النقاط الرئيسية
- العلماء يكتشفون حاسة سادسة تُعرف بالإدراك الداخلي.
- تسمح هذه الحاسة للدماغ بمراقبة الأعضاء الداخلية باستمرار.
- لها تأثير مباشر على العواطف، المناعة، والقرارات السلوكية.
- قد تمهد الطريق لعصر جديد من الطب الشخصي الذكي.
لطالما اعتقدنا أن الإنسان يمتلك خمس حواس فقط، تُتيح له التفاعل مع العالم من حوله: البصر، السمع، الشم، التذوق، واللمس. لكن يبدو أن هذا المفهوم لم يعد دقيقًا كما كنا نظن. فالعلم الحديث يفتح الآن نافذة جديدة على “الحاسة السادسة” — الإدراك الداخلي، وهي قدرة الدماغ على قراءة ما يجري داخل الجسم في كل لحظة.
ما هي الحاسة السادسة فعلًا؟
الإدراك الداخلي (Interoception) هو نظام حسي داخلي، لا يكتشف الأصوات أو الألوان، بل يرصد التغيرات الدقيقة في عمل أعضائنا. من خلال هذه الحاسة، يعرف الدماغ أن القلب ينبض بسرعة، أو أن المعدة فارغة، أو أن الجسم بحاجة إلى الماء أو الراحة. بكلمات أخرى، إنها “لغة الجسد” التي يتحدث بها إلى الدماغ دون أن ندري.
ويقول الباحث شين جين من معهد سكريبس للأبحاث في الولايات المتحدة:
“الإدراك الداخلي هو الرابط المفقود بين الجسد والعقل، وهو أساس لفهم الصحة النفسية والبدنية معًا.”
المعهد حصل مؤخرًا على منحة ضخمة قدرها 14.2 مليون دولار من المعاهد الوطنية للصحة الأمريكية لدراسة هذا النظام الغامض، بهدف رسم أول أطلس عصبي للجهاز الحسي الداخلي.
بين العواطف والمناعة
ما يميز هذا الاكتشاف أنه لا يقتصر على الجسد، بل يمتد إلى المشاعر والسلوك.
تشير دراسات من جامعة لندن إلى أن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات في الإدراك الداخلي غالبًا ما يواجهون صعوبة في تمييز مشاعرهم أو تنظيم انفعالاتهم، مما قد يؤدي إلى القلق أو اضطرابات الأكل.
فعلى سبيل المثال، قد يفسر الدماغ تسارع نبضات القلب كتوتر، لا كمؤشر طبيعي على النشاط، فيبدأ الجسم في إفراز هرمونات القلق دون داعٍ.
وهنا يتضح أن خللًا في “لغة الجسد الداخلية” يمكن أن يؤدي إلى سلسلة من التفاعلات النفسية غير المتوقعة.
من الطب النفسي إلى الطب الشخصي
هذا المفهوم الجديد قد يغيّر وجه الطب الحديث، إذ يرى العلماء أن فهم الإشارات الداخلية للجسد يمكن أن يمهّد الطريق لعصر الطب الشخصي الدقيق. فبدلًا من انتظار ظهور الأعراض الخارجية، يمكن تحليل إشارات الإدراك الداخلي للكشف المبكر عن الالتهابات المزمنة، أمراض المناعة، أو حتى الاكتئاب.
وتعمل فرق بحثية حول العالم على تطوير أجهزة استشعار يمكنها قراءة هذه الإشارات بدقة، وربطها بتحليلات الذكاء الاصطناعي لتوقع الاضطرابات قبل أن يشعر بها المريض.
كيف يتفاعل الناس مع الفكرة؟
انتشرت أخبار هذا الاكتشاف بسرعة على مواقع التواصل، وعبّر كثير من المستخدمين عن دهشتهم من فكرة أن “الجسد يتحدث بالفعل”، فيما رأى آخرون أنها تفسر ظواهر كالشعور المفاجئ بالخطر أو القلق دون سبب ظاهر.
حتى في مجالات مثل اليوغا والتأمل، رحّب المدربون بالمفهوم الجديد مؤكدين أنه يعطي تفسيرًا علميًا لحالة الانسجام بين العقل والجسد التي يسعون لتحقيقها منذ قرون.
عندما نصغي لأنفسنا حقًا
إذا تمكن العلماء من فك شفرة هذه “الحاسة السادسة”، فقد نصل إلى مرحلة يستطيع فيها الإنسان رصد حالته النفسية والجسدية من الداخل، مثلما نراقب نبضات القلب أو ضغط الدم اليوم. قد تصبح تطبيقات الهواتف الذكية قادرة على تحليل إشارات الإدراك الداخلي وتنبيه المستخدم قبل حدوث أزمة صحية أو نوبة قلق.
إنه عالم جديد من الطب الذاتي الواعي، حيث يصبح كل فرد أكثر اتصالًا بجسده من أي وقت مضى.
المصدر:
معهد سكريبس للأبحاث – المعاهد الوطنية للصحة الأمريكية – جامعة لندن
