وقّعت المملكة العربية السعودية وقطر اتفاقًا يقضي بتقديم دعم مالي للجمهورية العربية السورية بقيمة 89 مليون دولار، يُخصص بالكامل لتغطية رواتب العاملين في القطاع العام لمدة ثلاثة أشهر. هذه الخطوة تبدو للوهلة الأولى اقتصادية، لكنها في العمق تحمل رسائل سياسية وإقليمية أوسع.
أبعاد اقتصادية واجتماعية
من الناحية العملية، يأتي الدعم في وقت يعاني فيه الاقتصاد السوري من أزمة خانقة:
- التضخم تجاوز مستويات غير مسبوقة.
- الليرة السورية فقدت معظم قيمتها الشرائية.
- القطاع العام يواجه صعوبة في دفع الرواتب بانتظام.
وعلى الرغم من أن قيمة المنحة محدودة مقارنة بحجم الأزمة، إلا أنها تعيد الثقة للعاملين في القطاع العام وتوفر متنفسًا قصير المدى، ما يساهم في تقليل الضغوط الاجتماعية.
مشاريع الطاقة… استثمار في المستقبل
المنحة الحالية ليست الخطوة الأولى؛ فقد سبقتها مبادرات خليجية، أبرزها:
- منحة سعودية لتزويد سوريا بـ 1.65 مليون برميل من البترول الخام.
- توقيع 6 مذكرات تفاهم في مجالات الطاقة على هامش معرض دمشق الدولي.
- اتفاقية بين شركة أكوا باور السعودية ووزارة الطاقة السورية لدراسة إنشاء محطات للطاقة الشمسية بطاقة تصل إلى 1000 ميغاواط، ومزارع لطاقة الرياح بقدرة 1500 ميغاواط.
هذه المشاريع لا تمثل مجرد تعاون اقتصادي، بل تعكس رؤية استراتيجية لإعادة إعمار البنية التحتية السورية وربطها بالاستثمارات الخليجية.
الرسائل السياسية والإقليمية
الاتفاق السعودي القطري يعكس:
- توحيد الجهود العربية لدعم الاستقرار في دمشق، بعد عودتها لمقعدها في الجامعة العربية.
- محاولة موازنة النفوذ الإيراني والروسي عبر دخول اقتصادي مباشر.
ما الذي يعنيه هذا لسوريا؟
الدعم الحالي قد لا يغير جذريًا الواقع الاقتصادي، لكنه يمثل بداية لمسار جديد عنوانه:
- إعادة إدماج سوريا عربيًا.
- فتح الباب أمام استثمارات طويلة الأمد في الطاقة والبنية التحتية.
- تأكيد الدور الخليجي كلاعب أساسي في مرحلة إعادة الإعمار.
المنحة السعودية–القطرية البالغة 89 مليون دولار هي أكثر من مجرد دعم مالي؛ إنها إشارة إلى مرحلة جديدة من التعاون العربي مع سوريا، حيث يتقاطع الاقتصاد بالسياسة، وتتحول المساعدات إلى أدوات لإعادة تشكيل التوازنات الإقليمية.
