النقاط الرئيسية
- مبيعات الأسلحة الأميركية لإسرائيل تجاوزت 32 مليار دولار منذ أكتوبر 2023.
- شركات مثل بوينغ ولوكهيد مارتن وجنرال دايناميكس حققت أرباحًا غير مسبوقة.
- التمويل العسكري الأميركي لإسرائيل تضاعف إلى 6.8 مليارات دولار سنويًا.
- أسهم شركات الدفاع ارتفعت بأكثر من 15% خلال عام واحد.
- اللوبي الصناعي العسكري يعيد تشكيل سياسات واشنطن الخارجية.
🇺🇸 الاقتصاد يزدهر على رماد المأساة
بينما تنشغل وسائل الإعلام بتغطية المشهد الإنساني الكارثي في غزة، تدور خلف الكواليس قصة مختلفة تمامًا — قصة اقتصاد حرب مزدهر تغذّيه الشركات الأميركية العملاقة.
فبحسب وول ستريت جورنال، تجاوزت مبيعات السلاح الأميركية لإسرائيل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 32 مليار دولار، وهو رقم يعادل ضعف المساعدات العسكرية التقليدية التي اعتادت واشنطن تقديمها سنويًا.
بوينغ وحدها حصلت على صفقات بقيمة 26 مليار دولار، تشمل طائرات “إف-35” وقنابل ذكية موجهة، فيما اقتسمت شركات مثل نورثروب غرومان وجنرال دايناميكس وكاتربيلار الحصة المتبقية من العقود المتعلقة بالمركبات والجرافات والدبابات.
اقتصاد الحرب: أرباح في زمن النزاع
منذ اندلاع الحرب، ارتفعت أسهم شركات الدفاع الأميركية بنسبة تتجاوز 15% في المتوسط، وفق بيانات Bloomberg Defense Index.
الطلب المتزايد على الذخائر والأنظمة الجوية الموجهة دفع المصانع للعمل على مدار الساعة، في وقت كانت فيه شركات مثل بوينغ تعاني من أزمات إنتاج وإضرابات.
هكذا تحوّل النزاع المسلح إلى منقذ اقتصادي لكبرى الشركات، وأداة لاستعادة ثقة المستثمرين.
أما دافعو الضرائب الأميركيون، فهم من يتحمّلون العبء المالي لهذا الازدهار، بعد أن قفزت المساعدات العسكرية لإسرائيل من 3.3 مليارات إلى 6.8 مليارات دولار سنويًا، دون احتساب الدعم اللوجستي والتمويل غير المباشر.
اللوبي الصناعي: صانع القرار الخفي في واشنطن
يقول الخبير الاقتصادي ويليام هارتنغ، المتخصص في دراسات اللوبي العسكري الأميركي:
“منذ عقود، لم تعد الحروب مجرد قرارات سياسية، بل مشاريع استثمارية تُدار من غرف الاجتماعات قبل غرف العمليات.”
ويضيف أن “اللوبي الصناعي العسكري يمتلك تأثيرًا مباشرًا على الكونغرس، وغالبًا ما يُستخدم مفهوم الأمن القومي لتبرير صفقات بمليارات الدولارات دون مساءلة حقيقية.”
هذا النفوذ جعل صفقات الأسلحة تمر بسلاسة حتى وسط الانتقادات الدولية، إذ تبرر واشنطن مبيعاتها بأنها دفاع عن الحليف الإستراتيجي “إسرائيل”، بينما تزداد عائدات الشركات كلما طال أمد الصراع.
صمت الضمير العالمي ومفارقة المساعدات
ورغم الأرقام المفزعة التي تتحدث عن مقتل أكثر من 68 ألف فلسطيني، فإن تدفق العقود العسكرية لم يتوقف.
بل إن بعض الشركات الأمنية والإنسانية الأميركية دخلت خط “المساعدات” الممولة من واشنطن، ما جعل حتى الإغاثة تتحول إلى سوق ربحية.
في المقابل، أوقفت دول أوروبية مثل ألمانيا تصدير المعدات العسكرية التي يمكن استخدامها في غزة، فيما انسحبت صناديق استثمارية نرويجية وهولندية من التعامل مع شركات دفاع متهمة بالمشاركة في الحرب.
لكن هذه الخطوات بقيت رمزية، أمام آلة مالية وسياسية ضخمة تُعيد تعريف معنى الحرب والربح.
قراءة في معادلة المال والدم
يبدو أن حرب غزة رسّخت معادلة قديمة متجددة: كل حرب طويلة، هي اقتصاد مزدهر لشركات السلاح الأميركية.
فبين اقتصاد متعطش للعقود، ولوبي صناعي يملك مفاتيح القرار، وضمير عالمي منشغل بالتصريحات أكثر من الأفعال، تتكرّر المعادلة نفسها التي رأيناها في أفغانستان والعراق وأوكرانيا.
السؤال الآن: هل يمكن فصل القرار العسكري الأميركي عن مصالح الشركات؟
الإجابة المؤلمة — كما يرى كثير من المحللين — هي أن اقتصاد الحرب بات جزءًا من هوية واشنطن الحديثة.
الحرب ليست فقط مأساة بشرية، بل أيضًا مرآة تُظهر وجه العالم الاقتصادي كما هو — بلا مكياج.
فكل قنبلة تُلقى، هناك سهم يصعد في وول ستريت.
المصدر:
وول ستريت جورنال
