في ظل الاضطرابات الاقتصادية العالمية والتقلبات المتواصلة في الأسواق، يبرز الذهب من جديد كملاذ آمن للمستثمرين. فقد شهدت أسعار الذهب اليوم ارتفاعًا قويًا بأكثر من 0.7%، في إشارة إلى عودة الزخم نحو المعدن الأصفر. هذا الارتفاع يأتي بعد يوم من التراجع الطفيف، لكنه يحمل بين طياته مؤشرات مهمة حول مستقبل الأسواق المالية، خاصة في ظل حالة الترقب التي تسود السياسة النقدية الأمريكية.
ارتفاع أسعار الذهب وتفاصيل التداول الحالية
تشير أحدث بيانات التداول إلى صعود عقود الذهب الآجلة إلى 3367.12 دولارًا للأوقية، بزيادة 0.7%. أما أسعار ذهب السبائك، فقد بلغت 3345.62 دولارًا للأوقية، مرتفعة بنسبة 0.69%.
ومن الملفت أن هذا الصعود يأتي تزامنًا مع استقرار مؤشر الدولار الأمريكي عند 99، مما يقلل من تأثير العملة على الذهب، ويجعل ارتفاعه مدفوعًا أكثر بالعوامل الاقتصادية والجيوسياسية، وليس فقط تقلبات سعر الصرف.
دعم فني قوي وتوقعات بإعادة اختبار ذروة أبريل
بحسب تحليل شانتيل شيفن، المديرة في Capitalight Research، فإن الذهب لا يبدو وكأنه يعيش صعودًا مؤقتًا، بل يحتفظ بدعمه فوق مستويات حاسمة. تشير إلى أن الأسواق قد تكون في وضع الانتظار خلال الصيف، لكن الذهب مؤهل لإعادة اختبار مستوياته القياسية التي بلغها في أبريل، مدعومًا بعوامل اقتصادية حيوية.
هل الاقتصاد الأمريكي “قوي بما يكفي” لدعم الذهب؟
شيفن تؤكد أن مرونة سوق العمل الأمريكي وتراجع حدة التضخم هما من بين الأسباب التي تدفع الذهب للصعود. فرغم أن التضخم ما زال مرتفعًا، إلا أنه لا يخرج عن السيطرة حتى الآن، ما يمنح الذهب فرصة للتماسك.
كما أن الفوائض في المخزون التجاري، التي تحققت بسبب الاستعدادات لحروب تجارية بقيادة الرئيس السابق دونالد ترامب، بدأت تنفد. وهذا يعني أن التأثير الكامل للتعريفات الجمركية سيظهر خلال الأشهر المقبلة، خاصة مع ارتفاع توقعات التضخم بنسبة تزيد عن 6% خلال عام واحد.
الركود التضخمي: كلمة السر في دعم أسعار الذهب
مع تنامي الغموض الجيوسياسي، تتزايد المخاوف من ركود تضخمي محتمل، حيث يتباطأ النمو الاقتصادي بينما يظل التضخم مرتفعًا. في مثل هذا السيناريو، عادةً ما يتجه المستثمرون إلى الذهب باعتباره أحد الأصول الآمنة.
شيفن تضيف أن الشركات باتت أكثر ترددًا في الاستثمار والإنتاج، وهو ما قد يعمق من حالة الركود. في المقابل، فإن الذهب يواصل صموده، بل ويُظهر أداءً أفضل من المتوقع في مثل هذه البيئة.
سياسات الفيدرالي: بين الحياد والتيسير المحتمل
ورغم بقاء الاحتياطي الفيدرالي في موقف محايد نسبيًا تجاه أسعار الفائدة، ترى شيفن أن أي إشارة إلى تيسير نقدي أو ضعف في سوق العمل ستجبره على التحرك نحو خفض الفائدة. وتشير إلى أن ارتفاع البطالة في الولايات المتحدة إلى 5% فقط قد يكون كافيًا لتحفيز خفض الفائدة، ما يدفع الذهب إلى أعلى مستوياته التاريخية من جديد.
توسع الميزانية العمومية للفيدرالي قد يدعم الذهب أيضًا
حتى من دون خفض فعلي في أسعار الفائدة، فإن عودة الفيدرالي إلى التيسير الكمي أو شراء السندات طويلة الأجل قد تدعم سوق الذهب بشكل مباشر. فمع تزايد القلق بشأن ديون الحكومة الأمريكية، باتت السندات الحكومية أقل جاذبية للمستثمرين، في حين لا يزال الذهب يحتفظ بمكانته كأصل ملاذ آمن.
هل أسعار الذهب الحالية مرتفعة؟ الإجابة حسب الرؤية المستقبلية
تختم شيفن تحليلها بالقول: “الذهب يبدو باهظًا فقط إذا افترضت أنه سينخفض. نحن لا نرى ذلك. العودة إلى مستويات 2700 دولار تبدو غير مرجحة في ظل المعطيات الحالية. السوق تغير، والعوامل التي تدعمه اليوم مختلفة جوهريًا عن السابق”.
في ضوء استمرار التوترات الاقتصادية والتقلبات السياسية، يبدو أن الذهب يستعد لمرحلة جديدة من الازدهار. فالمؤشرات تشير إلى إمكانية إعادة اختبار ذروة أبريل التاريخية، لا سيما مع ضعف شهية المستثمرين تجاه السندات، وتصاعد احتمالات التيسير النقدي. في بيئة لا يمكن التنبؤ بها بسهولة، يبقى الذهب هو الأصل الذي يراهن عليه الكثيرون لتمرير العاصفة بأمان.
🌐 المصدر:
Kitco – Capitalight Research – تحليل السوق
هل ترتفع أسعار الذهب في 2025؟
نعم، تشير التحليلات إلى احتمال عودة الذهب إلى ذروته التاريخية في ظل الغموض الاقتصادي وتوسع سياسات الفيدرالي.
ما تأثير التضخم على أسعار الذهب؟
ارتفاع التضخم يدعم أسعار الذهب عادةً لأنه يُنظر إليه كأداة تحوط ضد فقدان القوة الشرائية للعملة.
هل خفض الفائدة يدعم أسعار الذهب؟
بشكل عام، نعم. انخفاض الفائدة يجعل الذهب أكثر جاذبية مقارنة بالأصول التي تمنح عوائد مثل السندات.
لماذا يفضل المستثمرون الذهب وقت الأزمات؟
لأنه أصل ملموس لا يتأثر بالتضخم أو الإفلاس، ويحافظ على قيمته في ظل تقلبات الأسواق.
