إعلان

عصر المحاسبة الرقمية في مصر

لم يعد عالم الشهرة الرقمية في مصر وردياً كما كان، حيث يجد العديد من البلوغرز المصريين ومشاهير منصات التواصل الاجتماعي أنفسهم في قلب عاصفة قانونية غير مسبوقة. فخلال الساعات والأيام القليلة الماضية، شهدنا تحركاً قضائياً وأمنياً متسارعاً، لم يعد يقتصر على مخالفات الآداب العامة، بل امتد ليشمل تهماً جنائية واقتصادية خطيرة. وبالتالي، يبدو أن الدولة المصرية قد دخلت مرحلة جديدة من تنظيم الفضاء الإلكتروني، مما يثير جدلاً واسعاً حول حدود الحرية الشخصية، والقيم المجتمعية، والمسؤولية القانونية في عصر الإنترنت.

تطورات متلاحقة وقائمة متهمين جديدة

شهدت الساحة مؤخراً سلسلة من الإجراءات القانونية التي طالت أسماء معروفة وغير معروفة في عالم السوشيال ميديا. فعلى سبيل المثال، أمرت النيابة العامة بحبس كل من “مونلي”، الذي اكتسب شهرته من خلال ظهوره مع البلوغر سوزي الأردنية، والبلوغرز “فادي تاتو” و”نوجا تاتو”، لمدة 4 أيام على ذمة التحقيق. وُجهت لمونلي تهم “إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ونشر محتوى يخالف قيم المجتمع”، بينما يواجه الآخران تهمة “التحريض على الفسق والفجور”.

علاوة على ذلك، تم حبس البلوغر إسلام عاطف للسبب ذاته تقريباً، وهو “نشر مقاطع تتضمن ألفاظاً خادشة للحياء”. وفي المقابل، أُخلي سبيل البلوغر “لوليتا” بكفالة مالية، رغم مواجهتها اتهامات مشابهة.

الأمر اللافت هو اعتراف بعض المقبوض عليهم، مثل البلوغر جومانا نستون، بأن دافعهم الأساسي كان “زيادة المشاهدات وتحقيق أرباح مالية”، وهو ما يسلط الضوء على الدافع الاقتصادي وراء المحتوى الذي تعتبره السلطات “صادماً”.

أبعد من الآداب العامة: قضايا غسيل الأموال

الأمر الأكثر خطورة والذي يمثل نقلة نوعية في هذه الحملة هو الانتقال من تهم “الآداب” إلى الجرائم المالية. يتجلى هذا بوضوح في قضية البلوغر محمد شاكر، المعروف بـ”شاكر محظور”، الذي تم ترحيله مؤخراً لمواصلة حبسه الاحتياطي في قضية “غسيل أموال”، مع التحفظ على جميع ممتلكاته.

إعلان

هذا التطور يشير إلى أن السلطات لا تراقب المحتوى الأخلاقي فحسب، بل تتبع أيضاً مصادر الأموال التي يجنيها هؤلاء المشاهير، خصوصاً مع وجود تقارير تتحدث عن استخدام الشهرة في عمليات مالية غير مشروعة. ونتيجة لذلك، لم تعد القضية مجرد صراع قيمي، بل أصبحت معركة ضد جرائم اقتصادية منظمة قد تستغل منصات التواصل الاجتماعي كواجهة لها.

ردود فعل متباينة وصوت القانون

انقسم الشارع المصري والمتابعون لهذه القضايا بشكل حاد. فمن ناحية، هناك قطاع كبير من الجمهور يدعم هذه الحملة، معتبراً إياها خطوة ضرورية “لتنظيف المجتمع” من المحتوى الهابط الذي لا يتناسب مع التقاليد والقيم المصرية. ومن ناحية أخرى، يرى فريق آخر أن هذه الإجراءات تمثل تضييقاً على الحريات الشخصية، وأن معايير “الآداب العامة” فضفاضة ويمكن استخدامها لاستهداف أي شخص.

