النقاط الرئيسية
- الناتو يدرس للمرة الأولى اعتماد ضربات سيبرانية استباقية ضد روسيا.
- الحلف يعتبر أن الهجمات الروسية تخطت الدفاع التقليدي وأصبحت حربًا هجينة متعددة الجبهات.
- أي رد عدواني قد يرفع خطر الاحتكاك المباشر بين الناتو وموسكو.
بين أوروبا وروسيا خطّ توتر لم يهدأ منذ سنوات، لكن النقاش الأخير داخل حلف الناتو بدا مختلفًا وأكثر حساسية. فبدل الحديث عن تعزيز الدفاعات أو تحسين أنظمة المراقبة، أصبح المسؤولون يناقشون احتمال الرد بـ أسلوب هجومي واستباقي على ما يسمّونه “الحرب الهجينة” الروسية.
هذه اللغة غير المعتادة من الحلف أعادت فتح ملف التوازن بين الردع والتصعيد، وأثارت أسئلة جديدة حول حدود الاشتباك في زمن تتحرك فيه الجيوش عبر الأكواد الإلكترونية قبل الطائرات.
لماذا تغيّر خطاب الناتو الآن؟
خلال الشهور الأخيرة، تزايدت الأحداث التي يعتبرها الحلف “استفزازات روسية”، بدءًا من الاختراقات السيبرانية للبنية التحتية الأوروبية، وصولًا إلى المسيّرات التي دخلت المجال الجوي البولندي دون تصريح. وبينما كان الناتو يتبع نهج الدفاع ورد الفعل، بدأ بعض قادته يرون أن هذا الأسلوب لم يعد كافيًا.
الأميرال جوزيبي كافو دراغوني قال بوضوح إن الحلف يجب أن يفكر “بشكل أكثر عدوانية”، وأن الضربة الاستباقية قد تعتبر دفاعًا مشروعًا إذا كانت هناك نوايا واضحة للهجوم.
علامات التصعيد التي دفعت الناتو لتغيير استراتيجيته
1) اختراقات سيبرانية متزايدة
استهدفت هجمات معقّدة وزارات، مطارات، وقطاع الطاقة في أكثر من دولة أوروبية، ما جعل تلك الهجمات جزءًا من معركة صامتة تستنزف قدرات الحلف.
2) اختراقات جوية متكررة
حادثة دخول 20 مسيّرة روسية للأجواء البولندية كانت نقطة التحول، إذ وجدت بولندا نفسها أمام قرار بإسقاط المسيّرات لأول مرة في تاريخ الناتو.
3) تنامي المخاوف من حرب هجينة شاملة
الحرب لم تعد تدار فقط على جبهات أوكرانيا؛ بل امتدت إلى شبكات الإنترنت، خطوط الكهرباء، والمجال الجوي.
مخاطر تبنّي الناتو موقفًا أكثر عدوانية
رغم أن بعض مسؤولي الحلف يرون أن الرد الهجومي ضرورة للردع، إلا أن هذا التوجه يحمل مخاطر كبيرة:
1) الانزلاق إلى مواجهة مباشرة مع روسيا
أي ضربة استباقية قد تفسرها موسكو بأن الناتو بدأ الحرب، ما يرفع احتمالات المواجهة.
2) غياب إطار قانوني واضح للهجمات الإلكترونية
لا توجد معايير دولية تحدد “متى” يصبح الهجوم السيبراني تهديدًا وجوديًا يستدعي الرد العسكري.
3) تفاوت مواقف أعضاء الناتو أنفسهم
بعض الدول مثل ألمانيا وإيطاليا تتحفظ على أي تحرك قد يفتح الباب لتصعيد غير محسوب.
كيف يمكن أن تتطور الأمور خلال الفترة القادمة؟
مع استمرار حرب أوكرانيا، وتزايد الاختراقات السيبرانية، يبدو أن الناتو يحاول إرسال رسالة مزدوجة:
طمأنة الحلفاء من جهة، وردع موسكو من جهة أخرى، دون الوصول إلى خط المواجهة المباشرة.
لكن هذا التوازن هشّ، وكل حادثة اختراق جوية أو سيبرانية جديدة قد تقرّب الحلف خطوة إضافية نحو سياسة هجومية لم نشهدها منذ تأسيسه عام 1949.
