تسارعت في السنوات الأخيرة التحذيرات من آثار التغير المناخي، ليس فقط على البشر والأنظمة الاقتصادية، بل على الحياة البرية بأكملها. ومع تزايد الكوارث البيئية وارتفاع درجات الحرارة، بات من الضروري طرح تساؤل جوهري: إلى أي حد يؤثر تغير المناخ على بقاء الكائنات الحية؟ دراسة جديدة نشرتها مجلة Bioscience تقدّم إجابة واضحة وصادمة.
التغير المناخي يتصدّر أسباب الانقراض
نتائج الدراسة:
حلّل الباحثون بيانات 2766 نوعًا مهددًا في الولايات المتحدة، وخلصوا إلى أن 91% منها يتأثر بشكل مباشر أو غير مباشر بالتغير المناخي، ما يجعله الخطر الأكبر على التنوع البيولوجي، متجاوزًا لأول مرة عوامل أخرى مثل:
- تغير استخدام الأراضي والبحار
- الاستغلال المفرط للكائنات
- التلوث
- الأنواع الدخيلة (المجتاحة)
مثال: الشعاب المرجانية في فلوريدا تعاني من ابيضاض جماعي نتيجة لارتفاع حرارة المياه، وهو ما يقلل من تنوع الحياة البحرية ويؤثر على سلاسل الغذاء بأكملها.
إحصائيات محدثة حول تأثير التغير المناخي على التنوع البيولوجي
1. 91% من الأنواع المهددة بالانقراض في الولايات المتحدة باتت تتأثر مباشرة بالتغير المناخي، بحسب دراسة مجلة Bioscience لعام 2024.
2. وفقًا لتقرير IPBES التابع للأمم المتحدة:
- مليون نوع من الكائنات الحية مهدد بالانقراض خلال العقود القادمة.
- تم فقدان أكثر من 75% من التنوع البيولوجي في بعض المواطن الطبيعية منذ عام 1900.
3. الشعاب المرجانية:
- فقدت أكثر من 50% من تغطيتها العالمية منذ عام 1950.
- تُتوقع خسارة 90% من الشعاب المرجانية بحلول عام 2050 إذا لم يتم تقليل انبعاثات الكربون.
4. انقراض الكائنات:
- معدل الانقراض الحالي أعلى بـ 100 إلى 1000 مرة من المعدلات الطبيعية، بسبب الأنشطة البشرية وتغير المناخ.
5. ارتفاع حرارة الأرض:
- شهدت الأرض زيادة في متوسط درجات الحرارة بمقدار 1.1 درجة مئوية منذ عصر ما قبل الصناعة.
- كل زيادة بمقدار نصف درجة مئوية إضافية تعني فقدان المزيد من الأنواع بنسبة تصل إلى 20% إضافية.
خطر مركب يهدد الحياة البرية
تشابك العوامل:
أكدت الدراسة أن 86% من الأنواع تواجه مزيجًا من هذه المخاطر، لا سيما:
- البرمائيات التي تفقد بيئاتها الرطبة.
- الرخويات التي تتأثر بزيادة الحموضة في المحيطات.
- الشعاب المرجانية التي تختفي بسبب تغيرات درجة الحرارة.
هذا التداخل يضاعف من أثر كل عامل، ويجعل التعامل مع التغير المناخي وحده غير كافٍ.
الثغرات في السياسات البيئية الحالية
نقص التقييمات:
الدراسة كشفت أن الكثير من الأنواع لا يتم تقييم حساسيتها للتغير المناخي بشكل كافٍ، مما يعني أن حجم الخطر غالباً ما يكون أقل مما هو عليه فعلياً في الوثائق الرسمية.
مثال توضيحي: بعض الأنواع المهددة لا يتم تحديث وضعها منذ سنوات، في حين أن الظروف البيئية المحيطة بها تغيرت جذرياً خلال نفس المدة.
توصيات العلماء: آن أوان التحرك الجاد
أهم التوصيات:
- إدراج حساسية الأنواع للتغير المناخي بشكل صريح في خطط الحماية.
- مراجعة وتحديث تقييمات المخاطر بشكل دوري.
- عدم انتظار البيانات الكاملة لاتخاذ قرارات الحماية.
- اعتماد مقاربة شاملة ومتكاملة تربط بين العوامل الخمسة جميعها.
رأي موقع ميتالسي: التغير المناخي ليس ملفًا بيئيًا فقط، بل تحدٍ وجودي يشمل الأمن الغذائي، والاستقرار الاقتصادي، والتوازن الإيكولوجي العالمي. تجاهل تأثيره اليوم يعني دفع أثمان مضاعفة غدًا. الحل لا يكمن في أبحاث جديدة فقط، بل في إرادة سياسية وتنفيذية تقود تحركًا عالميًا عاجلاً.
أسئلة شائعة حول التغير المناخي:
ما تأثير التغير المناخي على الشعاب المرجانية؟
ارتفاع درجات حرارة البحار يؤدي إلى ابيضاض الشعاب وموتها، ما يُفقد المحيطات تنوعها البيولوجي.
ما أكثر الأنواع تضررًا من التغير المناخي؟
البرمائيات، الرخويات، الشعاب المرجانية، وبعض الطيور والكائنات البحرية.
لماذا يجب تحديث تقييمات المخاطر البيئية بانتظام؟
لأن البيئة تتغير بوتيرة سريعة، والتقييمات القديمة لا تعكس الواقع الحالي بدقة.
هل التغير المناخي يعمل بمعزل عن العوامل الأخرى؟
لا، بل يُفاقم تأثير العوامل الأخرى مثل التلوث والأنواع الدخيلة، ما يجعل الخطر مركبًا ومعقدًا.
خاتمة:
التغير المناخي لم يعد خطرًا مستقبليًا، بل واقعًا يوميًا يهدد ما تبقى من التوازن البيئي على كوكب الأرض. تجاهله أو تأجيل التعامل معه هو في حد ذاته قرار كارثي. وموقع ميتالسي يرى أن الوقت قد حان لإعادة التفكير جذريًا في سياساتنا البيئية، وتعزيز ثقافة الاستجابة الجماعية التي تبدأ من الأفراد، وتمتد إلى المؤسسات والحكومات.
