وسط أجواء مشحونة بالتوتر والترقّب، اختُتم اليوم الثاني من مفاوضات شرم الشيخ دون أي تقدم ملموس نحو وقف إطلاق النار في غزة، رغم حضور وفود من مصر وقطر وتركيا والولايات المتحدة.
جمود المفاوضات واستمرار الخلافات
وفق مصادر أمنية مصرية نقلت عنها وكالة الأنباء الألمانية، فإن “الوضع لا يزال على حاله مقارنة باليوم الأول”، في إشارة إلى فشل الوفدين الإسرائيلي والفلسطيني في التوصل إلى أرضية مشتركة.
ما زالت حركة حماس متمسكة بشرطها الأساسي المتمثل في الحصول على ضمانات دولية تمنع استئناف إسرائيل عملياتها العسكرية بعد أي صفقة لتبادل الأسرى، معتبرة أن أي اتفاق دون إنهاء الحرب “لن يكون ذا معنى”.
في المقابل، يرفض الوفد الإسرائيلي الالتزام بوقف الحرب قبل إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين، وهو ما يجعل مسار المحادثات معقدًا ويطيل أمد المفاوضات.
قوائم الأسرى والضمانات المطلوبة
تطالب حماس بالإفراج عن عدد من أبرز الأسرى الفلسطينيين، بينهم مروان البرغوثي، أحمد سعدات، حسن سلامة، وعباس السيد. كما طالبت بتوضيح آليات تطبيق أي اتفاق سلام مستقبلي، وسط إشارات إلى أن الحركة تريد رؤية واضحة حول الضمانات الأميركية وتفاصيل خطة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب السابقة بشأن غزة.
توسع الجهود الدولية
في ظل هذا الجمود، دخلت أطراف جديدة على خط الوساطة. فقد أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري أن رئيس الوزراء القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني سيتوجه إلى شرم الشيخ للمشاركة في المحادثات الجارية، تأكيدًا على رغبة الدوحة في دفع المفاوضات نحو نتيجة عملية.
كما أعلنت تركيا إرسال وفد برئاسة رئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم كالين، بعد لقاءات ثنائية مع مسؤولين مصريين وأميركيين وقياديين من حماس. وتشمل أجندة المباحثات محاور رئيسية مثل تبادل الأسرى، تثبيت وقف إطلاق النار، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر.
ومن المتوقع أن ينضم أيضًا وفد أميركي برئاسة ستيف ويتكوف وعضوية جاريد كوشنر، في محاولة لتنسيق الجهود بين واشنطن والوسطاء الإقليميين.
تحليل الموقف: صراع الإرادات وتعقيدات الميدان
يبدو أن المفاوضات تواجه معضلة أساسية: انعدام الثقة بين الطرفين. فبينما تطالب حماس بضمانات مكتوبة لوقف الحرب، تخشى إسرائيل من استغلال الهدنة لإعادة بناء القوة العسكرية للحركة.
هذا الجمود السياسي يعكس أيضًا صراع الإرادات بين القوى الإقليمية والدولية، حيث تسعى كل جهة لإثبات دورها في صياغة مستقبل غزة ما بعد الحرب.
نظرة مستقبلية
من الواضح أن الطريق إلى اتفاق شامل ما زال طويلاً. فحتى مع تكثيف الوساطات، لا يبدو أن أي طرف مستعد لتقديم تنازلات كبيرة في هذه المرحلة.
غير أن استمرار الكارثة الإنسانية في غزة والضغط الدولي المتزايد قد يغير المعادلة قريبًا. خصوصًا إذا نجحت الجهود القطرية والتركية في خلق مقترح “مرحلي” يجمع بين وقف تدريجي لإطلاق النار وتبادل الأسرى كبداية لمسار أوسع نحو الهدوء.
المصادر:
- وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)
- رويترز
- الأناضول
- القاهرة الإخبارية