تخوف الأسواق من الجنيه الإسترليني: الأسباب والتوقعات القادمة
مع اقتراب المملكة المتحدة من الإعلان عن بيانها المالي للعام المقبل، تسود حالة من القلق في الأوساط الاقتصادية العالمية حيال الجنيه الإسترليني. وتشير التقارير إلى أن تخوف الأسواق من الجنيه الإسترليني يعود إلى احتمالات خفض الإنفاق العام، تباطؤ النمو الاقتصادي، وفرض رسوم أمريكية مرتقبة، ما يضع العملة البريطانية تحت ضغوط غير مسبوقة.
تراجع متوقع في قيمة الجنيه
بحسب تقرير نشرته وكالة بلومبيرغ، أوصت مؤسسات مالية كبرى مثل جي بي مورغان وبنك بلباو فيزكايا أرجنتاريا (BBVA) المستثمرين ببيع الجنيه وشراء اليورو، في ظل التوقعات بتراجع الجنيه إلى نحو 85 بنسا مقابل اليورو خلال الربع القادم — وهو أدنى مستوى منذ أغسطس 2024.
هذه التوصيات تأتي قبيل صدور بيان الربيع المالي البريطاني. والذي يُتوقع أن يتضمن خفضاً في الإنفاق وزيادة في الاقتراض وفق القواعد المالية الذاتية التي تتبعها الحكومة البريطانية.
تشاؤم متزايد من المستقبل الاقتصادي
يرى الخبراء أن هذه الإجراءات التقشفية، إلى جانب التوقعات بتباطؤ النمو، قد تدفع بنك إنجلترا إلى خفض أسعار الفائدة أكثر من المتوقع، ما يزيد من ضعف الجنيه. وقال روبرتو كوبو غارسيا، رئيس استراتيجية العملات في BBVA، إن الجنيه قد يواجه المزيد من الانخفاض، مع احتمال وصول اليورو إلى 0.8470 أمامه في المدى القصير.
التفاؤل في منطقة اليورو يفاقم الضغط
في المقابل، تبدو منطقة اليورو أكثر تفاؤلاً بعد أن وافقت ألمانيا على خطة استثمار ضخمة بمئات المليارات من اليوروهات في مجالي الدفاع والبنية التحتية، ما يجعل المستثمرين يفضلون اليورو على الجنيه. وقد انخفض الجنيه فعليًا بأكثر من 1% هذا الشهر أمام اليورو، في أسوأ أداء له منذ أكتوبر الماضي.
الرسوم الأمريكية: عبء جديد على الاقتصاد البريطاني
ولا تتوقف الضغوط عند الداخل البريطاني، إذ أن الولايات المتحدة تستعد لفرض رسوم جمركية جديدة في أبريل المقبل، ما قد يضع عبئاً إضافيًا على الاقتصاد البريطاني. ووفقًا لمحللي جي بي مورغان، فإن فرض هذه الرسوم سيزيد من المخاطر على النمو، ويؤدي إلى مزيد من التدهور في قيمة الجنيه.
التضخم المرتفع يعقّد المشهد
الأسواق تنتظر أيضًا بيانات مؤشر أسعار المستهلكين، والمتوقع أن تُظهر بقاء التضخم عند 3% في فبراير، أي أعلى من هدف بنك إنجلترا. وفي قطاع الخدمات، من المرجح أن يتراجع التضخم بشكل طفيف إلى 4.9% فقط.
ويشير إريك نيلسون من بنك ويلز فارغو إلى أن الجنيه الإسترليني أصبح “صمام التصريف” لكل الضغوطات المالية في بريطانيا، نتيجة لقرارات التقشف وتباطؤ النمو الاقتصادي.
الجنيه في وضع غير مريح للمستثمرين
كيت جاكس، رئيسة استراتيجية العملات في بنك سوسيتيه جنرال. أكدت أن الوضع المالي المتدهور يجعل من الجنيه الإسترليني أداة استثمارية غير مريحة. وترى أن أي تخفيض إضافي في المراكز الاستثمارية قد يؤدي إلى تراجع إضافي في قيمة العملة.
خاتمة: ما الذي ينتظر الجنيه الإسترليني؟
الوضع الحالي يشير بوضوح إلى أن تخوف الأسواق من الجنيه الإسترليني لم يعد مجرد تحذير عابر، بل أصبح واقعًا ملموسًا في ظل التحديات المتراكمة داخليًا وخارجيًا. من التخفيضات المرتقبة في الإنفاق العام إلى تباطؤ النمو والتضخم المرتفع. وصولًا إلى الرسوم الجمركية الأمريكية — جميعها عناصر قد ترسم مستقبلًا ضبابيًا للجنيه. في ظل هذه المعطيات، يظل الجنيه تحت المراقبة، بانتظار ما ستكشفه الأسابيع المقبلة.
المصدر : بلومبيرغ
[…] هذه التقلبات إلى مرحلة حساسة في الاقتصاد العالمي، تتطلب من المستثمرين والمتداولين مراقبة […]