في زمنٍ كثرت فيه الأعذار وضعفت فيه العزائم، تبرز مواقف عفوية تُظهر لنا حقيقتنا أمام الله، وتوقظ فينا ما قد غفلنا عنه. قصة بسيطة جرت في مسجد، لكنها حملت في طياتها درسًا يفوق آلاف المحاضرات.
دخل رجل إلى المسجد وهو يرتدي “بيجامة نوم”، لم يتوانَ عن أداء الصلاة رغم هيئته المتواضعة، وبعد الصلاة، دعاه أحد المصلين إلى منزله لشرب القهوة. لكن الرجل اعتذر بأدب، قائلاً: “هيئتي ليست مؤهلة لأن أدخل بها بيتك”.
هنا، جاء الرد الذي هز كيانه:
“ليس مقامي بأعظم من مقام رب العالمين”.
قالها الأخ الكريم، ليوصل رسالة موجزة بليغة: إن كان هذا اللباس لم يمنعه من الوقوف بين يدي الله في صلاته، فكيف يمنعه من دخول بيت عبدٍ مثله؟!
درس من ذهب: لمن نخشى؟
هذه الحادثة ليست مجرد لحظة خجل، بل مرآة لواقعنا. كم مرة نستعد فيها جيدًا للقاء مدير أو ضيف أو موعد مستشفى؟ نحضر مبكرًا، نلبس أفضل ما عندنا، نحرص على المظهر والانطباع.
ثم إذا جاء وقت الصلاة، تثاقلت أقدامنا، واعتذرنا بأن “النوم ثقيل” أو “مشغولون”.
قال تعالى:
“بل تؤثرون الحياة الدنيا، والآخرة خيرٌ وأبقى” [الأعلى: 16-17].
المعادلة المقلوبة
تلك المفارقة بين الحضور للمواعيد الدنيوية والتغافل عن موعد الصلاة ليست في التوقيت فقط، بل في الاهتمام والنية والاحترام.
الصلاة موعد مع الله، فهل نحضّر له كما نحضّر لباقي مواعيدنا؟
حين نخجل من الناس بسبب ملابس أو مظهر، لِمَ لا نخجل أمام الله من قلوبنا الغافلة أو عباداتنا السطحية؟
💡 العبرة من القصة
ما تخشاه من الناس، الأولى أن تخشاه من رب الناس.
هي ليست مجرد عبارة، بل قاعدة تعيد ترتيب سلم أولوياتنا.
الله يرانا في كل حال، ويعلم نوايانا قبل أفعالنا.
فهل نُجمل مظهرنا عند الناس ونغفل عن جوهرنا عند رب الناس؟
ما معنى الخشية من الله؟
الخشية من الله تعني احترام جلاله والخوف من معصيته، نابعة من المحبة والوعي بعظمته.
ما الفرق بين الخجل من الناس والحياء من الله؟
الخجل من الناس غالبًا شكلي، بينما الحياء من الله أعمق وأصدق، يتعلق بالسلوك والنوايا.
كيف نغرس الخشية من الله في قلوبنا؟
بكثرة الذكر، وتدبر القرآن، والحرص على الصلاة في وقتها، ومراقبة النفس في الخفاء قبل العلن.



