استنادًا إلى إصدار أغسطس 2025 من مسح What Worries the World: تتصدّر الجريمة والعنف (32%)، ثم التضخم (30%)، الفقر وعدم المساواة (29%)، البطالة (28%)، والفساد (26%). كما يقول 37% فقط إن بلادهم “على المسار الصحيح”. هذه الصورة تكشف فجوة بين ما يعيشه الناس يوميًا وما تضعه الحكومات في رأس الأجندة.
ميزان القلق اليومي
حين يفتح القارئ هاتفه صباحًا، يواجه أسعارًا ترتفع، وأخبارًا عن سرقاتٍ في الحي، وإشعاراتٍ عن تسريحاتٍ وظيفية. ومع ذلك، تسمعُ من الساسة كثيرًا عن ملفاتٍ جيوسياسيةٍ كبرى، أو أهدافٍ بعيدة المدى. هنا تمامًا تتشكل الفجوة: الفاتورة اليوم… مقابل الرؤية لسنواتٍ قادمة.
الخريطة الرقمية للمخاوف (أغسطس 2025)
القضية | نسبة القلق عالميًا* |
---|---|
الجريمة والعنف | 32% |
التضخم | 30% |
الفقر وعدم المساواة | 29% |
البطالة | 28% |
الفساد | 26% |
متوسط 30 دولة في مسح Ipsos؛ كما تُظهِر التفاصيل أن القلق من الجريمة يتصدر لدى معظم دول أميركا اللاتينية، ويبلغ 64% في السويد و38% في فرنسا، فيما يرى 37% في المتوسط أن بلدانهم تسير في الاتجاه الصحيح.
قراءة سريعة: تتقدّم القضايا الاقتصادية/المعيشية والأمن الشخصي على باقي الملفات. وهذا منطقي: الناس تقيس الواقع بما يُستنزَف من الدخل وما يهدّد الأمان في الشارع، لا بما يدور في غرف التفاوض الدولية.
ملاحظات مهمة:
- المشاركون يمكن أن يختاروا أكثر من قضية، لذلك المجموع الكلي للنِّسب يتجاوز 100%.
- النِّسب تعكس “متوسط 30 دولة” في جميع أنحاء العالم”.
- كل شهر تتغير النسب قليلًا، وفق المتغيرات الاقتصادية والسياسية في تلك الدول.
أين تقف الحكومات من هذه الأولويات؟
1) التضخم مقابل “الهبوط السلس”
رغم أن التوقعات الأساسية تُشير إلى تراجع التضخم العالمي إلى نحو 4.5% في 2025، فإن خطر ارتداد الأسعار قائم بسبب الرسوم التجارية والتوترات الجيوسياسية. كثيرٌ من الحكومات تُركّز على الاستقرار الكلي وإدارة الدين، بينما ينتظر المواطنُ أثرًا مباشرًا في سلة مشترياته.
2) الأمن الشخصي مقابل الأمن الجيو-سياسي
الناسُ تُقيّم الأمن عبر ما يحدث في الشارع: سرقات، عنف، احتيال إلكتروني. في المقابل، تميلُ أجنداتٌ رسميةٌ إلى ملفات الردع والتحالفات. ومع أنّ معدلات القتل عالميًا تظهر اتجاهًا تنازليًا على المدى الطويل، فإن إدراك الخطر يرتفع في مناطق بعينها بفعل الجرائم اليومية والجرائم الرقمية.
3) الوظائف: وفرة رقمية… وندرة “ملاءمة”
على الورق، البطالة العالمية قرابة 5% في 2024 ومن المتوقّع استقرارها، لكنّ كثيرين لا يجدون “الوظيفة المناسبة” مهارةً وأجرًا ومكانًا. أي أن فجوة الملاءمة المهارية/الجغرافية تُبقي القلق حاضرًا.
لماذا تظهر فجوة “الواقع اليومي” و“السياسات العامة”؟
- اختلاف الأفق الزمني: المواطن يفكّر في فاتورة الشهر؛ الحكومة تُعيد هيكلة الطاقة والديون لعشر سنوات.
