تاريخ عيد الحب: من الطقوس الوثنية إلى صناعة تجارية ضخمة
في كل عام، يحتفل الملايين حول العالم بـ عيد الحب في 14 فبراير، حيث تمتلئ الأسواق بالورود الحمراء والهدايا والبطاقات المعبّرة عن المشاعر. ولكن خلف هذه الأجواء الرومانسية، تكمن قصة تاريخية معقدة تمتد لقرون، من المهرجانات الوثنية الرومانية إلى كونه مناسبة دينية مسيحية، وصولًا إلى تحوله إلى ظاهرة تجارية عالمية.
من هو القديس فالنتين؟ ولماذا ارتبط عيد الحب باسمه؟
ترجع أصول عيد الحب إلى القديس فالنتين، وهو كاهن روماني عاش في القرن الثالث الميلادي. وفقًا للأساطير، كان الإمبراطور كلوديوس الثاني يمنع الجنود من الزواج لاعتقاده بأن العازبين أكثر كفاءة في القتال.
رفض فالنتين هذا الحظر، وقام بإجراء زيجات سرية للجنود المسيحيين. لكن سرعان ما تم اعتقاله وإعدامه في 14 فبراير عام 269 ميلاديًا، ليصبح لاحقًا رمزًا للحب والتضحية، ويتم تكريمه بعيد سُمي “عيد القديس فالنتين” منذ عام 496 ميلاديًا.
الجذور الوثنية: مهرجان لوبركاليا
قبل ظهور الاحتفال الديني بعيد القديس فالنتين، كان الرومان يحتفلون بـ مهرجان لوبركاليا، وهو احتفال وثني قديم يُقام في منتصف فبراير تكريمًا للإله لوبركوس، الذي كان يُعتقد أنه يجلب الخصوبة والحماية من الأرواح الشريرة.
تضمنت الطقوس تقديم الأضاحي الحيوانية وطقوسًا رمزية يُعتقد أنها تزيد من الخصوبة والحب. ومع انتشار المسيحية في أوروبا، سعت الكنيسة إلى إلغاء الطقوس الوثنية واستبدالها بمناسبات دينية، مما أدى إلى دمج لوبركاليا بعيد القديس فالنتين.
كيف أصبح عيد الحب تجاريًا؟
رغم أن عيد الحب كان معروفًا في العصور الوسطى، إلا أنه لم يصبح احتفالًا شائعًا حتى القرن التاسع عشر. مع التطور الصناعي وظهور الطباعة، بدأت بطاقات الحب تُنتج بكميات ضخمة، وتحولت إلى صناعة مربحة، حيث أصبح إرسال بطاقات المعايدة جزءًا من التقاليد الاجتماعية.
- في الولايات المتحدة، يتم إرسال 190 مليون بطاقة عيد حب سنويًا.
- في المملكة المتحدة، يتم تبادل 25 مليون بطاقة سنويًا.
الرأسمالية الحديثة وعيد الحب
مع صعود الرأسمالية، أصبح عيد الحب جزءًا من دورة الاستهلاك السنوية، حيث تروّج الشركات للهدايا والمنتجات المرتبطة بالرومانسية، وتشجع الناس على الإنفاق تحت شعار “التعبير عن الحب”.
اليوم، يعتبر عيد الحب من أكثر الفترات ربحًا للتجار، حيث تحقق صناعة الهدايا والمجوهرات والمطاعم والماركات الفاخرة مبيعات تقدر بمليارات الدولارات سنويًا.
هل عيد الحب مجرد تجارة أم احتفال حقيقي بالمشاعر؟
سواء كنت تعتبر عيد الحب مناسبة رومانسية خالصة أو مجرد استغلال تجاري للمشاعر، يبقى هذا اليوم جزءًا لا يتجزأ من الثقافة العالمية. وبينما يستمر الجدل حول أصالته وأبعاده التجارية، يبقى أمر واحد مؤكد: الحب، بأشكاله المختلفة، كان وسيظل دائمًا جزءًا من حياة البشر، بغض النظر عن المناسبات والتقاليد.
المصدر : الجزيرة