إعلان

النقاط الرئيسية

  • كولومبيا تعلّق تعاونها الاستخباراتي مع الولايات المتحدة لأول مرة منذ عقود.
  • فنزويلا تعبّئ قواتها وتتبنّى استراتيجية “المقاومة المطوّلة”.
  • الولايات المتحدة تؤكد أن ضرباتها تستهدف مهربي المخدرات، وسط تصاعد التوتر الإقليمي.

تعيش منطقة البحر الكاريبي حالة من الغليان السياسي بعد أن أعلنت كولومبيا تعليق تعاونها الاستخباراتي مع الولايات المتحدة، ردًا على ضربات أميركية استهدفت قوارب في البحر والمحيط الهادئ، وأسفرت عن مقتل العشرات. وفي الوقت نفسه، أعلنت فنزويلا “تعبئة عسكرية ضخمة” لمواجهة ما وصفته بـ”الاستفزازات الأميركية المتكررة”.

هذا التوتر الثلاثي بين واشنطن، بوغوتا، وكاراكاس أعاد إلى الأذهان أجواء المواجهة بين الشرق والغرب، لكن هذه المرة في قارةٍ كانت تُعد تاريخيًا الحديقة الخلفية للولايات المتحدة.

كولومبيا تقلب المعادلة

الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، المعروف بموقفه اليساري، فاجأ الجميع حين أعلن وقف تبادل المعلومات الأمنية مع الجانب الأميركي.

هذه الخطوة تمثل أول تحدٍ مباشر من دولة حليفة تقليديًا لواشنطن منذ عقود، وتشير إلى أن موازين القوى داخل أميركا اللاتينية بدأت تتغير.

بيترو اعتبر أن القصف الأميركي “انتهاك للسيادة الوطنية” وأمر أجهزته الأمنية بقطع الاتصالات كافة مع الوكالات الأميركية إلى حين توقف الهجمات.

إعلان

فنزويلا تعبّئ نفسها

في المقابل، تبنّت حكومة الرئيس نيكولاس مادورو خطابًا تعبويًا، معلنةً عن استعداد شامل للقوات المسلحة تحسبًا لأي هجوم.

التقارير أشارت إلى أن فنزويلا بدأت بنشر أسلحة روسية قديمة وتدرس تنفيذ ما سمّته “المقاومة المطوّلة”، وهي خطة دفاعية تعتمد على حرب العصابات وتخريب المنشآت الحيوية في حال وقوع هجوم بري أو جوي.

لكن مصادر مقربة من المؤسسة العسكرية الفنزويلية أكدت أن الجيش يعاني من نقص في التدريب وضعف في الإمدادات، وأن بعض القادة باتوا يتفاوضون مع منتجي الأغذية لتأمين وجبات لجنودهم، ما يعكس هشاشة الاستعدادات العسكرية مقارنةً بالقوة الأميركية الضخمة المنتشرة في الكاريبي.

واشنطن بين إثبات الهيمنة وتجنّب الانفجار

الولايات المتحدة من جهتها تبرر عملياتها بأنها “حرب على تهريب المخدرات”، غير أن طبيعة الأهداف ومستوى القوة المستخدمة يوحيان بأنها رسالة ردع مباشرة إلى مادورو.

أما تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن احتمال “عمليات برية قادمة” — رغم نفيه لاحقًا — فقد زادت الشكوك حول نيات واشنطن الحقيقية.

يبدو أن واشنطن تسعى إلى تأكيد حضورها العسكري والسياسي في المنطقة بعد سنوات من التراجع، لكنها تدرك أيضًا أن أي تصعيد ميداني قد يدفع موسكو وبكين إلى التدخل غير المباشر، ما يفتح الباب على مواجهة أوسع.

انعكاسات إقليمية محتملة

تصرف كولومبيا الأخير لا يعني مجرد موقف عابر، بل يمثل بداية تصدع داخل المنظومة الأمنية الأميركية في أميركا اللاتينية.

وفي حال تبنّت دول أخرى مواقف مشابهة، قد تواجه واشنطن انكماشًا غير مسبوق في نفوذها جنوب القارة، خاصة مع تصاعد الأصوات المناهضة للتدخلات العسكرية الأجنبية.

وبينما تحاول فنزويلا استثمار الغضب الشعبي الداخلي لتعزيز تماسكها، يرى محللون أن البلاد غير قادرة فعليًا على مواجهة قوة الولايات المتحدة، وأن ما يجري هو “معركة رمزية” أكثر من كونه استعدادًا لحرب فعلية.

ما وراء الصراع في الكاريبي

ما يجري في الكاريبي اليوم ليس مجرد توتر أمني، بل إشارة على تغيّر ملامح النظام العالمي. فالدول الصغيرة التي كانت تعتمد على المظلة الأميركية بدأت تبحث عن استقلال قرارها، بينما تجد واشنطن نفسها مضطرة إلى استخدام القوة لإثبات حضورها في مناطق كانت تحت سيطرتها التامة.

فنزويلا، رغم ضعفها العسكري، تحاول أن تلعب دور الرمز للمقاومة في وجه “الإمبريالية”، مستفيدة من الدعم المعنوي من روسيا والصين. أما كولومبيا، فتمثل التحوّل الأخطر في السياسة اللاتينية الحديثة، إذ إن تمرّدها على الخط الأميركي قد يشجع دولًا أخرى على مراجعة تحالفاتها.

بالمحصلة، يظهر أن الولايات المتحدة تواجه مرحلة ما بعد الهيمنة التقليدية في نصف الكرة الغربي، حيث لم تعد القوة العسكرية وحدها كافية لضبط الإقليم. وقد يكون ما يحدث في الكاريبي اليوم بداية خريطة سياسية جديدة لأمريكا اللاتينية، تتقاطع فيها المصالح الدولية أكثر من أي وقت مضى.

المصدر:

وكالة رويترز، العربية، ووسائل إعلام أميركية ولاتينية.


قسم الأسئلة الشائعة

لماذا علّقت كولومبيا تعاونها الأمني مع الولايات المتحدة؟
لأن الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو اعتبر أن القصف الأميركي على قوارب في الكاريبي انتهاك للسيادة الوطنية، وأمر بوقف تبادل المعلومات مع واشنطن حتى توقف الهجمات.
ما طبيعة التعبئة التي أعلنتها فنزويلا؟
فنزويلا بدأت حشدًا عسكريًا واسعًا يشمل تجهيزات روسية قديمة ووحدات مقاومة داخلية، استعدادًا لرد محتمل على أي هجوم أميركي.
هل يمكن أن يتطور الوضع إلى حرب شاملة؟
من غير المرجّح حاليًا، إذ يبدو أن واشنطن تفضّل إبقاء الضغط في الإطار الرمزي دون خوض مواجهة ميدانية واسعة، خاصة في ظل انشغالها بملفات أخرى حول العالم.

شاركها.

منصة شاملة تقدم محتوى متنوعًا يجمع بين الأخبار الحديثة والمدونات التحليلية، بالإضافة إلى إحصائيات دقيقة، واختبارات تفاعلية، ومقاطع فيديو مبتكرة.

إعلان
Subscribe
Notify of
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
تعليقات داخلية
عرض كل التعليقات
إعلان
wpDiscuz
0
0
حابين نسمع رأيك، اترك تعليقك.x
()
x
Exit mobile version