إحصائيات رياضة كرة السلة: من يتفوّق في تسجيل النقاط والمتابعات؟

تُعدّ إحصائيات رياضة كرة السلة من أهم الأدوات التي يعتمد عليها المحللون والمدربون لتقييم أداء اللاعبين والفرق. وعلى مر السنوات، تطوّرت هذه الإحصائيات لتشمل تفاصيل دقيقة، بدءًا من عدد النقاط والمتابعات، وصولًا إلى مؤشراتٍ متقدّمة تدرس فعالية اللاعب وتأثيره على نتائج المباراة. في هذا البحث، سنسلّط الضوء على أبرز أرقام نجوم دوريات كرة السلة الكبرى، وخاصةً دوري الـNBA، الذي يعتبر أقوى الدوريات عالميًا، بالإضافة إلى إشارة لدوريات أخرى مثل الدوريات الأوروبية والآسيوية. كما سنتناول دور الخطط الهجومية والتحليلات الرقمية في اختيار أفضل لاعبي الموسم ورفع معدلات التسجيل والمتابعات.

أولًا: أبرز نجوم التسجيل في دوريات كرة السلة

شهد موسم 2022-2023 في الـNBA تفوّقًا واضحًا لبعض النجوم في جانب تسجيل النقاط. وجاءت الإحصائيات على النحو الآتي:

• جويل إمبيد (Joel Embiid):

  تصدّر قائمة الهدافين بمتوسطٍ بلغ حوالي 33.1 نقطة في المباراة الواحدة، ليحصد لقب أفضل مسجّل في الدوري. امتاز إمبيد بتنويع طرق التسجيل ما بين الرميات المتوسطة والاختراقات تحت السلة، إضافةً إلى تطويره مهارة التصويب البعيد.

• لوكا دونتشيتش (Luka Dončić):

  قدّم موسمًا استثنائيًا بمعدلٍ يقارب 32.4 نقطة في المباراة، مؤكّدًا مكانته ضمن نخبة لاعبي كرة السلة عالميًا. يتمتع دونتشيتش بمهاراتٍ فنية عالية وقوة بدنية تتيح له الاختراق والتسجيل أمام أقوى المدافعين.

• داميان ليلارد (Damian Lillard):

  بلغ متوسطه نحو 32.2 نقطة في المباراة، مع قدرته المذهلة على تسجيل الرميات الثلاثية من مسافات بعيدة وخلال لحظاتٍ حاسمة.

• شاي جيلجيوس ألكساندر (Shai Gilgeous-Alexander):

  حصد معدلًا يصل إلى 31.4 نقطة في المباراة الواحدة، مبديًا تطورًا كبيرًا في قدرته على قيادة فريقه هجوميًا وعلى صناعة اللعب لزملائه.

• يانيس أنتيتوكونمبو (Giannis Antetokounmpo):

  سجّل حوالي 31.1 نقطة في المباراة، معتمدًا على قوته الجسدية في الاختراق تحت السلة، وتطوّر واضح في مهارات التسديد المتوسّط والمدى القصير.

لا يقتصر بروز المسجّلين المميزين على دوري الـNBA فحسب، فدوريات أوروبا مثل الدوري الإسباني (ACB) تشهد هي الأخرى ظهور لاعبين يستطيعون تحقيق معدلات تسجيل عالية قد تتجاوز 20 نقطة في المباراة. كما بدأت بعض الدوريات الآسيوية تُلفت الانتباه باستقطابها للاعبين من الـNBA أو أوروبا، ما يزيد من حِدّة المنافسة الهجومية.

ثانيًا: المتابعات ودورها في تغيير مجرى المباريات

تحتلّ المتابعات (Rebounds) مكانة هامة ضمن إحصائيات رياضة كرة السلة، إذ تتيح للفريق الاستحواذ على الكرة مرة أخرى أو حرمان الخصم من فرصة تسجيل إضافية. وفي موسم 2022-2023 بدوري الـNBA، تصدّر بعض اللاعبين قائمة المتابعات:

• دومانتاس سابونيس (Domantas Sabonis):

  أنهى الموسم بمعدّلٍ يقارب 12.3 متابعة في المباراة الواحدة، مستفيدًا من قوته البدنية وقدرته على التمركز الجيد تحت السلة.

