النقاط الرئيسية
- العشوائية لا تعني الفوضى، بل التحرر من أثر الماضي في التفكير.
- الفائزون في اللعبة يميلون إلى عدم التفكير في الجولة السابقة إطلاقًا.
- العقل البشري يجد صعوبة في أن يكون غير متوقع بطبيعته.
- الدرس لا يخص اللعبة فقط، بل يمتد إلى القرارات اليومية والمنافسات.
تبدو لعبة “حجر ورقة مقص” وكأنها مسألة حظ بحت، لكن العلم يقول غير ذلك. فقد كشفت دراسة حديثة من جامعة ويسترن سيدني الأسترالية أن الفوز في هذه اللعبة الشهيرة قد يعتمد على طريقة تفكيرك، أو بالأحرى على قدرتك على التوقف عن التفكير تمامًا.
في عالمٍ يسوده التحليل المفرط، قد تكون العشوائية هي المفتاح الذهبي للفوز.
كيف توصل العلماء إلى هذه النتيجة؟
أجرى الباحثون تجربة فريدة شملت أكثر من 15 ألف جولة من اللعبة، مع تسجيل نشاط أدمغة اللاعبين في الوقت الحقيقي عبر تقنية تُعرف باسم المسح العصبي المزدوج (Hyperscanning)، التي تسمح بدراسة تفاعل دماغ شخصين أثناء اللعب.
كانت النتائج مذهلة: أكثر من نصف المشاركين اختاروا “الحجر” مرارًا وتكرارًا، فيما فضّل آخرون “الورقة” أو “المقص” بنمط متكرر، ما كشف أن الإنسان غير قادر على التصرف بعشوائية تامة.
الأدهى من ذلك، أن الباحثين لاحظوا أن اللاعبين يميلون لا شعوريًا إلى تجنب تكرار نفس الخيار في الجولة التالية، ما يجعل تصرفهم قابلًا للتنبؤ بسهولة أكبر.
ما الذي يحدث داخل دماغ الخاسرين والفائزين؟
من خلال تحليل النشاط العصبي، وجد العلماء أن عقول الخاسرين كانت منشغلة بالماضي، أي بالجولة السابقة تحديدًا، مما جعل قراراتهم التالية أكثر توقعًا.
أما الفائزون، فقد بدت أدمغتهم أكثر “تحررًا” من أثر الجولة الماضية، وكأنهم أعادوا ضبط أنفسهم في كل مرة.
الباحثة دنيز موريل أوضحت ذلك بقولها:
“نحن نعتقد أننا عشوائيون، لكن أدمغتنا مصممة للاعتماد على الخبرة السابقة. وهذا يجعلنا نتصرّف بطريقة يمكن التنبؤ بها، حتى عندما نحاول العكس.”
ماذا تعني هذه النتيجة في الحياة الواقعية؟
ما وراء اللعبة هو درس عميق في السلوك البشري. فالعقل البشري بطبيعته لا يستطيع الانفصال عن التجارب السابقة — وهي ميزة مهمة في مجالات التعاون، لكنها تُضعف أداءنا في المواقف التنافسية.
وفقًا للبروفيسور تايل غروتسواجرز، فإن الدماغ البشري “لا يمكنه تجاهل الماضي بسهولة”، ما يعني أن أي قرار نتخذه في مفاوضة عمل، أو صفقة تجارية، أو حتى مباراة شطرنج، يتأثر لا شعوريًا بما حدث سابقًا.
ما الحيلة العلمية للفوز إذًا؟
الحل بسيط: كن عشوائيًا قدر الإمكان.
توقف عن التحليل، وانسَ الجولة السابقة، واترك القرار لرد فعلك اللحظي.
بكلمات أخرى، العقل الذي ينسى الجولة الماضية يربح الجولة التالية.
ولعل هذه القاعدة لا تنطبق فقط على الألعاب، بل أيضًا على حياتنا اليومية — من التنافس في الأسواق إلى المفاوضات وحتى العلاقات الإنسانية، حيث يصبح الإفراط في التفكير أحيانًا سببًا في الخسارة.
المصدر
دراسة جامعة ويسترن سيدني – مجلة Social Cognitive and Affective Neuroscience



