“الشاطر”: أزمة هوية في قلب الأكشن المصري
في موسم سينمائي صيفي بدا وكأن خريطته قد اكتملت، ظهر فيلم الشاطر ليُحدث ضجة غير متوقعة. لكن هذه الضجة لم تكن فقط بسبب جرعات الأكشن العالية أو الكوميديا الصاخبة، بل بسبب هويته الجدلية التي تطرح سؤالاً مهماً: إلى أي مدى يمكن للسينما المصرية أن تستعير من هوليوود قبل أن تفقد بصمتها الخاصة؟
الفيلم، الذي يخرجه ويكتبه أحمد الجندي، يقدم نفسه كعمل أكشن كوميدي بامتياز. تدور قصته حول أدهم الشاطر (أمير كرارة)، دوبلير محترف متخصص في المشاهد الخطرة. يجد نفسه فجأة بطلًا لمغامرة حقيقية عندما يتورط في أزمة سببها شقيقه. وبالتالي، ينطلق في رحلة محفوفة بالمخاطر إلى تركيا لإنقاذه، وهناك تتشابك خيوط الحكاية مع عصابة دولية وفتاة سيرك غامضة.
محاكاة هوليوودية تتجاوز الإلهام
منذ اللحظات الأولى، يعلن فيلم الشاطر عن ولائه المطلق للسينما الغربية. فبدلاً من أن نرى البطل يعمل في فيلم مصري واقعي، نجده يؤدي مشاهد من أفلام تدور في الحرب العالمية الثانية، وأخرى على طراز “الويسترن” الأميركي، وحتى مطاردات في شوارع باريس. في الواقع، هذه البداية الساخرة تبدو كتحية بصرية أكثر من كونها جزءًا أصيلاً من السرد، وهو ما يضع حاجزاً بين المشاهد والواقع المحلي.
على الرغم من أن التأثر بهوليوود ليس جديداً على الأكشن المصري، إلا أن ما فعله المخرج أحمد الجندي يتخطى ذلك إلى محاكاة شبه كاملة. هذه النقطة بالذات تُمثل وجهة نظري الشخصية في الفيلم؛ فالمبالغة في استيراد الأنماط الغربية تُغفل بشكل مؤسف تاريخ السينما المصرية الغني في تقديم أفلام الحركة، مما يجعل فيلم الشاطر يبدو كمنتج معلّب ومصمم للسوق العالمية أكثر من كونه عملاً مصرياً خالصاً.
مقارنة لا مفر منها: “الشاطر” في مواجهة “أحمد وأحمد”
لأن الصدفة جعلت فيلمين من نفس الفئة يتنافسان في وقت واحد، فإن المقارنة بين فيلم الشاطر وفيلم “أحمد وأحمد” (بطولة أحمد السقا وأحمد فهمي) تصبح ضرورية. وهنا، تتفوق كفة “الشاطر” بوضوح لعدة أسباب جوهرية:
- الحبكة والأحداث: بينما كانت قصة “أحمد وأحمد” بسيطة وخالية من أي تعقيدات أو أخطار حقيقية. يقدم فيلم الشاطر حبكة أكثر تشابكاً، تتضمن مفاجآت ومنعطفات سردية (Plot Twists) مدروسة. على الرغم من أنها قد لا تكون مقنعة بالكامل، إلا أنها تظهر جهداً واضحاً في الكتابة.
- تصميم الأكشن: مشاهد الحركة في فيلم أمير كرارة أكثر تنوعاً وإبهاراً بصرياً، حيث تتنقل بين بيئات مختلفة ومعارك مصممة بعناية، على عكس المشاجرات التقليدية التي رأيناها في الفيلم الآخر.
- الكوميديا: المسؤولية الكوميدية في “الشاطر” موزعة بذكاء بين مصطفى غريب وأحمد عصام السيد، اللذين قدما أداءً سلساً وممتعاً. في المقابل، اعتمد “أحمد وأحمد” على تكرار أحمد فهمي لنفس النمط الكوميدي دون تجديد.
- الدور النسائي: لعبت هنا الزاهد دوراً محورياً في تحريك الأحداث، وشخصيتها “كراميلا” كانت جزءاً لا يتجزأ من القصة. بالمقارنة، كان الدور النسائي في “أحمد وأحمد” هامشياً ويمكن حذفه بالكامل دون التأثير على السيناريو.
الأداء التمثيلي: فرص ضائعة ونجاحات لافتة
قدم أمير كرارة ما هو متوقع منه في مشاهد الأكشن، مع بعض اللمسات الكوميدية التي لم تكن دائماً موفقة ولكنها لم تخل بحضوره كنجم للعمل. أما هنا الزاهد، فكان دورها فرصة مهدرة. فعلى الرغم من أهمية شخصيتها، إلا أنها أعادت تدوير نفس الأداء النمطي الذي اشتهرت به: الفتاة الجميلة الرقيقة التي تتصرف بعنف وسوقية.
من جهة أخرى، كان الثنائي مصطفى غريب وأحمد عصام السيد هما الحصان الرابح في الفيلم، حيث قدما أداءً كوميدياً متزناً وفعالاً، وأضافا خفة ظل كانت ضرورية لموازنة طابع الأكشن الجاد.
في الختام، يمكن القول إن فيلم الشاطر هو محاولة جريئة وطموحة لتقديم وجبة سينمائية متكاملة. ونتيجة لذلك، نجح في أن يكون فيلماً مسلياً ويتفوق على منافسيه في الموسم. ولكنه في الوقت نفسه سقط في فخ التقليد الذي يجعله فاقداً للهوية. إنه فيلم ممتع للمشاهدة، ولكنه لن يترك أثراً عميقاً في تاريخ سينما الأكشن المصرية.
المصدر:
وكالات
أسئلة شائعة:
1. ما هو نوع فيلم “الشاطر” وما هي قصته الأساسية؟
هو فيلم أكشن كوميدي مصري. تدور أحداثه حول “أدهم الشاطر” (أمير كرارة)، وهو دوبلير محترف، يتورط في مغامرة خطيرة في تركيا لإنقاذ شقيقه المختطف.
2. ما هي أبرز نقطة نقد موجهة للفيلم؟
أبرز نقطة نقد هي تأثره الشديد بالأفلام الغربية واعتماده على أنماط هوليوودية في الأكشن والقصة، مما أفقده الهوية المصرية الأصيلة.
3. كيف يُقارن فيلم “الشاطر” بفيلم “أحمد وأحمد” المنافس له؟
يتفوق “الشاطر” في عدة جوانب رئيسية: حبكته أكثر تعقيداً، مشاهد الأكشن به أكثر تنوعاً، الكوميديا فيه أفضل، والدور النسائي أكثر أهمية وتأثيراً في الأحداث.
4. من هم أبرز الممثلين في الفيلم من حيث الأداء؟
بينما قدم أمير كرارة أداءً جيداً في الأكشن، كان الأداء الكوميدي للثنائي مصطفى غريب وأحمد عصام السيد هو الأبرز والأكثر إمتاعاً في الفيلم.