في بعض الأحيان قد تتحول أبسط المشاوير إلى مغامرات غير متوقعة، وهذا بالضبط ما حدث لرجل فرنسي يبلغ من العمر 85 عامًا حينما خرج من منزله في بلدية شاتيلون-سور-تو متجهًا إلى عيادة تبعد أقل من 20 كيلومترًا… لكنه وجد نفسه بعد ساعات طويلة في دولة أخرى بالكامل.
من موعد طبي… إلى عبور ثلاث دول
في صباح يوم 2 نوفمبر، استقل الرجل سيارته متجهًا لزيارة طبية روتينية. كان كل شيء طبيعيًا حتى لحظة تشغيله لنظام الملاحة. وبحسب ما نقلته وسائل الإعلام الفرنسية، بدا أن الـGPS قد اقترح مسارًا أطول، لكن الرجل لم يشكّ في الأمر، فقاد سيارته باتجاه الطريق السريع، مستمرًا في اتباع التعليمات خطوة بخطوة.
ومع مرور الوقت، لاحظت عائلته غيابه غير المعتاد، خصوصًا بعدما أخبرهم الطبيب بأنه لم يصل إلى موعده، ثم تخلفه عن فعالية محلية يشارك فيها منذ سنوات.
هنا بدأت العائلة تشعر بالقلق الحقيقي، وهو ما دفعها لإبلاغ الشرطة، التي استعانت بدورها بالجيش لتحديد موقع هاتفه.
المفاجأة: إشعار من كرواتيا!
بعد عمليات بحث واسعة، التقطت السلطات إشارة هاتف الرجل في فندق بكرواتيا، على بُعد نحو 1500 كيلومتر من منزله. وبحسب ما ذكرته التقارير، فقد قاد الرجل سيارته لمدة تقارب 20 ساعة متواصلة، مرورًا بإيطاليا وصولًا إلى الأراضي الكرواتية، متبعًا تعليمات نظام الملاحة “كما هي”.
وعندما عُثر عليه، قال الرجل إنه لم يستوعب ما حدث، مرجحًا أن السبب هو “خلل في الـGPS”. ورغم عمره، أكدت العائلة أنه لم يعانِ سابقًا من أي مشاكل في الذاكرة أو التوجيه.
بين التكنولوجيا والخطأ البشري: أين المشكلة فعلًا؟
هذه ليست الحادثة الأولى من نوعها. ففي أكتوبر الماضي، سقطت سائحة بولندية في قناة بمدينة البندقية بعد أن قادتها خرائط غوغل إلى مسار زلق قرب الماء. ورغم نجاتها، أثارت الحادثة موجة من النقاش حول مدى اعتماد الناس على الخرائط الرقمية دون تفكير أو فحص المسار.
الإحصائيات الأوروبية تشير إلى أن واحدًا من كل خمسة سائقين يتعرض لموقف خطير بسبب التعليمات الخاطئة أو المتأخرة لخرائط الملاحة. وفي استطلاع ألماني عام 2024، قال 42% من السائقين إنهم واجهوا مرة واحدة على الأقل توجيهًا غير منطقي من الـGPS.
هل المشكلة في الخرائط… أم في التبعية الكاملة لها؟
توفّر أنظمة الملاحة الحالية دقة عالية، لكن مشكلات مثل تحديث الطرق، ضعف الشبكة، اختلاف اللغات، أو حتى خطأ في الإحداثيات يمكن أن يغيّر مسار الرحلة بالكامل. لكن الجانب الأهم هو اعتماد المستخدم على التعليمات دون التأكد من منطقية الطريق.
من منظور تقني، لا تزال هذه الأنظمة عرضة للأخطاء، خصوصًا لدى كبار السن الذين قد لا يفرّقون بين تنبيه خاطئ ومسار صحيح.
الحادثة — رغم غرابتها — تفتح بابًا واسعًا للنقاش حول ضرورة موازنة الاعتماد على التكنولوجيا مع الحد الأدنى من الانتباه البشري أثناء القيادة.



