التنفس أكثر من مجرد عملية بيولوجية
نحن نتنفس كل يوم آلاف المرات دون أن نلقي بالًا لكيفية تنفسنا. لكن ماذا لو كان نمط تنفسك يحمل توقيعًا فريدًا مثل بصمة إصبعك؟ هذا ما اكتشفه فريق من الباحثين في معهد وايزمان للعلوم، حيث توصلوا إلى أن أنفاس الإنسان قد تكون المفتاح الجديد لتحديد الهوية وتشخيص الحالة النفسية بدقة غير مسبوقة.
نمط التنفس كوسيلة لتحديد الهوية
في دراسة نشرت في مجلة Current Biology، صمم الباحثون جهازًا خفيفًا يُرتدى على الأنف، يتابع تدفق الهواء أثناء الشهيق والزفير باستخدام أنابيب مرنة موضوعة أسفل فتحتي الأنف. قاموا بمراقبة أنماط تنفس 100 شخص بالغ خلال أنشطتهم اليومية، وسجلوا 24 مؤشرًا تنفسيًا لكل مشارك.
النتيجة؟ تبيّن أن نمط التنفس فريد لكل فرد، ويكفي تسجيل ساعة واحدة فقط للحصول على “بصمة تنفسية” دقيقة تصل إلى 96.8%. والأهم من ذلك أن استمرار المراقبة يزيد من دقة تحديد الهوية.
ليس مجرد هوية.. بل حالة صحية ونفسية
البيانات التي جمعها الفريق كشفت ما هو أعمق من الهوية. فقد أظهرت أن نمط التنفس يعكس مؤشرات صحية ونفسية، مثل:
- مؤشر كتلة الجسم (BMI)
- جودة النوم
- دورات الاستيقاظ والنوم
- مستويات القلق
- السمات السلوكية الفردية
على سبيل المثال، الذين أبلغوا عن شعورهم بالقلق أظهروا نمطًا تنفسيًا أسرع وأكثر تقلبًا أثناء النوم، ما يشير إلى أن التنفس قد يكون مرآة دقيقة للحالة النفسية للفرد.
هل نتحكم بأنفاسنا أم تتحكم بنا؟
أحد الباحثين، نعوم سوبل، أشار إلى احتمال وجود علاقة ثنائية الاتجاه بين التنفس والمزاج، قائلًا:
“قد نعتقد أن القلق يغير طريقة تنفسنا، لكن من المحتمل أيضًا أن طريقة تنفسنا تؤثر في مزاجنا.“
وهذا يفتح بابًا جديدًا لفكرة بسيطة ولكنها ثورية: يمكن تعديل الحالة النفسية من خلال تعديل نمط التنفس. تمامًا كما تفعل تمارين التنفس العميق أو التأمل، لكن هذه المرة معتمدًا على بيانات علمية دقيقة.
التحديات التقنية والتطبيقات المستقبلية
رغم النتائج الواعدة، لا تزال هناك بعض التحديات:
- الجهاز الحالي لا يقيس التنفس الفموي
- الأنابيب قد تنفصل أثناء النوم أو الحركة
لكن الفريق يعمل حاليًا على تطوير نسخة أكثر راحة يمكن ارتداؤها بسهولة خلال اليوم وحتى أثناء النوم، لتكون مناسبة للاستخدام طويل الأمد.
كما بدأ الباحثون في محاكاة أنماط التنفس الصحية على أمل استخدامها كعلاج محتمل للحالات النفسية مثل القلق والاكتئاب.
مستقبل التنفس في خدمة الطب والهوية
هذا الاكتشاف يسلط الضوء على أهمية ما كنا نعتبره تلقائيًا وبسيطًا. فالتنفس لا يحافظ فقط على الحياة، بل قد يكشف عن تفاصيل دقيقة حول هويتنا وصحتنا النفسية. في المستقبل، قد يصبح تحليل التنفس جزءًا أساسيًا من تشخيص الطب النفسي، وربما حتى وسيلة لتسجيل الدخول إلى أجهزتنا أو تحديد هويتنا الأمنية.
المصدر:
مجلة Current Biology – معهد وايزمان للعلوم
أسئلة شائعة حول نمط التنفس:
| السؤال | الجواب |
|---|---|
| هل يمكن استخدام نمط التنفس لتحديد الهوية؟ | نعم، أظهرت الدراسة أن كل شخص يمتلك نمط تنفس فريد يمكن استخدامه لتحديد الهوية بدقة 96.8%. |
| هل نمط التنفس يعكس الحالة النفسية؟ | نعم، حيث لوحظ وجود علاقة بين أنماط التنفس ومستويات القلق وجودة النوم. |
| هل يمكن أن يؤثر التنفس على المزاج؟ | حسب الباحثين، من الممكن أن تعديل طريقة التنفس قد يؤثر إيجابيًا على الحالة النفسية. |
| هل الجهاز المستخدم عملي؟ | الجهاز لا يزال قيد التطوير، والنسخة الحالية تحتاج تحسين لتكون أكثر راحة ودقة. |
| ما التطبيقات المستقبلية لهذا الاكتشاف؟ | من المحتمل استخدامه في تشخيص الحالات النفسية، تحسين جودة النوم، وتحديد الهوية البيومترية. |
