النقاط الرئيسية
- ترامب نشر فيديو ساخر مولّد بالذكاء الاصطناعي رداً على مظاهرات ضده.
- الفيديو أثار جدلاً واسعاً بسبب دلالاته السياسية والرمزية.
- استخدام الذكاء الاصطناعي في الخطاب السياسي يفتح باباً لتحديات أخلاقية جديدة.
بينما امتلأت الشوارع الأميركية بعشرات الآلاف من المتظاهرين احتجاجًا على ما وصفوه بسياسات “استبدادية”، اختار الرئيس دونالد ترامب أن يردّ بطريقته الخاصة: فيديو ساخر مولّد عبر الذكاء الاصطناعي.
نشر ترامب على حسابه في منصة “تروث سوشيل” مقطعًا يُظهره وهو يقود طائرة ترمي القذارات على المحتجين في ساحة تايمز سكوير، في مشهد فانتازي أثار موجة واسعة من الجدل داخل الأوساط الإعلامية والسياسية.
ردّ رقمي لا تقليدي
لم يكتفِ ترامب بالصمت تجاه المظاهرات التي عمّت نيويورك وواشنطن، بل استخدم الذكاء الاصطناعي كسلاح رمزي ضد خصومه، في خطوةٍ تمزج بين السخرية السياسية والدعاية الذكية.
هذا الأسلوب ينسجم مع طريقته القديمة في تحويل كل أزمة إلى عرض إعلامي يستقطب الأنظار، لكنه يفتح أيضًا الباب أمام تساؤلات حول حدود استخدام AI في السخرية السياسية، خصوصًا مع تصاعد النقاش حول التضليل البصري و”الفيديوهات المزيفة العميقة” (Deepfakes).
النائب فانس يكرّس صورة “الزعيم الملك”
تزامن ذلك مع نشر نائبه جي دي فانس على منصة “بلو سكاي” مقطع فيديو آخر لترامب يظهر فيه مرتديًا تاجًا ورافعًا سيفًا. لم يعلّق فانس على الاحتجاجات، لكنه كرّس صورة الزعيم القوي في نظر مؤيديه — صورةٌ تتناقض مع قول ترامب نفسه قبل أيام: “يصفونني بالملك، وأنا لست ملكًا”.
هذا التناقض المقصود يلمّح إلى استراتيجية تسويقية مزدوجة: إظهار ترامب كرمزٍ للقوة أمام أنصاره، وفي الوقت نفسه كضحيةٍ “مضطهدة” من قبل النظام السياسي والإعلامي.
احتجاجات ضخمة ومشهد احتفالي
بحسب وكالة رويترز، امتلأت ساحة تايمز سكوير في نيويورك بأكثر من 100 ألف متظاهر من مختلف الأعمار والخلفيات، رافعين لافتات ومجسمات ضخمة لترامب. الاحتجاجات امتدت إلى واشنطن وعدة مدن أخرى، في أجواء وُصفت بأنها “كرنفالية وسلمية” في آنٍ واحد.
الشرطة لم تسجّل أي اعتقالات، فيما اعتبر مراقبون أن المظاهرات تعبّر عن قلق متنامٍ من سياسات ترامب الصارمة في الهجرة، والإعلام، والتعليم، والقضاء.
“لا للملوك”.. 7 ملايين أمريكي يشاركون في أضخم مسيرات مناهضة لترامب
شارك 7 ملايين شخص في جميع أنحاء الولايات المتحدة في احتجاجات “لا للملوك” الثانية ضد الرئيس دونالد ترامب، مسجلين بذلك أكبر مظاهرة في يوم واحد ضد رئيس في السلطة في التاريخ الحديث. pic.twitter.com/LwvbOprp9G— سليمان الفهد (@SulaimanALFAHD1) October 19, 2025
السخرية كسلاح سياسي جديد
يبدو أن ترامب فهم اللعبة الإعلامية أكثر من أيٍّ من خصومه. فهو لا يسعى فقط إلى الرد، بل إلى تحويل السخرية إلى أداة تعبئة — يثير بها غضب معارضيه ويُشعل حماس مؤيديه في الوقت نفسه.
الفيديو المولّد عبر AI ليس مجرد “مزحة رقمية”، بل جزء من حملة رمزية تهدف لتصوير ترامب كقائدٍ يتحكم بالمشهد السياسي والإعلامي بأدوات العصر الرقمي.
لكن استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا الشكل السياسي يثير أيضًا مخاوف من مستقبلٍ تصبح فيه الحقيقة نفسها قابلة للتلاعب البصري.
إلى أين يتجه المشهد الأميركي؟
في ظل تصاعد الانقسام السياسي والاجتماعي، يبدو أن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءاً من أدوات الحرب الخطابية في أميركا.
فمنصات التواصل لم تعد فقط ساحات نقاش، بل تحولت إلى مختبرات لصناعة الصورة السياسية — حيث كل مقطع فيديو، حتى وإن كان ساخرًا، قد يعيد رسم المزاج العام للناخبين.
ترامب يدرك هذا جيدًا، ويبدو أنه يستعد لجعل حملته المقبلة عرضًا رقمياً كاملاً، عنوانه: “السياسة كمسرح، والذكاء الاصطناعي كمخرج”.