- قيود التنفيذ: مكافحة تضخمٍ بنيوي أو فسادٍ متجذّر تتطلّب إصلاحات مؤسسية بطيئة التأثير.
- اقتصاد الانتباه: ملفاتٌ دوليةٌ عالية الرمزية تُزاحم ملفات المعيشة على جدول الاجتماعات—خاصةً حين تتقاطع مع الطاقة والتجارة.
ما الذي ينبغي فعله؟ (وصفة سياسية عملية)
- ميزانية للأمان اليومي: شرطة مجتمعية، إنارة ذكية، عدالة سريعة، وحمايةُ الحقوق في آنٍ واحد—لتقليص الجريمة وقلقها معًا.
- خفض كلفة المعيشة مباشرةً: تحرير أسواق الغذاء والنقل، محاربة الاحتكار، دعمٌ مُستهدَف للفئات الهشّة، وتكاملٌ مع سياسات نقدية منضبطة.
- وظائف أفضل لا أكثر فقط: تحفيز سلاسل القيمة المحلية (التصنيع الأخضر، الرعاية، الاقتصاد الرقمي)، وربط التدريب بحاجات السوق الفعلية.
- حَوْكمة مضادّة للفساد: شفافية مشتريات الدولة، قوائم عقود مفتوحة، حماية المُبلّغين، وتتبّع رقمي للإنفاق العام.
أصوات من العالم (شقّ إنساني داخل السرد)
أميركا اللاتينية:
امرأة تقول:
“أرتدي حقيبةً مضادةً للسرقة قبل الذهاب للعمل.”
وآخر يقول:
“أخاف على طريقي للعمل أكثر مما أخاف على الأخبار العالمية.”
أوروبا:
يقول احدهم:
“الأرقام تقول إن التضخم يهبط… لكن فاتورة السوبرماركت لا تُصدّق ذلك.”
شمال أفريقيا:
أحد التجار يقول:
“مشروعي جاهز للنمو، غير أنّ التراخيص والضرائب تُطيل الطريق.”
نظرة مستقبلية: ماذا نتوقع؟ وما أثره عليك؟
- الأسعار: السيناريو الأساسي عالميًا استمرار تباطؤ التضخم في 2025؛ لكن أي صدمات طاقة/تجارة قد تُعيد القلق بسرعة. بالنسبة لك: خطّط لميزانيةٍ مرنة وحدّث أولويات الإنفاق.
- الأمن: حتى مع اتجاهٍ طويل الأمد لانخفاض جرائم القتل، الأمن السيبراني والاحتيال المالي سيصعدان على سلّم القلق؛ تبنَّ المصادقة الثنائية وتحقّق من الروابط دومًا.
- الوظائف: مع ثبات البطالة العالمية حول 5%، ستُحدِّد المهارات القابلة للتحويل (رقمية/تحليل بيانات/لغات) فرصَك خلال العامين المقبلين.
المصادر:
-
Ipsos – What Worries the World (August 2025)
-
International Monetary Fund (IMF) – World Economic Outlook (April & July 2025)
-
International Labour Organization (ILO) – World Employment and Social Outlook: Trends 2025
-
UNODC / Our World in Data – Global Homicide Data
أسئلة شائعة:
س: هل تغيّرت قائمة القلق خلال العامين الماضيين؟
ج: نعم، إذ تراجع قلق التضخم تدريجيًا مع انحسار الصدمات، بينما صعدت الجريمة والعنف إلى المركز الأول في أغسطس 2025.
س: لماذا لا يَشعر الناس بتحسّن حتى مع تباطؤ التضخم؟
ج: لأنّ تباطؤ التضخم لا يعني انخفاض الأسعار فورًا؛ بل يعني أن وتيرة الارتفاع أبطأ. كما أن بنودًا أساسية (غذاء/سكن/نقل) قد تظل مرتفعة بفعل احتكارات أو رسوم أو صدمات طاقة.
س: هل سوق العمل بخير إذا كانت البطالة 5% فقط؟
ج: الصورة الإجمالية مستقرة، لكن “فجوة الملاءمة” في المهارات والمواقع والأجور تُبقي القلق قائمًا، خصوصًا لدى الشباب.