خلال مشاركته في قمة “كونكورديا” بنيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لفت الرئيس السوري أحمد الشرع الأنظار بعد لقاء غير متوقع جمعه بالجنرال الأميركي السابق ديفيد بتريوس، المدير الأسبق لوكالة الاستخبارات المركزية “سي آي إي”.
انتشار فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي بين السوريين لم يكن بسبب الحدث نفسه فحسب، بل لأن المحاور لم يكن صحفياً عادياً، بل شخصية عسكرية لعبت دوراً محورياً خلال سنوات الحرب السورية.
مزحة تحمل دلالة سياسية
اللقاء اتسم بالمفارقات، إذ علّق الشرع مبتسماً لبتريوس: “لا شيء مستحيلاً في السياسة”. وحين سأله عن إدارة شؤون سوريا اليوم، أجاب الشرع ممازحاً: “مهمتي أصعب بالتأكيد من مهمة الأميركيين في العراق. كان لديكم خيار المغادرة، أما خياراتنا فهي محدودة”، في تلميح ذكي إلى تعقيدات الوضع السوري مقارنة بالتجربة الأميركية في العراق.
دعوة لرفع العقوبات
كما جدّد الرئيس السوري دعوته لواشنطن بضرورة رفع العقوبات المرتبطة بـ”قانون قيصر”، مؤكداً أن تلك الإجراءات لم تعد موجهة للنظام بقدر ما أثّرت بشكل مباشر على حياة السوريين.
المفاوضات مع إسرائيل
وفي ملف حساس آخر، كشف الشرع أن المفاوضات مع إسرائيل وصلت إلى “مرحلة متقدمة من المحادثات الأمنية”، مشيراً إلى أنها تهدف للحفاظ على السيادة السورية وتبديد المخاوف الأمنية الإسرائيلية.
بُعد تاريخي
وتجدر الإشارة إلى أن الشرع، من خلال هذه الزيارة، أصبح أول رئيس سوري يلقي كلمة من على منبر الأمم المتحدة منذ حرب يونيو 1967، ما يضيف بعداً رمزياً لمحاولات دمشق العودة إلى الساحة الدولية.
تحليل خاص
لا يمكن النظر إلى هذا اللقاء العابر بين الشرع وبتريوس على أنه مجرد مزحة أو صدفة بروتوكولية، بل هو رسالة سياسية تحمل أكثر من معنى. فمن جهة، يبرز الشرع كزعيم يسعى إلى كسر العزلة الدولية التي فُرضت على دمشق لعقود طويلة، ومن جهة أخرى، يوصل رسالة إلى واشنطن مفادها أن سوريا لا تزال لاعباً محورياً لا يمكن تجاوزه.
الحديث عن العقوبات والمفاوضات الأمنية مع إسرائيل يعكس محاولة واضحة لإعادة صياغة الدور السوري في المنطقة عبر بوابة الأمم المتحدة، في وقت يعيش فيه العالم تقلبات سياسية وأمنية متسارعة. وبذلك، فإن ظهور الشرع على منصة أممية بعد أكثر من نصف قرن يُمكن اعتباره بداية مرحلة جديدة تحاول دمشق من خلالها إعادة التموضع في المشهد الدولي.
