إعلان

يُعد يوم 8 مايو 1945 واحدًا من أبرز الأيام في التاريخ المعاصر، حيث شهد نهاية الحرب العالمية الثانية في أوروبا باستسلام ألمانيا النازية للحلفاء. لكن ما لا يعرفه كثيرون هو أن هذا الاستسلام لم يكن الأول، بل سبقه توقيع اتفاقية أخرى قبلها بيوم واحد في مدينة ريمس الفرنسية، تم إلغاؤها بضغط مباشر من الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين. فما الذي حدث خلف الكواليس؟ ولماذا أصر ستالين على توقيع اتفاقية ثانية في برلين؟ هذا ما سنكشفه في السطور التالية.


اتفاقية ريمس الأولى.. بداية النهاية

في الساعات الأولى من يوم 7 مايو 1945، وقّع الجنرال الألماني ألفرد جودل اتفاقية استسلام ألمانيا غير المشروط، ممثلاً عن القيادة العسكرية الألمانية الجديدة بقيادة الأميرال كارل دونيتز، في مدينة ريمس الفرنسية. الاتفاق تم تحريره بأربع لغات: الإنجليزية، الفرنسية، الروسية، والألمانية.

  • وقع الاتفاق عن الحلفاء الجنرال الأمريكي والتر سميث.
  • ووقعه من الجانب السوفيتي الجنرال إيفان سوسلوباروف، دون انتظار إذن رسمي من موسكو.

لكن هذه الخطوة لم تُرضِ ستالين، الذي كان يرى أن التوقيع دون تمثيل رسمي للاتحاد السوفيتي أمر غير مقبول سياسيًا واستراتيجيًا، خاصة في ضوء تضحيات السوفييت الجسيمة في الحرب.


لماذا رفض ستالين اتفاقية ريمس؟

ستالين كان يدرك أهمية الرمزية السياسية في توقيع الاستسلام. فالاتحاد السوفيتي فقد نحو 20 مليون شخص في الحرب، مقارنة بـ7 ملايين ألماني و450 ألف بريطاني و600 ألف فرنسي. لذا اعتبر أن غياب تمثيل رسمي للقيادة السوفيتية، وخاصة المارشال غيورغي جوكوف، يشكّل انتقاصًا من دورهم.

كما أن توقيع الاتفاق في فرنسا، وليس في برلين التي كانت ساحة الانتصار الحقيقي، مثّل أيضًا مصدر استياء لستالين.

إعلان

لهذا السبب، تم تفعيل بند في اتفاقية ريمس يتيح استبدالها باتفاقية جديدة في حال اعتراض أحد الأطراف.


برلين.. المسرح الأخير للاستسلام

استجابة لمطالب ستالين، عُقدت مراسم توقيع اتفاقية جديدة في منطقة كارلسهورست بالعاصمة برلين مساء 8 مايو 1945. المارشال السوفيتي غيورغي جوكوف ترأس الحفل، ووقع عن الجانب الألماني الجنرال فيلهلم كايتل.

  • بدأ الحفل في تمام الساعة 10:43 مساءً بتوقيت أوروبا الوسطى.
  • ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في الساعة 11:00 ليلاً (أي 1:00 صباحاً بتوقيت موسكو يوم 9 مايو).

ومنذ ذلك اليوم، أصبحت 8 مايو ذكرى نهاية الحرب العالمية الثانية في أوروبا، بينما يحيي الروس الذكرى في 9 مايو وفقًا لتوقيت موسكو.


أمثلة عملية على نتائج الاستسلام

  • في ألمانيا: أدى الاستسلام إلى تقسيم البلاد لاحقًا بين قوى الاحتلال الأربع، ما مهّد لاحقًا لانقسامها إلى ألمانيا الغربية والشرقية.
  • في أوروبا: توقفت العمليات العسكرية تمامًا على الجبهة الأوروبية، وبدأت جهود إعادة الإعمار رغم الخراب الهائل.
  • في الاتحاد السوفيتي: استُثمر هذا النصر سياسيًا وإعلاميًا لتكريس صورة الاتحاد كقوة عظمى، وهي الصورة التي استمرت حتى نهاية الحرب الباردة.

أسئلة متداولة حول استسلام ألمانيا

من هو ستالين؟

ستالين هو زعيم الاتحاد السوفيتي من 1924 إلى 1953، قاد بلاده خلال الحرب العالمية الثانية، وكان له دور حاسم في هزيمة ألمانيا النازية، ويُعرف بسياساته الصارمة وتأثيره الكبير على التاريخ الحديث.

لماذا رفض ستالين اتفاقية ريمس؟

لأنه اعتبرها غير شرعية لعدم وجود تمثيل رسمي للقيادة السوفيتية، خاصة المارشال جوكوف، ولأن توقيعها جرى خارج برلين.

متى دخل استسلام ألمانيا حيز التنفيذ؟

في الساعة 11:00 ليلاً بتوقيت أوروبا الوسطى يوم 8 مايو 1945، أي الساعة 1:00 صباحًا بتوقيت موسكو يوم 9 مايو.

من وقّع عن الجانب الألماني في برلين؟

الجنرال فيلهلم كايتل وقع الاتفاقية كممثل عن القيادة الألمانية الجديدة.


خاتمة:

إن قصة استسلام ألمانيا تبرز أن الحروب لا تنتهي فقط في ميادين القتال، بل أيضًا خلف طاولات التفاوض، حيث تتحكم السياسة والتوازنات الدولية في تفاصيل ما يُكتب في التاريخ. إصرار ستالين على إعادة صياغة الاستسلام يوضح مدى تأثير الرمزية والهيبة الوطنية في قرارات الزعماء، حتى في لحظات النهاية.

التاريخ ليس مجرد تواريخ وأسماء، بل هو سلسلة قرارات بشرية مليئة بالحسابات الدقيقة. وإن كنت طالبًا أو باحثًا في التاريخ، فاحرص دائمًا على تحليل ما وراء الحدث، لا الحدث فقط.

شاركها.

منصة شاملة تقدم محتوى متنوعًا يجمع بين الأخبار الحديثة والمدونات التحليلية، بالإضافة إلى إحصائيات دقيقة، واختبارات تفاعلية، ومقاطع فيديو مبتكرة.

إعلان
Subscribe
Notify of
1 Comment
Oldest
Newest Most Voted
تعليقات داخلية
عرض كل التعليقات
إعلان
wpDiscuz
1
0
حابين نسمع رأيك، اترك تعليقك.x
()
x
Exit mobile version