في ليلة ستظل محفورة طويلًا في ذاكرة هوليوود، أعاد حفل توزيع جوائز إيمي السابع والسبعون تعريف معايير النجاح التلفزيوني، حيث شهدنا تتويج أعمال جريئة كسرت القوالب التقليدية. لم تكن مجرد ليلة لتوزيع الجوائز، بل كانت حدثًا مليئًا بالمفاجآت واللحظات التاريخية، حيث صعدت الكوميديا الساخرة والدراما الاجتماعية الواقعية إلى قمة المجد.
من ناحية، اكتسح مسلسل “The Studio” للممثل الكوميدي Seth Rogen المشهد، محطمًا الرقم القياسي لأكبر عدد من الجوائز لمسلسل كوميدي في موسم واحد بحصده 13 جائزة إيمي مذهلة. وعلى الجانب الآخر، فرض مسلسل “Adolescence” نفسه بقوة، حاصدًا ثماني جوائز مستحقة عن قصته المؤثرة التي لامست وتراً حساساً في المجتمع.
“The Studio”: عندما تسخر هوليوود من نفسها ببراعة
لم يكن فوز “The Studio” مفاجئًا لمن تابع الضجة الهائلة التي أحدثها منذ حلقته الأولى. يقدم المسلسل، الذي يُبث على منصة Apple TV+، نظرة ساخرة وحادة على كواليس صناعة السينما، كاشفًا تناقضاتها بأسلوب كوميدي ذكي. وبالتالي، فإن هذا النجاح لم يأتِ من فراغ.
Seth Rogen، الذي فاز بأربع جوائز شخصية في ليلة واحدة، بدا متفاجئًا بالفعل وهو يقول: “أشعر فعلاً بالحرج”. هذه العفوية هي جزء من سر نجاح العمل الذي جعل هوليوود تضحك على نفسها. علاوة على ذلك، يثبت هذا التتويج أن الجمهور متعطش للكوميديا التي لا تكتفي بالإضحاك، بل تقدم نقدًا لاذعًا ومحتوى يدفع للتفكير.
“Adolescence”: مرآة موجعة لواقع الشباب اليوم
في المقابل، قدم مسلسل “Adolescence” من إنتاج Netflix دراما اجتماعية ثقيلة ومؤثرة، غاصت في أعماق تأثيرات الشبكات الاجتماعية والخطاب الذكوري السام. لم تكن قصته سهلة المشاهدة، لكنها كانت ضرورية، وهو ما قدرته لجان تحكيم جوائز إيمي بوضوح، حيث حصد المسلسل 8 جوائز رئيسية.
لكن اللحظة التاريخية الأبرز كانت فوز الممثل البريطاني الشاب أوين كوبر (Owen Cooper) البالغ من العمر 15 عامًا بجائزة أفضل ممثل مساعد، ليصبح أصغر ممثل ذكر يحصد جائزة إيمي في هذه الفئة عبر تاريخها، في لحظة مؤثرة حبست الأنفاس.
مفاجآت ولحظات لا تُنسى في ليلة الجوائز
مفاجأة فوز “The Pitt” بأفضل مسلسل درامي
في واحدة من أكبر مفاجآت الحفل، تمكن المسلسل الدرامي الطبي “The Pitt” من إنتاج شبكة HBO من خطف جائزة أفضل مسلسل درامي. جاء هذا الفوز على حساب المرشح الأبرز والأوفر حظًا مسلسل “Severance” الذي دخل المنافسة وهو يتصدر السباق بـ 27 ترشيحًا. كما حصد بطل المسلسل، نواه وايل (Noah Wyle)، جائزته الأولى في تاريخه كأفضل ممثل في مسلسل درامي، في لحظة مؤثرة للممثل المخضرم.
لحظة تاريخية: أوين كوبر أصغر فائز في فئته
سُجلت لحظة تاريخية بفوز الممثل البريطاني الشاب أوين كوبر (Owen Cooper) البالغ من العمر 15 عامًا بجائزة أفضل ممثل مساعد في مسلسل قصير عن دوره المؤثر في “Adolescence”. بهذا الفوز، أصبح كوبر أصغر ممثل ذكر يحصد جائزة إيمي في هذه الفئة عبر تاريخها، وكانت كلمته العفوية والمؤثرة عند تسلم الجائزة من أبرز لقطات الحفل.
الحضور القوي للقضية الفلسطينية
لم تكن السياسة بعيدة عن مسرح الجوائز، حيث برز التضامن مع القضية الفلسطينية بشكل لافت. ارتدى الممثل الإسباني الشهير خافيير بارديم (Javier Bardem) الكوفية الفلسطينية على السجادة الحمراء، كما ارتدى العديد من النجوم شارات حمراء تطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة. والأبرز كان هتاف الممثلة هانا أينبيندر (Hannah Einbinder) بعبارة “فلسطين حرة” (Free Palestine) بعد فوزها بجائزة أفضل ممثلة مساعدة في مسلسل كوميدي عن دورها في “Hacks”.
استمرارية نجاح “Hacks” و “The Late Show”
واصلت الممثلة القديرة جين سمارت (Jean Smart) حصد الجوائز، حيث فازت بجائزة أفضل ممثلة في مسلسل كوميدي عن دورها الأيقوني في مسلسل “Hacks”. كما شهد الحفل فوز برنامج “The Late Show with Stephen Colbert” بجائزة أفضل برنامج حواري، وهو فوز مهم للبرنامج ومقدمه ستيفن كولبير.
تكريم إنساني للزوجين تيد دانسون وماري ستينبورجين
في لفتة إنسانية مميزة، مُنحت “جائزة بوب هوب الإنسانية” للنجمين تيد دانسون (Ted Danson) وزوجته ماري ستينبورجين (Mary Steenburgen)، ليصبحا أول زوجين يحصلان على هذه الجائزة المرموقة بشكل مشترك تقديرًا لأعمالهما الخيرية والإنسانية الممتدة.
لقد كانت ليلة حافلة ومتكاملة، جمعت بين الأرقام القياسية والمفاجآت الكبرى واللحظات الإنسانية والسياسية، لتؤكد أن حفل توزيع جوائز الإيمي لا يزال مرآة تعكس ليس فقط أفضل ما في التلفزيون، بل نبض المجتمع أيضًا.