• نيكولا يوكيتش (Nikola Jokić):

  رغم تركيزه على صناعة اللعب وتسجيل النقاط، حصد يوكيتش معدلاتٍ قوية من المتابعات بلغ حوالي 11.8 في المباراة، معتمدًا على رؤيته الشاملة لمجريات المباريات وتمركزه الذكي في كلا جانبي الملعب.

• رودي غوبير (Rudy Gobert):

  يُعدّ من أفضل لاعبي الدفاع في السنوات الأخيرة، وحقق متوسطًا يقترب من 11.6 متابعة في المباراة، مستغلًا طوله الفارع (قرابة 2.16 م) وقدرته على قراءة اتجاه الكرة.

لا شك أن اللاعبين ذوي البنية الجسمانية القوية مثل لاعبي مراكز الـCenter والـPower Forward يتمتعون بأفضلية في جمع المتابعات. لكنّنا نجد في حالاتٍ معينة لاعبين من مراكز أخرى قادرين على تحقيق معدلاتٍ جيدة بفضل سرعتهم في الارتداد والتمركز الجيد. كما توجد أرقامٌ لافتة في الدوريات الأوروبية لبعض لاعبي الارتكاز الذين يتفوقون في المتابعات الدفاعية، ما يتيح لفرقهم بناء هجماتٍ مرتدة سريعة.

ثالثًا: التمريرات الحاسمة وأهميتها في إبراز اللعب الجماعي

لا تكتمل إحصائيات رياضة كرة السلة دون ذكر التمريرات الحاسمة (Assists). فنجومٌ مثل كريس بول وليبرون جيمس دائمًا ما يحتلون مراتب متقدمة في هذا الجانب، حيث تتراوح معدلاتهم الموسم الماضي بين 8 و10 تمريرات حاسمة في المباراة الواحدة. يعكس هذا الرقم مدى قدرتهم على صناعة الفرص وإيجاد الزملاء في مواقع مناسبة للتسجيل.

تسمح التمريرات الحاسمة بزيادة تنوّع الخطط الهجومية وصعوبة توقع دفاع الخصم لتحركات الفريق المهاجم. كلما ارتفع معدل التمريرات الجماعي، زادت احتمالية اكتشاف ثغراتٍ دفاعية وتسديدٍ ناجح بمعدلاتٍ أعلى.

رابعًا: دور الخطط الهجومية في رفع معدلات التسجيل والمتابعات

تُعدّ الخطط والتكتيكات الهجومية عاملًا جوهريًا في فهم تباين معدلات التسجيل والمتابعات بين فريقٍ وآخر. ومن أبرز هذه الخطط:

1. اللعب السريع (Transition Offense):

   الاعتماد على الهجمات المرتدة السريعة يعزّز فرص تسجيل عددٍ أكبر من النقاط. ويضاعف حظوظ الفريق في تحصيل متابعات دفاعية (Defensive Rebounds) تُحوَّل بسرعة إلى نقاط خاطفة.

1. التسديد الخارجي (Perimeter Shooting):

   مع انتشار ثقافة الرميات الثلاثية في العقد الأخير، باتت الفرص أكبر لزيادة رصيد النقاط. لكن بالمقابل، يتطلّب هذا الأسلوب وجود لاعبين متميزين في التصويب من المسافات الطويلة، إلى جانب انتقاء تسديداتٍ بنسب نجاحٍ مقبولة.

2. اللعب الجماعي وصناعة الفرص (Ball Movement):

   كلما تحرّكت الكرة بسلاسة بين اللاعبين، زادت فرصة الحصول على تسديدةٍ مفتوحة ومثالية. هذا يحسّن معدلات التسجيل ويقلل من الأخطاء الفردية والاعتماد المفرط على لاعبٍ واحد.

