منذ عقود، يبحث العلماء عن دليل يؤكّد أو ينفي عدم وجود حياة على المريخ. والآن، تُظهر دراسة حديثة نُشرت في Nature أنّ المريخ لم يكن يومًا بيئة مُضيافة إلا خلال “ومضاتٍ” قصيرة من الدفء والرطوبة، سرعان ما تلتها ملايين السنين من الجفاف الصحراوي.
كيف فقد المريخ مقومات الحياة؟
أولًا، أوضح فريق جامعة شيكاغو بقيادة عالم الكواكب إدوين كايت أنَّ معدل انبعاث الغازات البركانية الغنيّة بالكربون على المريخ كان منخفضًا مقارنةً بالأرض. لذلك، لم تستطع الغازات الدفيئة الاحتفاظ بحرارة كافية تسمح بدورة ماء مستقرة. فضلاً عن ذلك، عندما ظهر الماء السائل بحكم نشاط بركاني عابر، كان يتبخّر سريعًا تاركًا وراءه صخورًا كربونية تُحبَس فيها كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون.
اكتشاف الكربونات: الحلقة المفقودة
علاوة على ذلك، كشفت مركبة كوريوسيتي في أبريل 2025 عن طبقات صخرية غنيّة بالمعادن الكربونية مثل السيدريت. الأمر الذي ساعد الباحثين على سدّ فجوة “الكربون المفقود” في الغلاف الجوي القديم. على سبيل المثال، تشير النمذجة إلى أنّ تكوّن هذه الصخور امتصّ ما يصل إلى 36 مليبارًا من ثاني أكسيد الكربون، فبرد الكوكب بسرعة.
واحات مؤقتة… ولكن!
من ناحية أخرى، تُظهر المحاكاة الرقمية أنّ كل فترةٍ رطبة لم تتجاوز بضعة آلاف من السنين، ثم تبِعتها حقبة جفافٍ جاوزت 100 مليون عام. وبالتالي، يستحيل تقريبًا أن تبقى كائنات دقيقة حيّة على السطح طوال هذه الفواصل الصحراوية الطويلة. ومع ذلك، يعتقد العلماء بوجود جيوبٍ مائية مدفونة في الأعماق ما زالت قيد البحث.
الدروس المستفادة لكواكب أُخرى
وبالتالي، يكتسب إحضار عينات من المريخ أهميةً كبرى؛ فسواء وجدنا آثارًا مجهرية للحياة أو لم نجد. سيمنحنا ذلك مؤشّرًا واضحًا على مدى سهولة—or صعوبة—نشوء الحياة خارج الأرض. كما يبيّن لنا مدى هشاشة توازن المناخ الكوكبي وأهميّة الدورات الجيولوجية الطويلة التي تحافظ على المياه.
باختصار، تؤكد الدراسة الجديدة أنّ عدم وجود حياة على المريخ ليس لغزًا بعد اليوم. بل نتيجة تفاعل معقّد بين نشاط بركاني ضعيف، وانحباس كربون سريع داخل الصخور، وفترات جفاف هائلة قضت على أي فرصةٍ دائمة لظهور الحياة. ومع أنّ الأمل ما زال قائمًا في العثور على آثار بيولوجية تحت السطح، تذكّرنا نتائج البحث بأهمية التوازن المناخي طويل الأمد الذي يحافظ على الكوكب الأزرق حيًّا.
المصدر:
Nature، University of Chicago، NASA، Phys.org
الأسئلة الشائعة حول عدم وجود حياة على المريخ
1. لماذا لا توجد حياة على سطح المريخ؟
لأن المريخ يفتقر إلى الغلاف الجوي الكثيف والغازات الدفيئة التي تحتفظ بالحرارة، ما جعله كوكبًا باردًا وجافًا غير مناسب للحياة.
2. هل كان المريخ يحتوي على ماء سائل؟
نعم، تشير الأدلة الجيولوجية إلى وجود أنهار وبحيرات مؤقتة منذ أكثر من 3 مليارات سنة، لكن هذه الفترات كانت قصيرة ومحدودة.
3. هل يمكن أن توجد حياة تحت سطح المريخ؟
ربما، يعتقد العلماء أن هناك جيوبًا من المياه المالحة الدافئة مدفونة تحت السطح، وهي بيئات محتملة للكائنات المجهرية.
4. ماذا يعني اكتشاف الصخور الكربونية على المريخ؟
يعني أن المريخ مرّ بدورات مناخية مؤقتة، واحتوى على ثاني أكسيد الكربون في صخوره، ما يوضح سبب برودته الطويلة.
5. لماذا من المهم إحضار عينات من المريخ إلى الأرض؟
لأن التحاليل المخبرية الدقيقة يمكن أن تكشف عن آثار مجهرية للحياة، وهو أمر يصعب تأكيده عن بُعد باستخدام أدوات المركبات الجوالة.