في صباح يوم الأربعاء، شهد الوسط الفني في تركيا مفاجأة كبيرة: استدعاء مجموعة من أبرز الفنانين ومشاهير وسائل التواصل للتحقيق معهم وإجراء اختبارات دم ضمن إطار تحقيق يتعلق بتعاطي المخدرات أو المنشطات. القرار، الذي أعلنته نيابة إسطنبول، فجر موجة من التكهنات والردود بين الجمهور والإعلام.
من هم المعنيون وما طبيعة الاتهامات؟
وفقًا لبيانات النيابة العامة، التحقيق يطال أشخاص يُشتبه في استخدامهم مواد مخدرة أو منشّطة، وليس المتاجرة بها بالضرورة.
من بين الأسماء التي وردت في التقارير:
- المغنيات: إيرم ديريجي، هاديسه، زينت صالي
- المؤثرات عبر وسائل التواصل: دويغو أوزاصلان، ديرين تالو
- نجوم الدراما والتمثيل: كوبيلاي آكا، قان يلديريم، بيرّاك توزونأتاش، ديميت أفشار، زينب مريتش أرال كسكين، أوزغه أوزبيرينتشي، ميرت يازجي أوغلو، بيرجه أتالاي، متين أقدولغير، سيرين موراي أورجان
- وأيضًا اسم المحامية فايزا ألتون ورد ضمن القائمة في بعض التقارير
قليلة هي الجهات التي أكدت رسمياً توقيف هذه الأسماء؛ بل السلطات أكدت أنها استدعاء للتحقيق وأخذ عينات الدم، مع احتمال الإفراج عنهم فور انتهاء الفحوصات الأولية.
هذه الحملة ليست الأولى من نوعها في تركيا، فقد سبق أن واجه بعضها من الأسماء المذكورة اتهامات في قضايا مشابهة، مثل بيرّاك توزونأتاش التي سبق أن تم الحكم عليها بالسجن 20 شهرًا بتهمة التعاطي عام 2017.
ردود الفعل والمواقف الأولية
منذ إعلان الخبر:
- محامية إيرم ديريجي صرّحت بأنها لم تتلقَ إخطارًا رسميًا بمضمون التهم، وأن موكلتها ستلتزم بالتحقيقات القانونية عند طلبها.
- محامي زينت صالي أدلى بتصريح ينفي تورط موكلته، مشيرًا إلى أنها لم تدخّن قطّ، وأن استدعاءها جاء “عن طريق الخطأ” بحسب وصفه.
- عبر وسائل التواصل، انقسم الرأي: بعض المتابعين دعموا فرضية “البراءة حتى تثبت الإدانة”، بينما رأى آخرون أن الحملة قد تكون سياسية في العمق، خاصة في ظل تضييق الحكومة التركية على بعض الأصوات الفنية وانتقادها العام.
- الصحافة التركية وصفت الحملة بأنها “أكبر حملة استدعاء للفنانين بسبب المخدرات” في البلاد مؤخرًا.
ما وراء الاستدعاءات؟
البعد القانوني
القانون التركي يعترف بفروقات بين الاستخدام الشخصي والترويج أو الاتجار بالمخدرات. في حالة استخدام أحدهم كمستهلك فقط، قد يُحوّل الأمر إلى مسار علاجي أو متابعات طبية، وليس دائمًا عقوبة السجن.
لكن اللافت أن الحملة ضمّت أسماء كثيرة وذات شهرة واسعة، ما يُثير تساؤلات عن مدى دقة الاستهداف أو وجود ضغوط لتسليط الضوء على قضايا الفن والسياسة.
البعد الاجتماعي والإعلامي
في عصر “الشهرة الرقمية”، يرتبط كل تحرّك لفنان أو مؤثر برد فعل فوري عبر الجمهور وقنوات الإعلام. استدعاء نجوماً معروفين يفتح الباب على التشكيك في مصداقية الوسط الفني ككل، وقد يُرفع سقف الانتقادات للرموز في المجتمع.
هذا الأمر قد يدفع الفنانين إلى تبني مواقف أكثر حذرًا أمام جمهورهم، أو التعامل بعناية مع سمعتهم الرقمية.
الأبعاد السياسية المحتملة
في السنوات الأخيرة، شهدت تركيا توترات بين السلطات والفنّانين الذين يُعبّرون عن مواقف سياسية أو ينتقدون بشكل غير مباشر بعض السياسات. بعض المراقبين ينظرون إلى الحملة بأنها قد تُستخدم كآلية ضغط رمزية لإرساء سيطرة إعلامية أو إخضاع لبعض الأصوات.
ما المتوقع في المستقبل؟ نظرة تحليلية
- نتائج الفحوصات وتفاوت الأحكام
من المرجّح أن تظهر نتائج الدم بعد أيام أو أسابيع. ربما يُفرج عن البعض بغياب أدلة قوية، في حين قد يُرفع الملف للبعض الآخرين إذا ثبت وجود مواد محظورة. هذا التفاوت قد يؤدي إلى تطبيق انتقائي للعقابات، ما قد يُلهب الجدل حول العدالة والمساواة. - تداعيات مهنية للشخصيات المعنية
حتى لو بُرّئ البعض أو تم التعامل مع الأمر كخطأ إداري، فإن تضرر السمعة يبقى واردًا. قد يخسر بعضهم عقودًا فنية أو رعايات، وقد يُعاد النظر في عرض مشاريع قادمة معهم. - ضغط على الوسط الفني للتقارب مع “الخط الرسمي”
قد تزيد السلطات رقابتها على المحتوى الفني وتفرض ضوابط جديدة، أو تشجّع على أن يكون الفن أقل جرأة سياسيًا أو اجتماعيًا، حفاظًا على “صورة النظام”. - ردود فعل الجمهور والمتابعين
بعض المعجبين قد يتشبثون ببراءة نجومهم، بينما يغادر جمهور البعض الآخر إذا رُبط اسمه بفضيحة. في عصر المؤثرين، السمعة الرقمية لها وزن كبير في مستقبل الفنان. - فتح ملفات أخرى لاحقًا؟
قد تكون هذه الحملة بداية لسلسلة من التحقيقات في الوسط الفني، أو تستخدم كدرس إعلامي عام بأن السلطات قادرة على المساس بأي شخصية فنية في أي وقت.
المصدر:
- وكالات صحفية تركية
- وكالة AP
- تقارير إعلامية تركية حول قائمة الأسماء والتحقيقات