خامسًا: أثر الإحصائيات في اختيار أفضل لاعبي الموسم

لطالما كانت إحصائيات رياضة كرة السلة المتعلقة بتسجيل النقاط والمتابعات والتمريرات الحاسمة معيارًا أساسيًا في تقييم اللاعبين وترشيحهم لجائزة أفضل لاعبٍ في الموسم (MVP). في دوري الـNBA، تؤخذ هذه الأرقام في الاعتبار إلى جانب إنجازات الفريق والجانب القيادي للاعب. فمثلًا، فوز جويل إمبيد بلقب أفضل مسجّل في موسم 2022-2023 رفع من أسهمه في السباق على الجوائز الفردية، خاصةً مع قيادته لفريقه نحو مراكز متقدمة في ترتيب الدوري.

ومع ذلك، بدأت المؤشرات الإحصائية المتقدمة (Advanced Stats) تكتسب أهميةً متزايدة. فهي تدرس كفاءة اللاعب في كل دقيقةٍ يقضيها على أرض الملعب، إضافةً إلى مدى تأثيره في أداء فريقه هجوميًا ودفاعيًا. تصبح هذه المؤشرات مرجعًا مهمًا للخبراء عند اختيار اللاعبين الأكثر تكاملًا وتأثيرًا.

سادسًا: تنوّع الأداء في الدوريات العالمية

رغم أن الـNBA تُمثّل القمة من حيث مستوى التنافس والشهرة، إلّا أن الدوريات الأوروبية (مثل الدوري الإسباني ACB والدوري التركي) والآسيوية (مثل الدوري الصيني CBA) تقدّم بدورها أرقامًا مثيرة للإعجاب. بعض المحترفين الأجانب ينتقلون إلى أوروبا أو الصين ويحققون معدلاتٍ مرتفعة في التسجيل، تفوق أحيانًا 25 نقطة في المباراة، في حين ينجح آخرون في فرض سيطرتهم على المتابعات والدفاع.

يوفّر تنقل النجوم بين هذه الدوريات تنوّعًا في الأساليب الفنية، كما يعزّز من تبادل الخبرات وتطوير المواهب الشابة. ويساهم هذا التنوع في إثراء عالم كرة السلة عالميًا، ويحفّز الاتحادات المحلية لتطوير سياسات احترافية أفضل.

سابعًا: التحليل الرقمي ومستقبل الإحصائيات

لم يَعُد الاعتماد على عين المدرب وحدها كافيًا لتقييم الأداء. فقد دخلت التكنولوجيا بعمق إلى عالم إحصائيات رياضة كرة السلة؛ إذ باتت الأندية تستخدم الذكاء الاصطناعي وتطبيقاتٍ خاصة لرصد تحركات اللاعبين بالثانية. تتيح هذه المنصات استخراج بياناتٍ دقيقة حول الرميات والمسافات التي يقطعها اللاعبون. ونسب النجاح في كل منطقة من أرض الملعب، ومستوى الضغط الدفاعي الواقع على كل لاعب.

يُسهم هذا التحليل في وضع خطط تطوير فردية للاعبين تركز على سدّ الثغرات وتحسين نقاط الضعف. كما يساعد المدربين على إجراء التعديلات التكتيكية الفورية أثناء المباريات، وصولًا إلى تحقيق أفضل أداءٍ ممكن.

في الختام:

تشكل إحصائيات رياضة كرة السلة عنصرًا حاسمًا في فهم طبيعة اللعبة المعاصرة. فهي تبيّن لنا من يتفوّق في تسجيل النقاط، ومن يقتنص المتابعات، وكيف تتكامل العروض الفردية مع الأداء الجماعي لصياغة فريقٍ قادرٍ على تحقيق الفوز. وعلى الرغم من هيمنة دوري الـNBA على المشهد العالمي. فإن الدوريات الأخرى تبرز مواهبًا لا يُستهان بها، وتضيف إلى اللعبة بعدًا ثقافيًا ومهاريًا متنوعًا.

في النهاية، لا يمكن فصل التحليل الرقمي عن مستقبل كرة السلة؛ فمع كل موسمٍ جديد، تزداد وفرة البيانات وتتنوع سُبل استغلالها في تطوير القدرات الفردية والجماعية. وبينما تُضفي الإحصائيات طابعًا علميًا ورقميًا على اللعبة. يبقى شغف الجمهور واللاعبين باللحظات الحاسمة والمواجهات الكبرى هو ما يمنح كرة السلة روحها التنافسية المميزة.