من وجهة نظر قانونية، يستند الادعاء العام في الغالب إلى قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، وتحديداً المواد التي تجرّم “التعدي على المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري” (المادة 25) و”إنشاء حساب بهدف ارتكاب جريمة” (المادة 27). يؤكد خبراء قانونيون أن الهدف هو تطبيق القانون بحزم على كل من ينتهك النظام العام، لكنهم في الوقت نفسه يحذرون من أن التطبيق الواسع لهذه المواد قد يحتاج إلى ضوابط أكثر وضوحاً لضمان عدم المساس بالحريات.

وجهة نظر: بين التنظيم والتضييق

نحن نشهد لحظة محورية في علاقة المجتمع المصري بالإنترنت. من المؤكد أن محاربة الجرائم الخطيرة مثل غسيل الأموال والاتجار بالبشر التي قد تتخفى وراء الشهرة الرقمية هو أمر ضروري ولا جدال فيه. كما أن حماية الأطفال من المحتوى الصادم واجب على الدولة.

لكن، يكمن التحدي الحقيقي في تعريف المصطلحات الفضفاضة مثل “القيم الأسرية” و”الآداب العامة”. فهذه المفاهيم متغيرة وتختلف من فئة اجتماعية لأخرى. الخطر هنا هو أن غياب تعريف قانوني دقيق قد يفتح الباب أمام ملاحقات قضائية بناءً على أذواق شخصية أو بلاغات كيدية، مما قد يخلق بيئة من الخوف تقتل الإبداع وتقيد حرية التعبير المشروعة.

لذلك، فإن الموازنة بين حماية المجتمع وضمان الحق في التعبير (غير الإجرامي) هي المعادلة الأصعب. ربما يكون الحل في تطوير تشريعات أكثر تحديداً ووضوحاً، وفي نفس الوقت، تعزيز الوعي المجتمعي للتمييز بين المحتوى الترفيهي الجدلي والمحتوى الإجرامي الضار.

المصدر:

وكالات أخبارية


أسئلة شائعة حول حبس مشاهير التيك توك:

1. ما هي أبرز التهم الموجهة للبلوغرز المصريين مؤخراً؟

التهم تتنوع بين “نشر محتوى ينافي قيم المجتمع” و”التحريض على الفسق والفجور”، وصولاً إلى تهم جنائية خطيرة مثل “غسيل الأموال”.

2. هل كل القضايا تتعلق بالمحتوى الأخلاقي فقط؟

لا، لقد توسعت الحملة لتشمل جرائم مالية. قضية البلوغر “شاكر محظور” المتهم بغسيل الأموال هي أبرز مثال على هذا التوسع.

3. ما هو الأساس القانوني لهذه الملاحقات؟

تستند السلطات بشكل أساسي إلى مواد في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، والتي تعاقب على انتهاك القيم الأسرية والآداب العامة عبر الإنترنت.

4. كيف كان رد فعل الجمهور على هذه الحملة؟

رد الفعل منقسم؛ فهناك من يؤيد هذه الإجراءات بشدة لحماية قيم المجتمع، بينما يعارضها آخرون معتبرين إياها قيداً على الحريات الشخصية.

5. ما هو مصير من يتم القبض عليهم؟

يختلف المصير حسب القضية؛ فبعضهم يتم حبسه احتياطياً على ذمة التحقيق، والبعض الآخر يُخلى سبيله بكفالة مالية، بينما تستمر التحقيقات مع آخرين في تهم قد تصل عقوبتها إلى السجن لسنوات.

شاركها.

منصة شاملة تقدم محتوى متنوعًا يجمع بين الأخبار الحديثة والمدونات التحليلية، بالإضافة إلى إحصائيات دقيقة، واختبارات تفاعلية، ومقاطع فيديو مبتكرة.

إعلان
Subscribe
Notify of
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
تعليقات داخلية
عرض كل التعليقات
إعلان
wpDiscuz
0
0
حابين نسمع رأيك، اترك تعليقك.x
()
x
Exit mobile version