأن هذا الدور هو تتويج لرغبته في كسر صورته النمطية كممثل أفلام حركة.
3. هل تغير شكل دواين جونسون من أجل الدور؟
نعم، خضع لتحول جسدي ملحوظ وفقد الكثير من وزنه وكتلته العضلية ليبدو أقرب إلى شخصية مارك كير الحقيقية، مبتعداً عن مظهره المعتاد كـ “ذا روك”.
4. من هو مارك كير الحقيقي؟
مارك كير هو مصارع ومقاتل فنون قتالية مختلطة أمريكي، كان بطلاً شهيراً في بطولات مثل UFC و Pride FC في التسعينيات، وعُرفت قصته وصراعه مع الإدمان من خلال فيلم وثائقي شهير أنتجته HBO عام 2002.
5. هل الفيلم مرشح لجوائز الأوسكار؟
بعد ردود الفعل الإيجابية الساحقة في مهرجان فينيسيا، بدأ النقاد يتوقعون أن يكون أداء دواين جونسون من بين الترشيحات القوية لجوائز الأوسكار القادمة.